الجزائر لم تطلق أقمارا صناعية.. ولا توجد دولة عربية فضائية (تفاصيل)

ذكرت مواقع ووسائل إعلامية عربية متعددة أن الجزائر أطلقت أمس ـ الاثنين ـ 3 أقمار صناعية ؛ ورغم أن المصادر أجمعت كلها أن الإطلاق تم في الهند وبواسطة صاروخ هندي مبرهنة على قولها بتقرير مصور بثه التلفرين الجزاري حول العملية.. وانتشر على نطاق واسع عبر اليوتوب،  فقد استنتج بعضها أن الجزائر أصبحت دولة فضائية بين عشية وضحاها. وقال أخرون أن العملية تمت بكفاءات جزائرية.

و سرد الخبر بهذه الصيغة أو بتلك يتضمن غموضا قد يكون متعمدا أو لا شعوريا.. مرده يعود إلى اعتزاز مبالغ فيه لدى العرب بأنفسهم وبأي معلومة مهما كانت مصداقيتها تفيد بأنهم قادرون على تدارك تخلفهم الشديد في مجال غزو الفضاء.  

غير أنه من المعروف أن الدولة المالكة لصاروخ الإطلاق هي من يقوم بالعملية وهي من يجوز وصفها بالفضائية.  

فالجزائر قامت بتصنيع أجزاء هامة من أقمار صناعية خاصة بها  وبشراء الأجزاء الأخرى. وهي عبارة عن باقة تتألف من ثلاثة أقمار للرصد ذات دقة عالية: (ألسات-1 ب،ألسات-2 ب وألسات-1 ن) وتشكل الجيل الثاني من أقمار الرصد الجزائرية التي بدأت سنة  2002 مع  " الساتـ 1" الذي عوهد بإطلاقه آنذاك إلى الصاروخ الروسي "كوسموس 3 م" انطلاقا من قاعدة بليستيك في روسيا ..وقد حضر فريق هام من التقنيين والخبراء الجزائريين لعملية الإطلاق التي جرت أمس في الهند.

 وواضح من العمليتين المتباعدتين في الزمان وفي المكان أن الجزائر لا تمتلك حتى الآن القدرات على إيصال أجهزتها إلى الفضاء الخارجي وتثبيتها هنالك في مداراتها حول الأرض. فعوضا عن هذا العجز التكنولوجي اتبعت ما تفعله الدول غير الفضائية التي تلجأ إلى أسواق الإطلاق الدولية وتشتري منها خدمات  تسوقها مؤسسات فضائية مختلفة : روسية ، أمريكية، صينية، أوروبية، هندية، إسرائيلية، ابرازيلية، يابانية، كورية...إلخ.

وتعتبر المؤسسات الهندية من أرخص تلك الأسواق. الأمر الذي حدا بوكالة الفضاء الهندية  "أسرو" إلى أن تقوم بإطلاق 8 أقمار صناعية بواسطة الصاروخ " "بي أس أل في سي 35 " دفعة واحدة وفي مدارات متباينة. و تتوزع هده الأقمار على أربع دول مختلفة : 3 أقمار للجزائر ؛ 3 أقمار للهند؛ 1 قمر من الولايات المتحدة ؛ 1 قمر من كندا.  

والجدير بالذكر أن أقمارا صناعية عربية أبرزها عرب سات المشترك بين اعضاء الجامعة العربية، وأخرى تمتلكها دول بشكل انفرادي (ـ مصرـ السعودية ـ السودان ـ الجزائر...) سبق أن تم إطلاقها عن طريق الخدمات المتوفرة في السوق الدولي. غير أن هذا لا يجعل من تلك الدول العربية قوى فضائية. بل على العكس من ذلك : فلكي تتحلى بتلك الصفة ينبغي أن تتوفر لديها عدة شروط.. أهمها هي : القدرة الذاتية على توصيل جهاز فضائي (شحنة مفيدة) إلى الفضاء الخارجي وتثبيته في مداره حول الأرض أو حول كوكب آخر أو إنزاله عليه.

وهذا الشرط ما زال مفقودا في الدول العربية؛ الشيء الذي لا يمنعها من امتلاك بعض عناصر التكنولوجيا الفضائية الهامة والاستفادة من خدماتها الحيوية المتنوعة خاصة في مجالات الاتصالات وتطبيقات التصوير الفضائي. كما أن بعض تلك الدول ـ ومنها الجزائر ـ لا تخفي رغبتها في الولوج إلى الفضاء الخارجي بوسائلها الذاتية وذلك من خلال إنشاء هيئات متخصصة لهذا الغرض وإمدادها تدريجيا بالمصادر اللازمة . وفي هذا السياق تندرج وكالة الفضاء الجزائرية التي رأت النور في يناير 2002 .

 غير أن امتلاك صواريخ إطلاق فضائية يطرح تحديات ليس من اليسير تجاوزها. فبالإضافة إلى المعضلات التقنية المعقدة المتعلقة بقوة الدفع الكبيرة المطلوبة وبالتقنيات الالكترونية الدقيقة اللازمة لتوجيه الصاروخ، فهناك التحديات الإستراتيجية والسياسية الناجمة عن إصرار القوى العظمى على أن تجعل حدا كبيرا لانتشار الصواريخ ذات قوة الدفع الكبيرة باعتبار أنها قابلة لحمل شحنات عسكرية فتاكة، تقليدية كانت أم أسلحة تدمير شامل. ولا شك أن الجزائر من بين دول العالم الثالث التي تقع تحت رقابة شديدة في هذه الناحية.    

.    البخاري محمد مؤمل   

تصنيف: 

دخول المستخدم