الوزير الناي ولد اشروقة يرد على النائب أحمد ولد باب : قطاع الصيد في تحسن مستمر

خصصت الجمعية الوطنية جلستها العلنية التي عقدتها اليوم الأربعاء،  للاستماع إلى ردود وزير الصيد والاقتصاد البحري السيد الناني ولد أشروقه، على سؤال شفهي وجهه إليه النائب أحمد ولد باب حول قطاع الصيد البحري.

واساأنف النائب سؤاله مبينا أن قطاع الصيد البحري يدخل ضمن أولويات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، و يتجلى ذلك في البرنامج الطموح للحكومة في هذا المجال والذي من أبرز ملامحه تجديد الأساطيل الوطنية وتشييد البنى التحتية للتوزيع وتطوير صناعات الصيد وترقية التشغيل والرفع من المساهمة في الأمن الغذائي.

وأضاف النائب أن هذه الإجراءات أضيف لها كذلك العمل على تعزيز الرقابة والتفتيش وترقية التكوين في مختلف المجالات ذات الصلة.

وخلص إلى القول أنه من الواضح عدم تحقيق معظم هذه الأهداف، وطلب من الوزير توضيح العوائق التي حالت دون ذلك وسأله عن الخطوات التي تتبعها الوزارة لتجاوز هذه العوائق.

وقدم وزير الصيد والاقتصاد البحري في رده على السؤال، عرضا تاريخيا عن مختلف المراحل التي مر بها قطاع الصيد البحري في موريتانيا، مشيرا إلى أن هذا القطاع وبحلول سنة 2009، وبعد انتخاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، شهد نقلة نوعية طالت مختلف المجالات سواء المتعلقة بحجم الكميات المصطادة أو بتلك المتعلقة بحجم المبالغ المتأتية منه أو بعدد أفراد العمالة.

وأضاف أن الخطوة الأولى التي تم القيام بها هي إجراء تشخيص دقيق للقطاع مكن من تحديد مكَامنِ الخلل التي اتضح أنها حاضرَة في كل مفصل من مفاصل القطاع، والتي من بينها ندرة البنى التحتية للتفريغ؛ إذ تقتصر على منشأتين في أقصى نقطةٍ شمالية من الشاطئ وانعدام البنى التحتية للتخزين والمعالجة على امتداد جل الواجهة البحرية للبلد.

وأشار إلى أن التشخيص أظهر كذلك من بين أمور أخرى، انعدام وجود الصياد المحترف، نتيجة عزوف المواطن عن امتهان أعمال البحر وعجز منظومة التكوين وغياب وسيلة الإنتاج الآمنة المناسبة، إِذ يفتقر نموذج القارب الخشبي السائد إلى أبسط مقومات السلامة ووسائل الراحة، فضلا عن عدم ملاءمته لخصوصيات مجتمعنا وثقافته هذا بالإضافة إلى تهالك أسطول الإنتاج الصناعي وقصور الرقابة البحرية ونقص تجهيزها وفقدان التوازن المطلوب في اتفاقيات الصيد مع الأطراف الأجنبية.

وقال إن الحكومة وانطلاقا من هذا التشخيص، عملت على إيجاد حلول للمشاكل البنيوية الأكثر إلحاحا، بدءا بالأهم وحشدت لهذا الغرض، ما يلزم من الموارد والوسائل، مشيرا إلى أن مجال البنى التحتية نال النصيب الأوفر من مجهود الدولة الإصلاحي، لكونه العامل الأبرز في تنمية القطاع، فانصبت الجهود على تأهيل المنشآت القائمة إلى جانب تشييد بنى تحتية مستَحدثة كليا.

وذكر وزير الصيد والاقتصاد البحري في هذا الإطار بتوسعة ميناء نواذيبو المستقل ونزع حطام السفن من حوله، بتكلفة إجمالية بلغت41 مليون يورو، فضلا عن إنارة ممرات دخول الميناء واقتناء سفينة إرشاد، وتوسعة شبكات الخدمات، وتوسعة ميناء خليج الراحة للصيد التقليدي بتكلفة 11 مليون يورو، باستحداث أرصفة وجسور وأرضيات مدعمة وبناء سوق للسمك وتأهيل شبكات الخدمات والطرق واقتناء وسائل السلامة وإنشاء نقطة صحية، فضلا عن تحديد المجال البحري العمومي للميناء.

ونبه إلى أن الإنجازات في هذا المجال شملت كذلك تشييد ميناء تانيت الواقع على بعد 65 كلم شمال نواكشوط، بتكلفة قدرها 40 مليون يورو بتمويل من ميزانية الدولة، وتأهيل وتوسعة وهيكلة سوق السمك بنواكشوط، الذي أصبح مركزا لتموين كافة الأسواق الوطنية، وتصدير المنتجات الطازجة نحو وجهات خارجية متعددة، بعد إخضاعه لمعايير الجودة المعتمدة عالميا وإعداد دراسة مرسى أندامش عند الكلم 144، وإنشاء قطب تنمية بحري في أفرنانه(الكلم 28)، والشروع في تشييد ميناء متعدد الأغراض في انجاكو بتكلفة 352 مليون دولار أمريكي على نفقة الدولة، يضم ميناء للصيد مكونا من 7 منصات إبحار وورشة لإصلاح السفن تبلغ طاقتها 70 باخرة في السنة ونقطة لإبحار قوارب الصيد التقليدي مجهزة خارج الميناء.

وأوضح وزير الصيد والاقتصاد البحري أن عمليات إصلاح قطاع الصيد البحري التي انطلقت سنة 2009، شملت كذلك تجديد أسطول الصيد التقليدي والشاطئي،حيث أطلقت الحكومة سنة 2012، مشروعا طموحا لبناء سفينة شاطئية موريتانية، مصممة خصيصا لمراعاة خصوصيتنا الثقافية وتتوفر فيها معايير السلامة والراحة والسعة، مشيرا إلى أن هذا المشروع الذي تنفذه الشركة الوطنية لصناعة السفن مكن لحد الساعة من استغلال 21 سفينة، فضلا عن وجود 10 أخرى جاهزة للاستغلال.

ونبه إلى أن الحكومة تبذل مساعيَ حثيثة لهيكلة نشاط الصيد التقليدي الذي يوفر ما يربو على 80٪‏ من إجمالي فرص عمل القطاع، ويقوم على تموين السوق المحلية بمنتجات السمك ويساهم بقسط وافر في حركة التصدير، للارتقاء به بصفة تدريجية إلى مرتبة قطاع مصنف، مشيرا إلى القيام قريبا بإحصاء وترقيم زوارق الصيد التقليدي وتزويد بحارته بوثائق مهنية مؤمنة.

وذكر بأهمية البحث العلمي والرقابة البحرية اللتين تشكلان وسيلتين حيويتين بالنسبة للتسيير المستديم للثروة السمكية. فبالأولى يتم تحديد زمن الاصطياد وكيف يتم وفي أي مكان وكم ينبغي أن نصطاد. ومن خلال الرقابة البحرية يمكننا التحقق من احترام نظم التسيير المبنية على المعطيات العلمية، وممارسة السيادة على منطقتنا الاقتصادية الخالصة التي تؤجج خيراتها الوفيرة أطماع أساطيل النهب والصيد غير المشروع.

وأشار إلى أنه وفي مجال البحث العلمي، عمل القطاع على تعزيز قدرات الهيئات المكلفة بالبحث، لاسيما المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد وانعقاد مجموعات عمل علمية بصفة دورية حول تقييم المخزونات وإصدار توصيات خاصة بتسيير الثروة والمصادقة على مخططات استصلاح المصائد الرئيسية وتنفيذها (الأخطبوط، جراد البحر، الجمبري، الصيد التقليدي والشاطئي) ومراجعة الإطار التشريعي والمؤسسي بشكل يضمن ترقية وسط ملائم لاستغلال مستديم للثروات البحرية وتحسين الظروف الوظيفية للباحثين بالمصادقة على نظام أساسي جديد.

وفي مجال الرقابة البحرية أوضح وزير الصيد والاقتصاد البحري أن تحويل مندوبية رقابة الصيد والتفتيش البحري إلى هيئة "خفر السواحل الموريتانية" مكن من سيطرة أفضل على منطقتنا الاقتصادية الخالصة ومتابعة أدق لنشاطات الصيد، مشيرا إلى أن الحكومة أولت كل العناية لتفعيل هذه القوة من خلال اقتناء سفينة رقابة بطول 62 مترا، تتوفر على جميع التجهيزات واقتناء زوارق سريعة وتجهيزات للرقابة الشاطئية والإنقاذ البحري وتوسيع تغطية الرادارات على طول الساحل وتعزيز نظام الرقابة بواسطة الأقمار الصناعية (VMS) واكتتاب 300 وكيل جديد.

وأشار إلى كونِ إنتاج منطقتنا الاقتصادية الخالصة موجها للتصدير بنسبة تفوق 90٪‏، فقد كان لزاما على الدولة التركيز على الارتقاء بأداء المكتب الوطني للتفتيش الصحي لمنتجات الصيد والاستزراع السمكي الذي يضطلع بوظيفة إستراتيجية للصحة العمومية، بدونها لا يكون لمنتجاتنا السمكية حظ من الولوج إلى الأسواق الدولية، منبها إلى أن هذه الجهود أسفرت عن حصول مختبرات المكتب على اعتماده كجهة تفتيش طبقا للمواصفتينِ القياسيتين الدوليتينISO 17025 و ISO 17020، على التوالي سنة 2014 و 2016، وهو اعتماد فريد من نوعه في شبه المنطقة، يفتح كافة الأسواق الدولية أمام المنتوج الوطني.

