على أثر البيان الذي صدر اليوم عن رئاسة الجمهورية الداعي إلى وقف الحراك المطالب بتعديل الدستور بغية تمكين الرئيس محمد ولد عبد العزيز من الترشح لمأمورية ثالثة، بادر جميل منصور بالرد.. معلنا أنه لا يوافق على مضامين رئيسية جاءت في البيان الرئاسي. غير أن تدوينته لم تفصح عن أي مؤشر للخلاف اللهم إن كان مع نفسه، حيث كتب: "... إني أشكر لرئيس الجمهورية موقفه المعلن للإلتزام بالدستور والرافض لتعديله في مواده المحصنة".
وقد برهن قبل ذلك على صواب قرار ولد عبد العزيز مذكرا بدواعي منع تغيير "المواد المحصنة" من الدستور ومركزا عليها بأسلوب قوي. إلا أن جميل أضاف- وكأنه اتخذ موقفه على مضض، رغما عنه : "نعم نحن في زمان يشكر فيه على الواجب ويثمن الطبيعي والعادي. " وهذا التحفظ المقيد لشكره للرئيس ولد عبد العزيز يطرح سؤالا :
ما الذي دعا جميل منصور- السياسي المحنك- إلى شكر من لا يراه جديرا بالشكر حسب تلميحاته؟
قد يرى خصومه الأشداء في الأمر تزلفا. بينما يعتقد آخرون- ونحن منهم- أن الرجل ارتبك كثيرا بعدما فوجئ برفض الرئيس ولد عبد العزيز بشكل قاطع لما يوصف ب"حراك المأمورية الثالثة". وقد ارتأى أن يرد بسرعة، لأن جميل منصور ما زال يتصرف بوصفه زعيم الإخوان المسلمين بلا منازع في موريتانيا، مما دفعه إلى السبق قبل أن تصدر ردة فعل من السيد محمد محمود ولد سيدي القائد الشرعي لحزب تواصل. وكأن صرعا خفيا يدور بينه مع خلفه على رأس الحزب.
كما أنه في الظرفية الراهنة لا يرغب في وأد هذا الموضوع الجدلي بهذه الدرجة من الوضوح والصرامة التي تحلى بها رئيس الجمهورية المنتهية ولايته؛ لأن شعار"محاربة المأمورية الثالثة" يشكل موجة يحسب الإخوان وحلفاؤهم من المعارضة المتشددة أن ركوبها مثمر بالنسبة لهم. وهم يفضلون استمرارها على الأقل لفترة كافية من الوقت تقربهم من موعد الانتخابات الرئاسية حتى تنهك طاقات خصمهم.. و ريثما يعثرون هم على بديل عنها.
ولا شك أن بعضهم سيواصلون استخدام هذا السلاح والتشهير به بأشكال مختلفة: تلميحات .. تنديد.. تحذيرات... كما فعل جميل في جملته الأخيرة: "ونأمل أن يكون هذا القوس قد أغلق وأن تصمت الأصوات النشاز وأن يكف المحركون لها."
البخاري محمد مؤمل
تصنيف: