خواطر حول لقاء غزواني بقيادة اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين

كان اللقاء الذي خص به رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني المكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين بداية هذا الأسبوع منعطفا جديدا في التعامل مع رواد الساحة الأدبية والثقافية من خلال هذه الهيئة الجامعة لسدنة  الحرف والإبداع والتي تعود جذور تأسيسها الأولى إلى السبعينيات من القرن الماضي على يد صفوة من الكتاب والشعراء واساطين الفن والثقافة جسدوا من خلال ذلك طموحهم الوثاب لرفعة وتألق بلاد شنقيط في جميع المحافل الثقافية خاصة عندما كان الأدباء الموريتانيون  آنذاك من جيل التأسيس الأول للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في مؤتمره الأول بليبيا عام 1976 

لقد تواصلت المسيرة والعطاء وظل الأديب الموريتاني في هذا الركن القصي من الوطن العربي متمسكا بهويته وجذوره وقيمه الثقافية الأصيلة بواد غير ذي زرع يشرب من كؤوس الضاد رحيق زلالها الصافي ومساهما بفكره وإبداعه وتطلعاته في بناء مجتمع الوحدة والإخاء والسلم في مختلف مراحل الزمن 

 لقد كان حديث الإثنين الماضي مع فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بدعوة كريمة منه لاتحاد الأدباء والكتاب في القصر الرئاسي شهادة حية على عمق النظرة لدى صاحب القرار الأول في البلاد حول الدور الرائد الذي يلعبه الفعل الثقافي بألوانه المختلفة في بناء الكيان الحقيقي للفرد والمجتمع الموريتاني في زمن العولمة المادية المتوحشة وسطوة القيم الاستهلاكية السائدة بين الناس وتراجع التحصين الفكري في عالمنا العربي اليوم أمام غوائل  الحداثة والاستلاب الحضاري الغربي بشكل كرس صورة نمطية تقليدية عن الأديب والمثقف عموما بأنه ذلك الشخص المهمش في محيط لا يهتم بالثقافة قمة وقاعدة وإنما بما بما يتم كسبه رهبا ورغبا ولو بتخطي الرقاب وتوسيع الفجوة بين الناس وأرباب القلم والكتاب 

ما معنى ان يدشن رئيس جمهورية منتخب بأغلبية أصوات الشعب الموريتاني وشخصية قوية معروفة في مفاصل الدولة الموريتانية منذ سنين عهدته الرئاسية في باكورتها الأولى بلقاء مفتوح لأكثر من ساعة مع أدباء وكتاب موريتانيا  من مختلف الأعراق والأجيال رغم انشغالاته الجمة وحساسية الملفات العديدة من حوله إن لم يكن ذلك توجها جديدا ورؤية مثل رؤية القطا لاستشراف  آفاق اخرى في مشروع برنامج تعهدات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي جعل فيه بشكل صريح للثقافة والفنون والشعر والأدب بصفة خاصة نصيبا معلوما من الرعاية والاهتمام عبر عنه السيد الرئيس في مستهل هذا اللقاء مع وفد اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين عندما اعلى من قيمة ومكانة وصورة موريتانيا الثقافية في وجداننا جميعا كأرض لإشعاع علمي مشهود  وممتد بلا حدود كان خير سفارة لنا بين الامس واليوم وهو السياق الذي يتنزل فيه يضيف رئيس الجمهورية الدور الهام الذي يقوم به اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين كمظلة للجميع تتميز بالتنوع والثراء المعبر عن الوحدة والانسجام في  إطار واحد 

ابهر رئيس الجمهورية الحضور بثقافته الواسعة وطرحه المستنير ورؤيته المتميزة للدور الذي يتطلع ان تلعبه هذه النخبة الثقافية الموريتانية في النهوض الحضاري الشامل مؤكدا أنه سيدعم الاتحاد في كل نشاط يقوم به ومتلقيا بصدر رحب لآراء واقتراحات الجميع منصتا باحترام ومهابة تشي أيضا بمستوى الرجل الأخلاقي الرفيع وادبه الجم وثقته الواضحة في موضوع هذا اللقاء الأول من نوعه بعد اكثر من عقد من الزمن لم تتهيأ فيه لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين هذه الفرصة التاريخية لمحاورة صاحب القرار الأول في البلاد عن قرب 

