لقد طلب مني القائمون على هذا المهرجان تقديم كلمة تأبينية للسيدِ الراحلِ أحمد بابَ بن أحمد مسكه رحمه الله تعالى، وهل إلى ذلك من سبيل....
إذ ليس التعرض لشخصيته وتاريخه بالأمر السهل، لتعدد إسهاماته العلمية والفكرية والسياسية والأخلاقية على المستويين الوطني والدولي.
فكيف يمكن التعرض لسيرته بإيجاز وهو الذي قال عنه العلامة حمدن بن التاه إنه: ''الشيخ محمد المام العصر''.
فالمتكلم عنه لا يدري من أين يبدأ ولا أين ينتهي، هل يتكلم إذن عن أحمد باب السياسي المحنكـ، أم هل يتكلم عن أحمد باب الدبلوماسي المشرِّف، أم يتكلم عن أحمد باب الكاتب المتمكن المـُقْنِع، أم يتكلم عن أحمد باب المُنّظِّر المـُلْهِم، أم يتكلم عن أحمد باب المناضل المضحي المستميت، أم يتكلم عن أحمد باب الإنسان الأخلاقي الراقي....أم ماذا أم ماذا؟؟؟
لكنني خَلُصْتُ بعد استقراء متأنٍّ إلى أن كل هذه المناحي من شخصيته وسيرته المشرِّفة، نالت حظا من مرور الكتاب والباحثين عليها، على أنه كان غالبا مرور الكرام....
ولا أُرْجِعُ عدمَ استقصائهم لمحامدِه وفضائِله لتقصيرهم، بل لتَكتمه هو نفسه على كل ذلكـ لتواضعه، وتلك في النهاية ـــ رغم الأسف ـــ قيمة أخلاقية من الطراز الأول.
فخلصت إذن للكلام عن أحمد باب الأديب، لكون الجانب الأدبي من تاريخه لم ينَلْ ما يستحقه من الاهتمام، لكثيرٍ من الأسباب والعوامل منها طبعا ما ذكرته أعلاه، بل إن أدبَه ظلَّ دائما مهمَلا إلا بين الأوساط الأدبية النخبوية التقليدية وكبار أساطين هذا الشأن، أمثال العلامة الشاعر حمدن بن التاه، والأديب المُجَلِّي أحمد بن عبد القادر والفنان الكبير سيداتِ بن آبَّ، والشاعر اللامع ناجي محمد الامام........... الخ
ومما حدا بي إلى هذا الخيار أن الفت انتباهكم في هذه العجالة، إلى أن أدب أحمد باب بِشِقَّيْهِ الفصيحِ والملحونِ(لغْنَ)، يحوي من القيم الفكرية والأخلاقية والشيم الحميدةِ ما يؤهله ليُدْرَجَ في المناهج التربوية الوطنية لبالغ تأثيره في تربية الأجيال الصاعدة والقادمة، وتنوير عقولها، وشحذ هِمَمِها...
وقبل أن أذكر أمثلة على ذلك، أود أن أشير في إلى نبذة مقتضبة من حياته العلمية والسياسية وبعض مؤلفاته ومناصبه:
فقد ألف المرحوم كتابه الشهير:"جبهة البوليزاريو، روح شعب"، و"رسالة مفتوحة إلى نخب العالم الثالث"، و"القهر الحضاري"، و"عودة لمسار التحرر في إفريقيا، أوروبا ومسؤوليتها"، هذا فضلا عن رسالته الجامعية التي قدم فيها كتاب " الوسيط في تراجم أدباء شنقيط"، وكلها تآليف باللغة الفرنسية سوي "القهر الحضاري"
ويظهر من خلال هذه المؤلفات جليا مدى تمكنه من كلتا اللغتين وسبره لأغوار الحضارتين العربية الإسلامية، والغربية وبراعته في الترجمة بينهما.
وله عشرات المقالات في العديد من الصحف والمجلات العالمية، منها مجلة "Africasia"التي أسسها هو نفسه رفقة صديق له في فرنسا.Simon Maley)
وله أيضا الكثير من التقارير والخطابات المميزة عبر تاريخه الدبلوماسي والنضالي...
