حتى لا تكون قصة اغلاق مصنع للسجائر المزورة شرعنة لتسويق بضاعة مضرة خطورتها ثلاثية الأبعاد..

"مسألة خلاف" هو الشعار الديني الذي ظل المدمنون على التدخين يلوذون به لتشريع ممارستهم.  ومن المسلم  به لدى علماء الأصول والفقهاء أن القضايا موضوع الخلاف ذات وجهين : لها منفعة ولها ضرر.

أما اليوم فقد تبين أن التدخين لا يجر لمتناوله وحتى لغيره سوى أضرار صحية بالغة - امراض سرطان الرئة والحنجرة هي أكثرها وقوعا حسب الإحصائيات الطبية- واضرار اقتصادية واجتماعية : نفقات لا لزوم لها وازعاج الآخرين. 

وبسبب هذا التطور في المعارف حول التبغ وعواقب تناوله الوخيمة على الصحة والحياة بصورة عامة، لم يعد  للخلاف محل.. لأن المنفعة معدومة بينما الضرر مؤكد. وهذا أيا كانت السيجارة أو مادة التبغ المعنية.

ويتم اليوم تداول خبر على نطاق واسع.. مفاده أن السلطات عثرت في نواكشوط على مصنع ينتج سجائر مزورة وأنها اغلقته واعتقلت القائمين عليه.ويبدو الخبر مؤكدا. وتصرف الدولة سليم ومطلوب لمنع تسويق أي بضاعة غير مرخصة في البلد.

غير أن الحديث عن "سيجارة مزورة" يوحي بأن الضرر  مرده عملية التزوير.. وفي المقابل يضفي براءة وصلاحية على السجائر الأصلية بشكل يفهم منه بأنها بلا بأس.. لكونها  غير مزورة وسليمة من العيوب الصناعية. والحقيقة غير ذلك: كلاهما وجه لعملة خطيرة واحدة ثلاثية الأبعاد: السرطان - ضياع المال - سوء المعاشرة.

فينبغي على الدولة أن تحارب السجائر والتبغ بكل أنواعها: مزورة كانت أم غير مزورة. وقد سُررنا كثيرا بالزيادة الكبيرة للمراسيم الجمركية على سجائر مالبورو بوصفها الأكثر استهلاكا في البلد.. إلا أن المدخنين تحولوا إلى الأنواع الأخرى التي لم تنلها زيادة المراسيم. لذلك نرجو أن يتم تعميم الإجراء على انواع السجائر والتبغ الأخرى.  

وبالإضافة لأدوات الردع المالية، يجب كذلك سن قوانين واتخاذ إجراءات تنظيمية تحد من ظاهرة التدخين، مثل: تحريمه وتجريمه في المحلات العمومية وفي المحلات والمراكز الطبية وفي أماكن تجمهر الناس كالأسواق والحدائق العمومية... ونشير هنا إلى أنه ينبغي الامنتاع كليا داخل المساجد وفي ساحاتها عن تناول ما تأكد اليوم أنها لم تعد "مسألة خلاف".  

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

تصنيف: 

دخول المستخدم