تـأسيس مقــاطعة الشــــامي : الخــلـفية و الأبعـــاد [i] (بقلم محـمـد محمــود ولد جعـفـر)

السيــــــــاق العـــــــــام  

       تنفيذا لتعليمات سامية من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في مجال الاستصلاح الترابي الرا مية إلى تعمير الفضاءات الحيوية في البلاد، تم إنشاء مقاطعة الشامي بموجب المرسوم رقم 071/2013 الصادر بتاريخ 6 مايو2013، والمرسوم المعدل رقم 120 ـ 2013 الصادر بتاريخ 14 يوليو 2013 . كما استحدثت لذات الغرض مقاطعة انبيكت لحواش بالحوض الشرقي سنة 2010 وتجمعات ترمسه 2011 بالحوض الغربي وبرات بلبراكنه 2012 وتجمعات بلحراث 2014 بلعصابه وبكل بولاية كركول 2014، في إطار الجهود الرامية إلى الحد من ظاهرة التقري الفوضوي وتأمين نفاذ السكان إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم، فضلا عن ضرورة تقريب الإدارة من المواطنين وتسهيل عمليات تأطيرهم.

وإذا كان موروثنا الثقافي يزخر بمآثر كثيرة، أشادت وتغنت  بمزايا هذه الربوع ودونتها في الذاكرة الوطنية من خلال رسم لوحات رائعة مزجت بين جمالية وصف المكان وعمق ارتباطه بالإنسان وتعلقه به، فان جغرافية المقاطعة الماثلة، ومؤهلاتها الاقتصادية المتنوعة، ودوافع ارساء تنمية محلية مستدامة والتداعيات الأمنية المتفاقمة في شبه المنطقة تبين مدي جدوائية  استحداث وتعمير هذه المقاطعة التي تستمد حيويتها من خلفيتها الإستراتيجية ذات الأبعاد المتعددة:

خـــــــــارطة مقــاطعة الشـــامي

خارطة الشامي

بعد اقتصادي كبير

 تستمد مدينة الشامي أهميتها الاقتصادية من حجم الثروات الطبيعية للمقاطعة ومؤهلاتها الصناعية وقدراتها السياحية فضلا عن تعمير عاصمته، إذ أن المقاطعة تتوفر على ثروات طبيعية هائلة:

  • بحكم موقع عاصمة المقاطعة في منطقة تشهد نشاطا معدنيا مكثفا من حيث طابعه ألاستخراجي (الذهب ـ النحاس ـ الكوارتز) والتنقيبي (حوالي 20 رخصة لعدة مجموعات انظر الخريطة المعدنية) حيث يشكل استحداث المقاطعة وتعمير المدينة عنصرا محفزا ومشجعا من شأنه تسهيل عمليات التموين والتزويد بالإمكانيات المادية والبشرية الضرورية  لمواصلة تلك الأنشطة ؛
  • قابلية مدينة الشامي على أن تصبح قطبا صناعيا كبيرا، بالنظر إلى أهمية حجم الثروات المعدنية في حيزها الجغرافي مع وجودها على أبواب المنطقة الحرة وقربها من العاصمة انواكشوط إلى جانب حصولها على مخطط صناعي يشمل 72 مقطعا بمساحة  تقدر باثنين وخمسين هكتارا مع مرور الخط الكهربائي عالي الجهد حيث تحتضن المدينة حاليا مصنعين كبيرين أوشكوا على الاكتمال (الشامي للصلب، ومصنع نسيج ملابس القوات المسلحة وقوات الأمن)/

مزايا متعددة لمحمية حوض اركين التي تحتضن مقاطعة الشامي أكثر من 90% من مساحتها

  • تعد محمية حوض اركين أكبر محمية بحرية في القارة الإفريقية حيث تم اكتشاف جزيرة اكادير (اركين) من طرف الرحالة البرتغالي نيينو تريستاوو، سنة 1443 ميلادية وأعلنتها موريتانيا محمية سنة 1976 و سجلتها كتراث عالمي للبشرية سنة 1989 ومنحت كهبة للإرض سنة  2001 ؛
  •  هنا في هذا المقام، تنافست الجغرافيا والتاريخ فأنتجتا بقعة فريدة بكل المقاييس :
    • سلسلة من الجزر الرملية ( التيدرة، كيجي، اكادير) والرؤوس المتمددة (تيمريس، تفاريت، تكاريت الخ...) وملتقي التيار الكناري مع تيار جنوب الصحراء حيث تشكل تضاريسها الخاصة ومناخها المعتدل وأعشابها البحرية الكثيفة ملاذا مفضلا لتخصيب الكائنات البحرية واحتضان الطيور المهاجرة والحيوانات البرية؛
    •  مؤهلات علمية استثنائية تستقطب الباحثين والأخصائيين المهتمين بشؤون الثروات البحرية؛

