التداول الإعلامي لموضوع علاقة ولد بوعماتو والدولة.. وضعف جودة الخبر...

سيطر منذ ال48 ساعة الأخيرة موضوع علاقة رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو بالمغرب على الإعلام الموريتاني.. كما أن الموضوع لم يغب أيضا من الإعلام المغربي.

والمثير للانتباه أن الإشارات غير المباشرة.. وستر المصادر التي يصفها المعتمدون عليها ب"الموثوقة".. هي السمة السائدة على طريقة تناول الموضوع الذي تضاربت الإنباء بشأنه تبعا لقرب أو بعد  الوسيط الإعلامي المعني من ولد بوعماتو أو من خصومه.    

فقد كذبت وسائل إعلامية مقربة من ولد بوعماتو كون هذا الأخير "غير مرغوب فيه" في المغرب. وجاء ذلك ردا على خبر تم تداوله منذ يومين على نطاق واسع في وسائل الإعلام الموريتانية وبعض وسائل الإعلام المغربية، حيث أرجعت كلها الخبر إلى مصادر اكتفت بوصفها ب"الموثوقة" تارة وب"المطلعة" تارة أخرى. ويجب الاعتراف هنا بأن موقع موريتانيا المعلومة لم يشذ عن هذا السلوك المتمثل في عدم الإفصاح عن "المصدر الموثوق" الذي اعتمد عليه وذلك تجاوبا مع طلب مصدره. كما أنه كان من بين المواقع القائلة بعدم رغبة  المغرب في وجود ولد بوعماتو على أرضه.     

وفي المقابل ذكرت جريدة "القلم" الناطقة بالفرنسية عبر موقعها الالكتروني، والمحسوبة على ولد بوعماتو، أن ما ذكر بشأن علاقته بالمغرب "لا أساس له من الصحة"، مؤكدة أن المملكة المغربية  "لم تعبر قط عن عدم رغبتها في وجود ولد بوعماتو على أرضها". وأضافت تعليقا داعما للطرح السياسي لانصار ولد بوعماتو المناوئين بشدة للنظام الموريتاني :" إن القصد من هذه الشائعة التي تبثها الشرطة السياسية في موريتانيا هو لفت الانتباه عن الحالة المزرية في البلد."  

وقد أرجعت "القلم" قولها إلى "مصدر موثوق" - حسب تعبيرها- لم تفصح عنه مثلما ما فعلت  وسائل الإعلام التي جاءت بنقيض ما ذكرته.

وتوافقا مع ما كتبه موقع "القلم"، وتماشيا مع خطه التحريري المنحاز لولد بوعماتو، وردت على لسان فرد من وسط أسري مقرب من هذا الاخير إشارات غير مباشرة حول الموضوع نشرها في فيسبوك. مفادها : تكذيب طرد ولد بوعماتو من المغرب واتهام القائلين به بالكذب دون أن يذكر هذا الفرد أي جهة أوشخص بالإسم. وهكذا نصت تدوينته الناطقة بالفرنسية على أن " الكذب في بلادنا في تزايد مستمر".. متهما "مصدرا دبلوماسيا رسميا بإشاعة معلومات لا أساس لها من الصحة".. ثم اضاف على غرارالتعليق السياسي  الذي كتبه "القلم": "إن هذا ما هو إلا محاولة يائسة لتغطية الأزمة المتعددة الأوجه التي يعيشها البلد". 

ويستشف من هذه التدوينة ومن ما سبقها من عناصر اخبارية وتحليلية أن عدم الدقة هي السمة البارزة للتناول الإعلامي لملف  ولد بوعماتو وعلاقته المتأزمة كرجل ثري، مُتسيِّس وعنيد، مع النظام الموريتاني الذي يبدو هو الآخر مصرا على إعلاء صوت الدولة على صوت الأفراد مهما كانت قوتهم.

ومن الواضح أن الموضوع يوفر مادة جذابة للإعلام.. لكنها مادة تفتقر إلى الجودة نظرا لما يحيط بها من غموض يعود سببه الأول إلى عدم البوح بالمصادر.. وإلى الإيحاءات المتعمدة عبر إشارات غير مباشرة وغير دقيقة في كثير من الحالات.. وإلى إعطاء قيمة عظمى للتحليل على حساب الخبر لدرجة تُفقد هذا الأخير مصداقيته، رغم كونه مقدسا من حيث المبادئ والأعراف المعمول بها في الأوساط الإعلامية المهنية حقا.

البخاري محمد مؤمل

تصنيف: 

دخول المستخدم