لا يستطيع من أوتي بعض الإنصاف والموضوعية أن ينكر أننا بصدد وضع مختلف عما كنا فيه وأن رسائل ومؤشرات وتوجهات صدرت عن السلطة الجديدة تشعر بذلك وأن نفسا من الأمل بدأ يسري في أوساط العديد من القوى الوطنية وعموم الناس ، ولأن الأمر كذلك أعطي لنفسي حق التوقف عند ما أعتبره الورشات الثلاث ذات الأولوية القصوى، أولاها ورشة الوحدة الوطنية: فهناك مشاكل حقيقية وإرث ثقيل من التهميش والاسترقاق وهضم الحقوق، هناك حاجة ملحة ليحس كل أبناء الوطن ومكوناته أن الوطن بدفئه ومصالحه وصورته وثقافته ومظهره يسعهم جميعا ويعكس همومهم جميعا، هناك وضوح مطلوب في قضية الاسترقاق ومخلفاته بعيدا عن خطابي الإنكار والتهوين من ناحية والمبالغة والإثارة من ناحية أخرى، وهدف هذه الورشة بناء مواطنة متساوية وهو ما يقتضي الوضوح والصراحة ثم العلاج والترميم.
أما ثاني الورشات فهي ورشة التنمية وتحسين ظروف المعاش والمقام لساكنة هذا البلد وهذا يتطلب صرامة في تسيير الشأن العام والمال العام فالفساد داء لا علاج له إلا بدواء الإصلاح، والإصلاح إرادة وتشريعات وإجراءات وقرارات وأهم ذلك الإرادة وأكثره وقعا القرارات، بعضه يستلزم فورية وسرعة وبعضه يحتمل التدرج والتراكم، ومن لوازم التنمية التركيز على قطاعات خدمية كبيرة ويتقدمها التعليم والصحة. ثالث الورشات الإصلاح السياسي والإنتخابي، فيعزز الانفتاح الحاصل ويرفع الحظر عمن تعرض له ويصبح للكل عنوانه وموقعه في المشهد السياسي، ويقطع مع الإعلام الخشبي وصحافة التبرير وتحمى الحريات والحقوق، أما الشأن الانتخابي فهناك حاجة جدية للشروع في إصلاح شامل على المستويات القانونية والتنظيمية وعمل مايلزم لنصل إلى انتخابات حرة وشفافة ونزيهة.
بقي أن أشير إلى أن من أولويات ما قبل الورشات رفع الظلم عن رجال الأعمال ورفع الحظر عن مراكز العلماء، نعم أعني السادة محمد ولد بعماتو والمصطفى الإمام الشافعي ومحمد ولد الدباغ وأعني مركز تكوين العلماء ونحوه.
محمد جميل منصور
تصنيف: