دقة رد يسلم ولد أبن عبدم على موقع اتهمه بالفساد.. وملاحظات حول الموضوع...

على اثر اتهامات خطيرة بالفساد كان أحد المواقع الإعلامية قد ذكر أن السيد يسلم ولد أبن عبدم ارتكبها لما كان مديرا عاما للوكالة الموريتانية للإنباء ثم للتلفزة الموريتانية، حصلنا في موريتانيا المعلومة على البيان التالي الصادر عن المعني.. مرفوقا بصور قال إنها من" محضر تسليم العمل". ونورده فيما يلي متبوعا ببعض الملاحظات.  

بيان يسلم ولد أبن عبدم:

" وصف أحد المواقع تسييري لمؤسستي الوكالة الموريتانية للأنباء والتلفزة الموريتانية بالفساد وأكد أن حسابات هذه الأخيرة كانت دائما مدينة وأنها لم تدفع قط المستحقات المترتبة عليها للضرائب والتأمينات الاجتماعية.

لن أرد على هذا الادعاء إلا بالأرقام والوثائق. لقد سلمت العمل يوم 18 مايو 2005 والحالة المالية للتلفزة كالآتي:

أرصدة الحسابات:

في البنوك : 518 919 91 أوقية

في الخزينة العامة: 066 403 44 أوقية

الرصيد لدى الميزانية (تسيير واستثمار): 128 705 541 أوقية

أي ما مجموعه : 712 057 678 أوقية

الديون:

مجموع ديون المؤسسة: 701 384 24 أوقية

وكما يشهد على ذلك محضر تسليم العمل المرفقة صورة منه فإن جميع مستحقات الضرائب والضمان الاجتماعي مسددة وليست فيها أي متأخرات.

وفي الأخير أرجو من الإخوة الصحفيين التحقق من المعلومات من مصادرها قبل نشرها.

نواكشوط، 23 سبتمبر 2017

يسلم ولد أبن عبدم"

الملاحظات :

  •   الأرقام التي قدمها يسلم دقيقة جدا رغم أنها لا تشمل الهيئتين المعنيتين. هي و المحضر المتضمن لها يتعلقان  بتسييره للتلفزة ولا شيء فيهما حول فترة إدارة السيد يسلم للوكالة الموريتانية للإنباء. مما يجعلنا نتوقع منه في القريب العاجل نشر محضر التسليم المتعلق بهذه المؤسسة الأخيرة أو وثائق استدلالية أخرى حول تسييره لها.. علما انه ذكر أن تهمة الفساد الموجهة إليه قد طالتها، واعتبارا أيضا لكونه مهتم بالأرشيف المتعلق بتسييره وبالمحافظة عليه، كما يتبين ذلك من نشره للوثائق المرفقة.
  • خلافا لما هو معهود في هذا النوع من المواضيع الجدلية والردود المتعلقة بها، لم يذكر يسلم ولد ابن عبدم إسم الموقع الذي قال انه وصف تسييره لمؤسستي الوكالة الموريتانية للأنباء والتلفزة الموريتانية بالفساد، رغم خطورة الاتهامات ورغم دقة المعطيات التي استدل هو بها في تفنيده لتلك الإتهامات. ولا نعتقد أن تغاضيه عن ذكر الموقع المعني بالاسم جاء سترا لهذا الأخير و لا تهربا من الجدل، بل تقليلا فقط من قيمة ذلك الموقع - لئلا نقول ازدراء له. وهذا شكل بليغ من المحاججة والعتاب الخطيرين يعتمده من يعتقدون أنهم أعظم بكثير من الخصم الذي يعملون على دحض حججه.. متفادين بذلك إيهام المتلقي لخطابهم أيا كان (قارئ – مستمع)  بأنهم مع ذلك الخصم في نفس المستوى من الأهمية.
  • من الناحية السياسية لا نرى ضررا في التذكير بأن شغل يسلم لوظيفتي المدير العام للوكالة الموريتانية للأنباء ثم للتلفزة الوطنية كان في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد احمد الطايع، حيث كان الرجل يعتبر حينها من الشخصيات الإعلامية النافذة جدا - إن لم يكن أهمها على الإطلاق - نظرا لما كان يتمتع به من ثقة كبيرة لدى الرئيس السابق. وبعد ذلك فإنه عرف على العموم بوقوفه إلى جانب السلطة الحاكمة. وامتاز بصورة خاصة بدعمه المبكر والقوي للرئيس محمد ولد عبد العزيز فور إعلان هذا الأخير ترشحه للرئاسة عام 2009 (انظر الصورة).  أما اليوم، فإنه ابتعد كثيرا عن النظام وانضم إلى المنتدى - إحدى الهيئات السياسية المعارضة التي لا تبخل جهدا في بيان معاداتها الشديدة للرئيس محمد ولد عبد العزيز. وفي هذا الإطار فإنه دافع بأسلوب هجومي عن رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو العدو اللدود لولد عبد العزيز وعن من شملتهم تهم رشوة ذُكر فيها اسم ولد بوعماتو. تمثل دفاعه عنهم في محاولته تحويل التهمة إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز عملا بالمقولة الاستراتيجية المعروفة : "الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع". وقد هاجم رئيس الدولة فعلا لما قال أنه تلقى دعما ماليا من ولد بوعماتو.
  • لا نتذكر أن يسلم ولد أبن عبدم تطرق كثيرا في السابق لظاهرة الفساد رغم انتشارها الواسع في البلد ورغم كثرة الحديث عنها وخاصة حينما يكون الحديث والحملات الإعلامية تجري على أثر عمليات قمع ضد المفسدين قامت بها الدولة.. أيا كان الرئيس الحاكم وأيا كانت طبيعة عمليات الفساد المستهدفة. ونعتقد أن تدخله اليوم في ملفات الفساد هو ما دفع بالموقع الذي رد هو عليه إلى الرجوع إلى ماضيه الإداري ومحاولة بيان جوانب سلبية فيه تثير الشبهات حول ذلك الماضي من الناحية السياسية والأخلاقية. وكأن الموقع يقول له : "أنت تعمل على تسييس الملف.. ونحن كذلك.. ومن حيث يمكننا الإضرار بك".

غير أن الأرقام التي قدمها يسلم في رده دقيقة .. وإن كانت تقتصر على نصف التهم الموجهة له، أي : تهم الفساد المتعلقة فقط بتسييره للتلفزة. 

هذا مع كون جميع المعطيات - سواء الصادرة عنه أو الصادرة ضده - تأتي في جو يسوده في بلادنا التوظيف السياسي والاستقطاب الثنائي الشديدان بين الدولة وخصومها المتشددين من المعارضة الذين ينتمي يسلم إليهم في الوقت الراهن، ناهيك عن التضخيم الإعلامي لهذا النوع من المسائل ولغيره من القضايا الجدلية التي تُعنى بالشأن العام.. لدرجة تشوش على المتلقي.. مما يدفع بكثير من الناس إلى التحفظ من كل ما ينشر أو يقال اليوم.. حتى وإن كانت البراهين والأدلة المقدمَة تبدو ناصعة.  

البخاري محمد مؤمل

تصنيف: 

دخول المستخدم