التسامح الثقافي في ظل التضخم المعرفي/ د. أسلك ولد احمد إزيد بيه

في عصر التدوين اللهجي والوجبات السريعة والسلع التي تستعمل مرة واحدة، أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نقنع "حراس المعابد" الأدبية أن يسمحوا لغير المتخصصين أن يلجأوا إلى أنماط وأساليب تعبيرية جديدة تتلاءم والعفوية والتضخم المعرفي الذين يطبعان العالم الذي نعيش فيه، مع إتاحة الفرصة لمن يريد اقتباس بعض جزئيات تراثنا الثقافي لتدعيم فرضياته، علما بأن القائمين على منظومتنا المحظرية التقليدية التي نفخر بها جميعا، كانوا لا يترددون في سبك أنظام مفيدة وتربوية لاتحترم بالضرورة الضوابط الأدبية المعهودة، سواء تعلق الأمر بالفصل بين اللغات أو احترام قواعد اللغة الواحدة أو انتقاء أجود الذخيرة اللغوية أو مراعاة السياقات العروضية و البلاغية المتعارف عليها. في تصوري، أن الرهان الأول أصبح إيصال المعلومة بأنجع السبل (أبسطها وأسرعها وأقلها تكلفة...)، وما دامت تلك هي مساحة طموح "المدون" أو "المحرر"، فمن حقه أن لا يتلقى وابلا من الانتقادات كلما عبر عن فكرة بالطريقة التي تناسبه في فضاء حر بامتياز. فالسؤال الأهم يجب أن يكون، طبقا لوظيفة اللغة الأولى: هل وصلت الفكرة؟ وما مدى وجاهتها؟ لا، كيف وصلت؟ إن "التعقيد المنهجي" و"التعجيز المتعمد" يشكلان هدرا للطاقة الذهنيةوالوقت وعدوا للغة (أية لغة) وحاضنتها الثقافية، في مشهد عالمي شديد التنافس... ونظرا إلى التفاوت الطبيعي لمستويات مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وأهمية العناية بوحدتنا الثقافية، يصبح لزاما علينا تبني أعلى درجات التسامح والانفتاح والتشجيع التربوي تحسينا لأدائنا الجماعي. 
وفي حال ما إذا كانت خلافاتنا سياسية في المقام الأول، فالأجدر بنا أن نناقش المضامين الخطابية والأفكار بدل القوالب والأشكال.
ولا يتعارض المنطق "العملي" أعلاه مع وجود أدب نخبوي راق يخضع لضوابط شكلية وجمالية كونية، أدب نعتبره جميعا مكونا "مليونيا" ورئيسيا لهويتنا الحضارية، يتعاطاه من منا يمتلك الموهبة والهواية والوقت.

تصنيف: 

دخول المستخدم