أما المناصب التي تقلدها فعديدة أيضا، أذكر منها أنه كان أول مؤسس للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأول مدير له، وأول مفتش للتعليم الوطني سنة 1958م، وكان مديرا عاما للإذاعة والإعلام، وأول أمين دائم لحزب النهضة السياسي ومن المؤسسين له وهو أمينه الدائم الوحيد، وأول امين عام لحزب الشعب والمستشار الدبلوماسي لرئيس البرلمان في تلكـ الآونة سليمان بن الشيخ سيديا، وكان هذا سنة 1962ـــ 1963م، ثم سفيرا مقيما في كوت ديفوار، سنة 1963م، ثم سفيرا لدى الولايات المتحدة الأمريكية وفي نفس الوقت ممثلا دائما لموريتانيا بالأمم المتحدة، وكانت فترته فيما بين التاسع من إبريل سنة 1964م إلى يونيو 1966م، ثم عمل كاتبا بدرجة مدير بمجلة Jeune Afrique، وعضوا مؤسسا لمجلة Africasia في فرنسا، وموظفا بالمعهد الوطني للدراسات والبحوث العلمية (CNRS)في فرنسا، ومديرا باليونسكو مكلفا بالدول الأقل نموا، ومارس التدريس في عدة جامعات فرنسية كجامعة SORBONE.
أما فيما يتعلق بنضاله، فمن أشهر مواقفه المعروفة مساندته لقضية الشعب الصحراوي في حق تقرير المصير، وشاركـ أيضافي أحداث 1968م في فرنسا، وشارك في تأسيس أول لجان لدعم الشعب الفلسطيني بفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية....وله آثار حسنة في منظمة الأمم المتحدة واليونسكو إذ ركز جهوده على نصرة المستضعفين في العالم وخاصة دول العالم الثالث، وعلى كل فالكلام في هذا الشأن يطول.
أما بخصوص جانبه الأدبي فقد ظهرت عليه مبكرا بوادر الذكاء والنجابة والاهتمام بالتعلم، ففضلا عن الوسط المعرفي النخبوي الذي ولد وتربى فيه، فإنه أيضا اعتنى بتعلُّمه المدرسي منذ بداياته، حتى إن الشاعر المتمكن والمؤرخ الموسوعي المختار بن حامد الذي كان يدرسه في الابتدائية، خلد له ذلك الاهتمام في قطعة شعرية يقول فيها:
أيا قوم أحمد بابَ والحاجِ حبذا كتابُكُمُ قطر الندى حبذا القطرُ
ويا حبذا إنصاتُكم لدُروسِكُمْ إذا كان في الآذانِ آوِنَةً وَقْرُ
فدارَةُ مَيٍّ عندنا قاعُ دَرْسِكُمْ وفي دارِ مَيٍّ قِيلَ مِنْ قَبْلِ ذَا شِعْرُ:
"ألا يسلمي يادار مي على البلى ولا زال منهلا بجرعائك القَطْرُ"
فَلَيْسَ زَمَانُهُمْ هَذَا وَلَيْسُوا +++ فَقَدْ نَضِبَتْ مَوَارِدُهُمْ وَعَفُّوا
ومثل هذا نادر ويحسب قطعا لأحمد باب وللمختار طبعا، وإلا فكيف بقامة أدبية سامقة مثل المختار أن يمدح طفلا لم يبلغ الحلم بعد مثل هذا المدح، إلا إذا كان فعلا رأى منه ما سره وأثلج صدره من اهتمام بالدرس ونبوغ، فكأنه توسم فيه ما آل إليه!
ولكيلا أطيل فإني أخترت أن أذكر نماذج من أشعاره مما أمكنني حتى الساعة الحصول عليه، مع أني لن أتطرق لشرحها وفكـ عويصها، سوى الإشارة إلى سببها أو اختيار معنى نبيل ورد فيها والتنبيه إليه، منبهاً على أن أحمد باب رغم تمكنه من ناصية الأدب وتطويعه للقوافي، لم يكن من المكثرين من قرض الشعر سوى ما استأثر به لنفسه ولعله أكثر مما روى عنه غيره.
وعلى كلٍّ فقد شهد له الشاعر أحمدو بن عبد القادر في مقابلة تلفزيونية مع الشيخ سيدي عبد الله، بقوله عندما سُئل عنه إن أحمد باب مجدد في الأدب العربي، إلا أنه مُقِلٌّ في قرض الشعر.
وأبدأ هذه النماذج بمديحيته الوافرية العصماء التي قالها إبَّاَن الإقامة الجبرية التي فرضت عليه في أڭجوجت أوائل الثمانينات من القرن المنصرم، وقد خلُص ببراعة عجيبة إلى التحدث عن حال ذويه، ولعلَّ النقاد والباحثين في مجال الأدب يجدون في ذلكـ مادة فريدة أو على الأصح نادرة في المديح النبوي.