مقدرات سياحية متميزة

تتوفر المحمية على :

  • رصيد ثمين من القيم الطبيعية (مناظر الأرخبيل الخلابة وانبساط البحر البديع وتعدد الشواطئ الجميلة وكثرة وتنوع الطيور المهاجرة والحيوانات البرية ؛
  • مخزون من القيم الثقافية المادية (آثار جزيرة التيدرة العريقة حيث منطلق المرابطون في رحلتهم التي أخرت سقوط الأندلس عدة قرون، وتعدد محطات تبادل الأوربيين من برتغاليين وهولنديين وانكليز وفرنسيين فضلا عن حادثة الفرطاقة الفرنسية الشهيرة La meduse سنة 1816؛
  •  كومة محار العصر الحجري، بقايا حصن جزيرة اكادير وآثار محطات الأوربيون للتبادل التجاري والقيم الثقافية   اللامادية ( ثقافة ايمراكن)؛ثقافة ايمراكن
  • كون المدينة تقع قبالة بوابة حدودنا الشمالية، التي يعبر منها معظم السياح المتوجهين إلى بلادنا؛
  • وضعية المدينة الوسطية بين العاصمة والمنطقة الحرة من شأنها المساهمة في تشجيع وترقية السياحة الداخلية ؛
  • توفر المخطط المعماري للمدينة على احتياط عقاري لأغراض السياحة سيمكن من تطوير البني التحتية ذات الصلة لتسهيل الاستفادة من هذه المقدرات الكبيرة ؛
  • كما تتوفر المقاطعة على احتياط  رعوي معتبر خاصة بعد المواسم التي تستفيد  المنطقة  خلالها من تهاطل الأمطار

تعمير مدينة الشامي

بدأ تعمير المدينة كما يلي :  

  • تصميم وتنفيذ مخطط عمراني يشمل 5378 مقطع لأغراض السكن 671 مقطع لأغراض التجارة و24 مقطع لأغراض السياحة و70 مقطع لأعراض الصناعة؛
  • بناء وتجهيز جامع يتسع لألف مصل مع محظرة وسكن للإمام بالإضافة إلى مكاتب  وسكن حاكم المقاطعة ومدرسة ابتدائية  ومركز صحي من فئة“ا“ومباني الدرك والحرس الوطني والشرطة؛
  • بناء 50 وحدة سكنية من ثلاثة أصناف وثانوية نموذجية قيد التأسيس؛
  • تزويد المدينة بشبكة كهربائية (هوائية وشمسية) طولها 50 كم ومائية تمتد على طول 33 كم فضلا عن انجاز حزام أخضر يغطي مساحة قدرها  379هكتار وتعبيد 2 كم من الطرق الحضرية وبناء 2،5 كم من الأرصفة المعززة بإنارة  ذات مصدر نظيف؛

بعد اجتماعي

يهدف إنشاء مدينة الشامي كعيرها من المدن المستحدثة أخيرا في البلد إلي إرساء تنمية محلية مستديمة من خلال:

  • تشجيع مواصلة تجمع القرى داخل المدينة الجديدة للاستفادة من المزايا المترتبة على ذلك ؛
  • تمكين السكان من الولوج المستديم إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم الخ...؛
  • خلق قطب تنموي بفضل ترقية المنشآت الصناعية وتنويع الخدمات الضرورية وتطوير النشاط التجاري؛
  • تقريب الخدمات الإدارية من المواطن ؛
  • ترقية وتثمين الطابع العصري للمجال العمراني والحضري لهذه المدينة النموذجية ؛

بعد أمني

يوفر الموقع الجغرافي لمدينة الشامي مزايا إستراتيجية هامة :

  • تمتد مقاطعة الشامي على مساحة قدرها (27000 كم مربع) وهي ثاني مقاطعة بالبلاد تتوفر على حدود بحرية (154كم)  وحدود برية أجنبية (87كم) لا تزال محل نزاع ؛
  • متاخمة لمنطقة شاسعة غير مأهولة متصلة بالصحراء الكبرى التي غدت منذ عقود وكرا مشهودا للإرهاب العابر للحدود وأنواع الجريمة المنظمة التي تسببت في الماضي في حدوث عمليات مؤلمة في  لمقيطي والغلاوية وتورين بالإضافة إلى العديد من محاولات التهريب الفاشلة ؛
  • بناء مدينة الشامي جعلها تشكل نقطة مرجعية تساعد على الاستدلال في منطقة مترامية الأطراف ذات معالم متشابهة فضلا عن ما أصبحت  توفره من فرص لاستراحة المسافرين حيث كان حث السير يعرضهم في الماضي لمخاطر جمة؛
  • وسيمكن توظيف الموقع الاستراتيجي للمقاطعة من المساهمة في ضبط ممرات حيوية بحدودنا الشمالية والبحرية (محمية حوض اركين)، فضلا عن تسهيل تسيير مرور الأجانب الوافدين عبر البوابات الشمالية إلى جانب المساهمة عمليا في الحد من حوادث الطرق، تقديرا لأهمية كل ذلك بالنسبة لمتطلبات الأمن القومي؛
  • وجود المقاطعة علي بوابة منطقة انواذيبو الحرة، يؤهلها لأداء دور محوري في تسوية حيثيات حركة التبادل مع هذه المنطقة؛

خـــــاتمة :

  • إن استحداث مقاطعة الشامي، وتشييد عاصمتها يعد بحق انجازا وطنيا هاما يلزم توطيده وتعزيزه، اعتبارا لضرورة تعمير هذا الفضاء الحيوي، بالنظر إلى ضرورة استغلال مؤهلاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واستثمار خلفيتها الإستراتيجية خدمة لمتطلبات الأمن القومي ؛
  • فهل سنوفق في توظيف مؤهلات مقاطعة الشامي الاقتصادية بالعمل على جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية لتطوير مقدراتها السياحية والصناعية وتحويلها الى قطب تنموي جذاب ومنافس ؟
  • وهل سنسعى الى توسيع نطاق المنطقة الاقتصادية الخاصة بسواحلنا طبقا للممارسات الدولية المعهودة في هذا المجال، في ظل تنامي حملات التنقيب الواعدة داخل مياهنا الإقليمي؟
  • وكيف سنعمل علي صيانة وتوطيد وتعميق المكاسب المرتبطة بحماية حوض اركين، تكريسا لالتزاماتنا الدولية مع توظيف  جميع القدرات المتوفرة في المنطقة لإعطاء دفع للتنمية الشاملة؟
  • وهل سنمضي قدما في توظيف خلفية هذه المقاطعة الإستراتيجية استرشادا بالتفاعلات والتطورات في شبه المنطقة مع ما قد يتطلبه الأمر من تحيين لمقاربتنا الأمنية، ورفع من جاهزية قواتنا المسلحة وقوات أمننا، وتعزيز ذلك بتأطير وتحسيس يهدف إلى  تنمية الحس الأمني لدي السكان لمواجهة التحديات العديدة التي تشهدها بلادنا والعالم من حولها ؛
  • وهل عملنا ما يلزم للحد من تأثير تداعيات التغييرات المناخية علي المحمية مع الارتفاع الملحوظ لمنسوب المياه في بعض مناطقها ؟
  • وما  المانع من جعل مدينة الشامي مركزا وطنيا لنشر وترقية  الوعي البيئي، من خلال الإرشاد والتأطير الهادف الى  ترسيخه كسلوك  وكممارسة للمحافظة على البيئة عبر  اعتماد ”مبادرة  الكفاءة  في مجال الطاقة lEE؟
  • وهل سنعمل على صيانة وتعزيز مجالها العمراني والحضري ونكرس نمطها العصري ونثبت طابعها المتميز كمدينة  نموذجية  مرجعية ؟

والله ولـــــــــــي التـــــــــوفيق                          

                                                                                                                                                                                                   محـمـد محمــود ولد جعـفـر

                                                                                                                                                                                                     الشامي ، السبت 14 نوفمبر 2015


[i] هذا النص مأخوذ من محاضرة قد ألقاها  السيد محمد محمود ولد جعفر  مدير "الشركة الوطنية إسكان" حول مقاطعة الشامي في إطار " الصالون الفكري و الثقافي للولي محمذن ولد محمودن" الذي تم تنظيمه في مدينة الشامي يوم السبت 14 نوفمبر 2015,  وكان النص الأصلي  في شكل سلايدات أي : power point

 

تصنيف: 

دخول المستخدم