الصيت الكاذب...!

هذه  إحدى  صرخات الغضب الجميلة (coup de gueule) أو اللكمات  الموجعة التي تعودنا عليها عبر ريشة هذا القانوني والكاتب الثائر- .. وهو بواسطتها يجابه مرضا سلوكيا وثقافيا تفشى في المجتمع الموريتاني والنخبة الوطنية ومسخهما لدرجة لم يعد معها للمضمون أو المحتوى معنى عندنا. بل إن منطق المظاهر الخداعة هو السائد والمسيطر بلا منازع.. ولا سبيل لسواه، عملا بالقاعدة الانتهازية الشهيرة القائلة: الغاية تبرر الوسيلة.

لا توافق هيئة التحرير في "موريتانيا المعلومة" طبعا على كل ما ورد في نص الأستاذ محمد ولد امين. لكن اعجابها به عامة كان اعظم من تحفظها. فلم تستطع مقاومة رغبتها القوية في عرضه على القراء، مقدمةً شكرَها للمؤلف حتى وإن كانت لا تشاطره الرأي في بعض الأفكار أو النقاط التي تطرق لها.  

التحرير. 

 

" الصيت الكاذب.. بضاعة راجت كثيرا في هذه الربوع.. فمن عادات الشعوب ضعيفة التعليم الميل إلى المبالغة واعتماد الانطباع الأولي الذي يتركه المظهر والهندام.. واقتفاء السكنات والحركات في عمليات المحاكاة والتماهي شبه الوبائية.
بالصيت الكاذب خلال الحكامة الجاهلة لضباط الدرجة الثانية اي ضباط باكالوريا -4 تسلق كثيرون إلى مناصب قيادية في هذا المجتمع.. وراحوا يدافعون عن مكتسباتهم بكل ما لديهم من قوة وخبث وشراسة.
في الحياة السياسية الموريتانية هناك ظاهرة التكنوقراط.. وهم حاضنة الصيت الكاذب!
التكنوقراط : تعني تحت سماء أخرى طبقة أهل الخبرة الذين يؤجرون خبرتهم للعموم والخصوص: كالصيادلة في صيديلياتهم ومخابرهم والصيارفة أمام خزائنهم وجباة الضرائب وو.. الخ.
في الحياة السياسية الموريتانية تخرج المفردة من نسقها الدلالي تماما لتصبح مرادفة لكل سياسي عديم الالتزام.. أي القادر على أن يصبح شيوعيا إذا كان الحكم شيوعيا.. وان يتحول لإسلامي اذا تحول الحكم إليه.
هؤلاء يريدون منافع السياسة ومباهجها.. ولا يريدون تكاليفها والتزاماتها.. موقعهم وراء من يحكم وأيًا يكن الثمن... وبطبيعة الحال يبررون تسلقهم بأنهم ليسوا من أهل السياسة وإنما مجرد تكنوقراط فقط يخدمون بلدهم بكل حيادية.. ويا عيني على الوطنية.
في المرحلة الانتقالية التي قادها اعلي ولد محمد فال (رحمه الله) تخندق هؤلاء خلفه وافرغوا العملية من محتواها وكانوا يبررون إخراج أي شخص -له ميول سياسية معلنة- من الوظيفة العمومية العليا بحجة أن السياسة مفتوحة للكل والإدارة للتكنوقراط فقط..؟
وبهذا التخابث تم شراء كبار الناخبين في الأرياف والقبائل.. وهم الآلة التي سيتم تسخيرها لإجلاس مرشح الهلامية والتكنوقراط المعروف لاحقا ب: سيديوكا.
ولا يتوقف الصيت الكاذب على السياسة.. فهو وباء منتشر في كل مناحي الحياة:
هذا طبيب فضيحة لكنه ولسنوات صك أسماعنا بالتزمير والصراخ...وهذا اكبر قانوني في البلد وهو رعاه الله ما زالت لديه مشاكل جدية في الخط تشبه مشاكل طفل بالصف الرابع...
وفي الختام هذا العالم النحرير.. المفخرة.. الذي لم ينشر قط كتابا؛ ومازال يؤمن بقابلية تزاوج الإنس والجن؟
موريتانيا و بحق :هي بلد التورم الكاذب والإسفاف والسخافة...والصيت الكاذب."

 

المصدر: صفحة المرلف على الفيسبوك (Mohamed Moine)

 

تصنيف: 

دخول المستخدم