بدأتْ التخمينات تنتشر حول اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس -تغمده الله برحمته الواسعة- بينما لم تنقض بعدُ إلا ساعات قليلة على وقوع الحدث. وقد لاحظتُ شخصيا أن ما يطفو منها بسرعة على الساحة الإعلامية يدعو إلى التريث وإلى التساؤل حول صحته ومقاصده الخفية.
فعلى سبيل المثال، أشك كثيرا في مصداقية الرواية الواردة عن مصادر إسرائيلية، أمنية وسياسية، تقول بأن الصاروخ الذي قتل اسماعيل هنية تم إطلاقه من غواصة إسرائيلية كانت في المياه الإقليمية الإيرانية[i].
لو كان الخبر صحيحا، لماذا تكشفه إسرائيل؟ وكأنها تخبر عدوتها الإيرانية عن الجهة التي يأتي منها التهديد لهذه الأخيرة وتنصحها، قائلة:
"ايتها الصديقة، هنا تكمن نقاط الضعف في منظومتك الدفاعية، وبادري بسرعة إلى إصلاح الخلل في دفاعاتك البحرية".
وهذا التستر على مصدر الاطلاق يطرح سؤالا جيوسياسيا وحساسا حول طبيعة المصدر: ألا يعني أن اطرافا خارجية وداخلية، مهمة بالنسبة للولايات المتحدة و”محميتها المدللة”، ضالعة في العملية وينبغي لفت الأنظار عنها بافتعال رواية كاذبة؟
كما لا أظن، خلافا لما ذهب إليه بعض المعلقين والمحللين، أن الأقمار الصناعية كفيلة وحدها بتوفير المعلومات اللازمة والدقيقة لنجاح عملية الاغتيال. بل لدي قناعة راسخة بأن دور الاستخبارات البشرية كان هو الحاسم. ويبدو لي في هذا الصدد أن إسرائيل تمكنت، بعد “عملية 07 أكتوبر“، من اختراق المنظومات الأمنية لأعدائها بدرجة لا يستهان بها، خاصة اختراق حزب الله وبعض الهياكل التنظيمية ذات الصلة الوثيقة به في إيران وفي حماس. وطبعا لم تغب مساعدة الولايات المتحدة لها في هذا المجال.
غير أن القارئ سيكون على حق حين يرد علي:
"قناعتك وتساؤلاتك، ألا ينطبق عليها ما اشرت إليه من تحفظات وتريث يستدعيها الموقف: طبيعة الحدث، فجائيته، شح المعلومات حوله وتضاربها...؟"
تصنيف: