الحوار السياسي: أين لغة الأرقام الناجعة، ولماذا الشذوذ عن النظام الديمقراطي؟

كانت تراودني شكوك حول جدوى "الحوار السياسي" – أو "التشاور الوطني"-الذي كان البعض يعلق عليه آمالا جساما. وزاد ريبي بعدما شهد تحمس هؤلاء فتورا، وتساؤلات عديدة حول مستقبل "الحوار"، منذ تعليق اللجنة التحضيرية له أعمالها.

فأنا أتساءل عن مردوديته بالنسبة لأهم التحديات العالمية الكبرى التي تعصف الآن بدول العالم دون استثناء. والتي تعد موريتانيا من أشد البلدان تأثرا بها.

وبصورة خاصة: ما هو دور "الحوار" في مواجهة عواقب ومخلفات كل من: كوفيد 19، الحرب الأوكرانية، التغير المناخي؟

واعتقد أن السؤال وارد تماما طالما ان الصراع والنقاشات بين الفاعلين المشاركين في "الحوار" لا تمت لهذه المواضيع بصلة إلا نادرا وبعد جهد فكري عسير من طرف من تطرق منهم لها.

إن كان المتشبثون به يرون فيه "دواء" لهذه الأزمات، فينبغي بيان ذلك. ولا أفضل في هذا المنحى من لغة الأرقام: ما هي النسب المئوية التي يوفر "الحوار" لحلحلة المشاكل والأضرار الناجمة عن الجائحة العالمية الراهنة، عن الحرب الروسية/ الغربية، عن التغير المناخي وعواقبه الكارثية (موجات الجفاف، ارتفاع مياه البحر...)؟  

تقديم ارقام من هذا النوع يشكل أنجع سبيل لإعطاء خطاب "الحِواريين" مرْئية جيدة وللحوار دفعا جديدا. لكنني أخشى ألا تتوفر لديهم المعطيات الكفيلة ببناء برهنة دقيقة. ولا أعتقد أن أي شعار آخر يقوم مقام الأرقام، مهما كان تلميعه.

كما ألاحظ من جهة أخرى أن الدول التي تعد نموذجا في الديمقراطية لا تولي أي اهتمام لما نسميه نحن "الحوار". بل على العكس: كما نتصوره ونديره عادة يشكل تصرفا شاذا ومريبا في بلد تتوفر فيه مؤسسات ومنابر ديمقراطية طبيعية: برلمان، صحافة حرة، منظمات مجتمع مدني، أحزاب سياسية، نوادي فكرية، معاهد أو مراكز البحث... إلخ. لأن الحوار قائم تلقائيا ودائما من خلال هذه المؤسسات.<ل/span>

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

تصنيف: 

دخول المستخدم