وذكر بأن الحكومة وفي نفس الإطار قامت بمراجعة نظام التسويق المتمحور أساسا حول الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك لإضفاء مزيد من الشفافية على مسار تسويق المنتجات الموجهة للتصدير وتلبية رغبة ملحة طالما عبر عنها المنتجون المصدرون في الاضطلاع بدور أكبر في تحديد أسعار منتجاتهم، مشيرا إلى أن هذه المراجعة أفضت إلى قرار إنشاء لجنة جديدة كاملة الصلاحيات، ثلثا أعضائها من المنتجين، عهد إليها بتحديد أسعار مرجعية، شاملة، شفافة ودقيقة لمنتجات الصيد الموجهة للتصدير.

وقال وزير الصيد والاقتصاد البحري إنه وفي إطار المراجعات الشاملة للقطاع، وعلى ضوء التشخيص الدقيق السابق الذكر فقد عكفت حكومة معالي الوزير الأول، السيد يحي ولد حدمين، في الربع الأخير من عام 2014، على بلورة إستراتيجية جديدة، وفق مسار تشاوري تشاركي ذاتي، توج بمصادقة مجلس الوزراء على "الإستراتيجية الوطنية للتسيير المسؤول من أجل تنمية مستدامة للصيد والاقتصاد البحري 2015 ـ 2016"، مشيرا إلى أن هذه الإستراتيجية تتوخى تحقيق ثلاثة أهداف أساسية هي حماية الثروات البحرية و دمج القطاع في نسيج الاقتصاد الوطني والتوزيع العادل للعائدات التي يدرها القطاع.

وأوضح أن هذه الإستراتيجية أقرت نظام ولوج جديد للثروات تطبعه الشفافية ويعتمد على نظام الحصص الذي يمكن من ضبط الكميات المصطادة بحيث لا تتجاوز المسموح به في إطار الاستغلال المستديم، حفاظا على حق الأجيال اللاحقة في نصيب من هذه الثروة التي هي ملك لهم كما هي ملك لنا اليوم، منبها إلى أن هذه الإستراتيجية اهتمت كذلك بتثمين منتجاتنا البحرية ورفْع قيمتها المضافة، وترقية الصيد القاري والاستزراع السمكي دعما للأمن الغذائي، فضلا عن تحسين الحكامة، من خلال تكريس التسيير التشاركي للقطاع عبر إعادة تنشيط المجلس الاستشاري الوطني لاستصلاح وتنمية المصايد، والتهيِئة للانخراط في مبادرة الشفافية في قطاع الصيد التي أطلقها فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد عبد العزيز، من نواكشوط، في يناير 2015، وتعهدت بلادنا مسارها التمهيدي بالرعاية والدعم إلى أن أصبحت اليوم مبادرة عالمية تتسابق الدول من مختلف قارات الدنيا إلى الانضمام إليها.

وقال إن هذه الإنجازات كانت لها نتائج إيجابية على مؤشرات أداء القطاع، حيث ارتفع الإنتاج الوطني من 90 ألف طن سنة 2009 إلى773ألف طن سنة 2016، أي بنسبة زيادة قدرها 759%، وارتفع عدد المصانع من 60 سنة 2009 إلى 135 سنة 2016 حائزة على اعتماد معايير الجودة الأوروبية، أي بنسبة زيادة قدرها 125%، وارتفعت العمالة البحرية المباشرة من 36.000 سنة 2009 إلى 60.000 سنة 2016أي بنسبة زيادة قدرها 66,7%، وارتفع عدد البحَّارة المستفيدين من الضمان الصحي من 0 سنة 2009 إلى 2301 سنة 2016، والعمل جار في إجراءات دمج المزيد من البحَارة، لاسيما من الصيد التقليدي، وارتفع إنتاج السفن الموريتانية العصرية من 0 سنة 2009 إلى 31 في الوقت الحالي، وارتفعت الكميات المصدرة من 3.000 طن من السمك الطازج سنة 2009 إلى 26.269 طنا سنة 2016،أي بنسبة زيادة قدرها 776%، وارتفعت الصادرات من 222 مليون دولار أمريكي سنة 2009 إلى 689 مليوندولار أمريكي سنة 2016، أي بنسبة زيادة قدرها 21%، وارتفعت عائدات القطاع من العملة الصعبة من 350 مليون دولار سنة 2009 إلى835 مليون دولار سنة 2016، أي بنسبة زيادة قدرها 138%، كما ارتفعت مداخيل القطاع لصالح الخزينة العامة من 40 مليار أوقية سنة 2009 إلى 70 مليار سنة 2016، أي بنسبة زيادة قدرها 75%.

وأوضح الوزير أن قطاع الصيد والاقتصاد البحري شهد بفضل الرؤية الثاقبة لفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد عبد العزيز، نقلة نوعية وضعته على الطريق الصحيح وأهلته للاضطلاع بدور محوري في التنمية الاقتصادية للبلد، مشيرا إلى أننا بقدر ما نحن معتدون بما تحقق، فإننا مدركون حجم التحديات التي ينبغي علينا تجاوزها، سبيلا إلى تحقيق الهدف الإستراتيجي الأسمى، المتمثلِ في جني أكبر عائد من ثروتنا السمكية بشكل مستديم.

المصدر : و م أ

تصنيف: 

دخول المستخدم