أَقُولُ لِمَن تساءل عَن مَّدِيحِي ++ لِخَيْرِ الْخَلْقِ بِالشِّعْرِ الْفَصِيحِ
أَلَيْسَ بِمُسْتَحِقِّ الْمَدْحَ مِنِّي ++ مَنِ إعجابا إِلَيْهِ تَحِنُّ رُوحِي
لِمَنْ أُهْدِي الْقَرِيضَ سِوَاهُ إِن لَّمْ ++ يُصَنْ لِمُجَرَّدِ الْفَخْرِ الصَّـرِيحِ
وَإِن لَّمْ أُعْنَ بِالطَّبْعِ التَّغَنِّي ++ بِكُنَّ صَوَاحِبَ الْقَدِّ الْمَلِيحِ
فَمَن مِّنْ أَهْلِ هَذَا الدَّهْرِ أَهْلٌ ++ لِتَوْجِيهِ الْبَدِيعِ مِنَ الْمَدِيحِ
سِوَى نَفَرٍ بَقَايَا مِن كِرَامٍ ++ قُعُوداً حَوْلَ ذَا الْكَرَمِ الْجَرِيحِ
أَبَتْ لَهُمُ الْمُرُوءَةُ أَنْ يَمُوتُوا ++ إِلَى أَن يَّصْحَبُوهُ إِلَى الضَّـرِيحِ
فَلَيْسَ زَمَانُهُمْ هَذَا وَلَيْسُوا ++ مِنَ أهل زَمَانِ غَطْرَسَةِ الشَّحِيحِ
وَكَيْفَ الْبَذْلُ مِن لَّا شَيْءَ عُدْماً +++ وَلَوْ كُنْتَ السَّمِيحَ ابْنَ السَّمِيحِ
فَقَدْ نَضِبَتْ مَوَارِدُهُمْ وَعَفُّوا +++ عَنِ الْإِثْرَاءِ بِالْخُلُقِ الْقَبِيحِ
عَسَاهُمْ يَنْهَضُونَ لِكَيْ يَعُودُوا ++ كَمَا كَانُوا أُولِي الْمَجْدِ الصَّحِيحِ
بِكَسْبٍ طَيِّبٍ حِلٍّ وَلكِنْ +++ يُمَاشِي الْعَصْـرَ مَعْ جِيلٍ طَمُوحِ
علَيْهِ صَلاَةُ رِبِّي مَا تَتَالَى +++ نَوَالُ الْأَكْرَمِينَ لِمُسْتَمِيحِ
وله أيضا قطعة شعرية أقدم من السابقة قالها مشيدا بالفنان الكبير سيداتِ بن آبَّ، ولم تزل إلى يومنا هذا محل تأمل لمستحسنيها لبراعة قارضها في تصوير شعوره ببعده الفلسفي مع تمكنه من اللغة وحسن اختياره لثمارها المناسبة في كل مقام، ونص قصيدته:
يَا مَرْحَباً بالمُعْجز الأذهان +++ إدْراكُـ كُنْهِ مَداهُ في المَيْدانِ
يَسْقي القُلوبِ رَحيقَ خَمْرٍ يا لَها ++ مِنْ قَرْقَفٍ شُرِبتْ من الآذانِ
عَجَباً لِصوْتكَـ ما ألَذَّ سماعَه ++ في نَفْسِ هذا العاشقِ الوَلْهانِ
وأَمَرَّه إذْ قدْ تَجاوزَ حُسْنهُ ++ حَدّاً تجاوزَ طاقةَ الإنسانِ
والـشَّيءُ إن بَلغَ التَّمامَ سما إلى +++ فَلَكـٍ به يتشابهُ الضِّدَّان
هل يمكن التعبير عنكـ وقد بدا ++ سيداتِ إنكَـ مُعجز الأذهان
ليْتي سُعِدتُ بقُربِ مَن أحببتها ++ مثلي تُسـرُّ بهذه الألحان
لكنَّ هذا الدهر أبخلُ بالمني +++ من أن يُقَرِّبَنيكُما في آنِ
أما شعر النضال فهذا مثال عليه، قاله بمناسبة أحداث الزويرات المعروفة في مايو 1968:
قِفْ بِالبِطَاحِ زَمِيلي ++ زُرْ مَسْقَطَ الشهداءِ
قف بالبطاح زميلي ++ تَسْمَعْ عَويلَ النساءِ
هذي البطاحُ زَميلي ++ سالتْ بأَزْكى الدِّماءِ
وَقُلْ لِشَعْبٍ نَبيلٍ ++ هلْ تَكْتَفي بالبُكاءِ
هُمْ واجهوا الموْتَ صَبْراً ++ لِيُنْقِذُوا الشَّعْبَ قَهْراً
مِنْ مُسْتَغِلِّيهِ مَكْراً ++ وَبطْشِ ذِي العُمَلَاءِ
حَطِّمْ جَميعَ القُيُودِ ++ حَطِّمْ قُيُودَ الجُمُودِ
حَطِّمْ قُيُودَ الحَديدِ ++ أَعْنِي حَدِيدَ البَلَاءِ
قِفْ بالبِطاحِ زَمِيلي ++ تَسْمَعْ عَوِيلَ النِّسَاءِ
الخ...
أما بخصوص أدبه الشعبي، فسأورد منه أمثلة أبدأها بـهذا "الڭاف" الذي قاله نصرة لملكـ المغرب محمد الخامس، على إثر نفي المستعمر له:
احْنَ هاذُ ڭوْمالبِظَانْ ++ منْ لعْرَبْ ماهِ مَكْتُومَ
وامْنْ الِّ ناصرْ ذَ السّلْطانْ ++ مَاهْ انَّ قَاضِ سَدُّومَ
وله أيضا مقطعات عجيبة يسميها هو نفسه: ''اطْلعْ الغُرْبه ''، قالها سنة 1968م في فرنسا إذ كان معه صديقه الفنان الكبير الجيش بن محمادو الذي يَذكره فيها مرارا، ويطلب منه فيها أن يحدثه عن الوطن وبواديه وأريافه ومختلف صور حياة أهله التقليدية، وكأنه يريد من الجيش أن يطفئ فيه لهيب الشوق والحنين للوطن ومقاساة آلام التغرب عنه...لكن الصورة الأدبية العجيبة الغريبة هي أن القارئ لهذه المقطعات الحسانية القُحَّةِ، يجدُ أحمد باب يطلب من الجيش حديثا يُمليه أحمد باب نفسه على نفسه، فكأنه استشْعرَ سؤالا وأجاب نفسَه كما يقول المصطلح العلمي القديم!، فنجده إذن يقول:
علَّلنِ يجَّيْشْ ابتذكارْ ++ اَرْضك مورتانْ اَوْطانِ
مسقَطْ راصِ واديارْ اَوْكار++ ما كنتْ اعليهمْ برَّانِ
بالهوْلْ وْحكايتْ لَشْعارْ ++ وابْلغْنَ زادْ الحَسَّانِ
ذيكْـ اَرضِ بلّْ احْسانْ الجارْ ++ والخاطرْ يَسْوَ يَبانِ
وابْلَدْ لڭْـرايَ والتّكرارْ ++ والشعْرْ وْزَيْنْ الْمَعانِ
لاَ عاڭـبْتْ انَّ يالْمَنَّانْ ++ لَعمار امْعَ اتْرابْ البِظانْ
فيهَ نمْشُ وانْجُ فَوَانْ ++ فَمانَكْـ وَانَ فَمَانِ
فيهَ يتمَتَّعْ كلّْ اِنسانْ ++ ابْحُرِّيَّاتْ الإِنْسانِ
بِظان وْتَكْروراَغْرمَّانْ ++ ڭَـنْڭَـارِ واللَّ فلاَّنِ
وِواسيه فالحڭ اوطان ++ فَخْرْافخدمته متفان
لا تنْسَ يَجَّيْش الفرْڭَـان ++ افْتيرسْ والحوظ وْفَڭَـانْ
والخَطّْ وْفڭْـرايرْ دَمانْ ++ ما ننْساهمْ ڭَـبْل اَوانِ
اتْرَتَّعْ فالرّيظَ عزْبان ++ ما ڭَط شاف نصران
ما تحتاجْ الْتَرْكَبْ عَجْلاَنْ++ الْمترُ ماهُ متْحانِ
فَڭَّـاعْ وْصَكَّاكْـ وْدَخَّانْ ++ وْتحْتْ الطَّبايقْ مثَّانِ
إلى أن يقول:
والِّ ماشِ فنْهارْ امتينْ +++ امرَيْفِ، والخاطرْ مسْكينْ
غَرْڭَـانُ حيْرانْ واُحَزينْ +++ يتْوَسَّلْ للْمالُ ثانِ
واكْتنْ يَسْمَعْ رَدَّ فمْنَيْنْ ++ ينْدارْ اعْلَ النَّارْ الثَّانِ
إِعودْ الِّ بيْنْ البَحْرَيْنْ ++ متْنَزَّهْ ذاكْـ البِظانِ
وفي مُقَطَّعاته الحسانية هذه الكثير من المعاني النبيلة، فضلا عن تمكن صاحبها من ناصية الأدب ومعرفته بدقائق الحياة البدوية رغم كونه اضطر إلى مفارقة وطنه مبكرا ليعيش كثيرا من حياته بين أوساط المجتمعات الغربية.