لقد  تقدم رئيس وأعضاء الاتحاد بمداخلات وعروض تناولت مختلف جوانب ومحطات مسيرة هذا الاتحاد خاصة في انطلاقته الجديدة مع المكتب الحالي نهاية العام 2016  وحصيلة الفعاليات والإنجازات التي حققها الاتحاد في الساحة المحلية إضافة إلى حضوره ومواكبته للقاءات  ومؤتمرات واجتماعات الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب العرب والدور الفاعل في هذا الإطار القومي الكبير لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين 

كان الرئيس  متجاوبا مع اهم الأفكار والاقتراحات التي تم تقديمها في النقاش المستفيض مع فخامته ولم يكن مدير ديوانه الذكي بتجربته الإدارية والدبلوماسية الثرة لتفوته تلك النقاط الجوهرية في حديث الرئيس وضيوفه من نوع آخر لم يعهده القصر الرمادي فكان برزانته المعهودة يسجل أبرز تلك النقاط الجوهرية في دفتر الملاحظات لديه وإن بدا صارما أحيانا في مسألة وقت بعض المداخلات بشكل غير مخل  ولا ممل 

لقد خرج الأدباء والشعراء من لقاء الرئيس في غاية الارتياح والشعور بالفخر والاعتزاز  فقد وجدوا كل مطالبهم التي طال عليها الزمن في ايد امينة وامام صدر منشرح ورحب  فنثروا كنانتهم باسم رئيسهم الدكتور محمدو ولد احظانا في حديث صحفي بالرئاسة تصريحا وتلميحا في الثناء والتعبير عن مستوى وقيمة هذا اللقاء ( حديث الإثنين ) : الرئيس واتحاد الأدباء وهم الذين لم يتعودوا من أحاديث القصر الرئاسي إلا حديث الخميس الذي تشد إليه الأنظار  فيملأ الدنيا ويشغل الناس لتطلع الكثيرين فيه إلى حصة من التعيينات حظ اهل الشعر والأدب منها كما جرت العادة سابقا  لا تتجاوز خفي حنين  إلا من رحم ربك !! ولكن بين حديث الإثنين وحديث الأربعاء صارت أمور مشتبهات في السياق والأنساق وإن اختلف الزمان والمكان 

ولعل من المفارقات الخاصة التي ميزت لقاء الرئيس بوفد الأدباء والكتاب الموريتانيين يوم الإثنين الماضي وهو ما يدل طبعا على أسلوب مختلف عند رئيس الجمهورية في نظرته لأصحاب القلم هو أنه عند حضورنا في الموعد كان الرئيس لا يزال مشغولا ببعض مهامه ولكن هناك شخصيات التقينا بهم في القصر الرئاسي ووصلوا قبلنا وينتظرون الدخول على السيد الرئيس وهم رجال أعمال معروفون وكنا نتحدث معهم وبحكم  الترتيب الزمني كانوا يتوقعون أن يبدأ الرئيس لقاءاته معهم اولا ثم يجتمع بوفد الاتحاد الذي كان يتكون من 15 عضوا تقريبا لكن فخامة الرئيس وبعد أن علم بحضورنا قرر ان يلتقي اولا برجال الأعمال الأدبية والثقافية ثم يلتقي برجال الأعمال الآخرين الذين قام أحدهم  بادب ولطف وهو السيد أحمد سالم ولد بون مختار مدير عام بنك الأمانة بإبلاغنا بأن رئيس الجمهورية قرر ان يسبق الأدباء اولا في اللقاء على غيرهم وهو سبق ادبي نشكره عليه خاصة عندما يتقدم في رئاسة الجمهورية على السبق الصحفي والاقتصادي في الدرجة الأولى 

جاء تشرين : 

لقد جسد فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني  في لقاء تشرين الأول  مقولة الشاعر  أبي تمام التي اختارها اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين شعارا أساسيا له : 

إن يَختَلِف ماءُ الوِصالِ فَماؤُنا 

               عَذبٌ تَحَدَّرَ مِن غَمامٍ واحِدِ

أَو يَختَلِف نَسَبٌ يُؤَلِّفُ بَينَنا 

                   أَدَبٌ أَقَمناهُ مَقامَ الوالِدِ

شكرا فخامة الرئيس على حسن الاستقبال وكرم الضيافة مع أننا ندرك طبعا ان حقوق الملكية الفكرية لهذه العبارة خاصة أصلا  بالرؤساء وليس الشعراء

وإلى أن يتجدد اللقاء 

تقبلوا منا كل التقدير والاحترام 

الشاعر والإعلامي : سيدي ولد الأمجاد*

---------------------------------------------------------

*  عضو المكتب التنفيذي للاتحاد؛ أمين العلاقات الخارجية .  

تصنيف: 

دخول المستخدم