ومن تلك المعاني النبيلة التي أود أن أُنَبِّهَ إليها، كونُ شعرِه هذا يدل على أنه وأبناءَ زمانه شكلوا مثالا فريدا يُحْتَذى، على الوحدة الوطنية والتَّحاب والتآخي، وكانوا بعيدِينَ غايةَ البُعدِ من العنصرية بجميع أشكالها.
وتجدر الإشارة إلى أن أحمد باب حاز قصب السبق في ترجمة الشعر الفصيح والملحون(لغنَ)، إلى اللغة الفرنسية، فالمتأمل لرسالته الجامعية الوسيط، يجد من ذلك أمثلة كثيرة قيِّمة، وهذا نموذج اخترته من كتابه: "جبهة البوليزاريو، روح شعب"، وهو ترجمة لقطّعتين حسانيتين للشاعر المفلق محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي، إذ يقول:
أُحاكْمِينْ ابْلادْ الخَـوْفْ ++ ابْلاَ امْدَافَعْ وابْلاَ كوْفْ
وابْلاَ ارْقاقِيسْ وُلاَ شوْفْ ++ كُونْ اصَّبَرْ، واعْنَايَتْنَ
واحْسَانَّ ذاكْـ المـَعْرُوفْ ++ واَسْرَارْنَ واڭرَايـتْنَ
فترجمها أحمد باب، قائلا:
sans fusils
sans guetteurs
sans même quelque éclaireur
nous vivons au pays de la peur
nos armes sont : patience, prestige
et générosité
spiritualité et savoir
وقطعة محمد عبد الله الثانية:
واحْنَا السَّاسْ الِّ صرَّبْ ++ للِّي ازْرَڭـْ كـَسْبُ وأهْرَبْ
ظـَوْڭـ ْآسْكَـافْ ابلا لعرَبْ ++ محـَالْ كوُنْ افـْڭفْيـَتْنَ
ولا ڭطّْ مُـولَ كـَسْبْ اشْرَبْ ++ يـَكـُونْ فثْـرْ اجـْهِيرَتْـنَ
وترجمها أحمد باب، قائلا:
nous sommes source fraîche pour tous les offensés
et nous donnons refuge à celui qui a fui, en laissant son troupeau
Brouter l’askaf dans la sérénité
n’est possible qu’à notre ombre immense
et les troupeaux s’abreuvent
aux seuls puits que nous avons forés
ويصدق فيه ما رثاه به الأديب المبدع أحمد بن الوالد، وهذا جزء منه فيه تلخيص لبعض ما أشرت إليه:
المُثقّفْ لِنْسانْ ++ الــــــــــــــــــــــــرَّزينْ الوَقُورْ
الدَّمْعْ اعْلِــــيهْ اڭْرَانْ ++ ســـــــــــــــــــايلْ مَخَلَّ صُورْ
فَضْلُ حـَـــــــيَّرْ لَذْهانْ ++ اُفــــــــــــــــيهْ الْعَيْنِينْ اتْحُورْ
مَجْهُورْ افْـــڭوْدْ اَعْيَانْ ++ غيـــــــــــــــــــــرُ ماهُ مَجْهُورْ
إلي أن يقول:
مَاشِ فَتى الفِتْيَانْ ++ ومْــــــــــــــــــــــشَ ماهُ مَدْفورْ
كاتبْ مَاهُ جِعَانْ ++ اُشـــــــــــــــــــاعرْ مَاهُ مَغْرُورْ
الخ...
وأختم هذه العجالة ب ''ڭافِه '' الشهير الذي لطالما ظل مَثار إعجاب أولي الذوق الأدبي الرفيع فضلا عمن دونهم، ولطالما ظل أيضا سلوة للمغتربين عن هذا الوطن العزيز الغالي، فكأن أحمد باب قاله نيابة عن كل ''بيظاني أصيل'' فارق موريتانيا وحنَّ إليها من أي مكان كانَ أو أي زمان مقبل أو مدبر:
نَعْرَفْ بَعْد آن خَاصَّ ++ عَنْ بِظَانِ بِظَانِ
حَيَاةُ دِيمَ نَاقْصَ ++ يَكُونْ افْمُورِتَانِ
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.
محمد سالم ولد مولود
--------------------------------------
( ⃰ ) القي هذا الخطاب من طرف كاتبه تحت عنوان : "كلمة تأبينية لفقيد الوطن احمد باب ولد احمد مسكه ، مهرجان بنشابن نوفمبر 2016 م. يقدمها السفير محمد سالم ولد مولود".
تصنيف: