الاجتماع الوزاري بين اليابان و الدول العربية: وزير الخارجية الموريتاني يجدد.. ويقلد..ويتحفظ...

دعا الدكتور إسلكُ ولد أحمد إزيد بيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني إلى عملية إصلاح شاملة " لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لجعله أكثر تمثيلا، ليعكس الإصلاح القادم حقائق المجتمع الدولي المعاصر حتى يتمكن من الاستجابة للتحديات العالمية الراهنة" على حد قوله، مشيرا إلى أن هذا المطلب من القضايا التي تشترك فيها اليابان مع الدول العربية.

ثم أضاف في نفس السياق أن " تحقيق الاستقرار يظل مرهونا بالمعالجة الفعالة لمعضلة التطرف والإرهاب الكونية والتي لا ترتبط بعرق أو دين أو حضارة بعينها؛ ولما كانت الشمولية سمة بارزة لظاهرة الإرهاب فإن معالجتها يجب أن تكون شمولية كذلك."

وجاء  طلب الوزير الموريتاني بإصلاح مجلس الأمن ضمن  كلمة ألقاها مساء أمس أمام الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للحوار السياسي بين الدول العربية واليابان المنعقدة حاليا بالقاهرة.

ويبرز من خلال كلمته ملاحظتان، إحداهما غير مسبوقة والثانية معروفة:

  1. الجديد في خطاب الدكتور إسلكُ ولد أحمد إزيد بيه يتمثل في ربطه موضوع إعادة تنظيم مجلس الأمن بمتطلبات محاربة الإرهاب على الصعيد الدولي. وهذا الربط قل ذكره فيما سبق– حسب علمنا- رغم كونه واردا تماما ؛ لأن الصفة الكونية للإرهاب التي بينها الوزير تتطلب أن تعتمد محاربته على تعبئة المؤسسات والهيئات الدولية في هذا السبيل. ويأتي مجلس الأمن في مقدمة تلك الهيئات ؛ مما يتطلب إصلاحه بشكل يؤهله للتجاوب مع التحديات  الأمنية التي تشكل مكافحة الإرهاب ابرز مظاهرها الرئيسية اليوم.
  2. أما القضية الثانية التي نعتبر ها "تقليدية" فهي تتعلق بكون الوزير الموريتاني أشار بصورة غير مباشرة إلى ما تطمح له اليابان التي يعرف الجميع أنها ترغب  وتلح في أن تكون من الأعضاء الدائمي العضوية  في المجلس.. غير أن ولد إزيد بيه لم يفصح عن موقف بلاده من طلبها مكتفيا بإشارة عابرة وغير مباشرة إلى  الموضوع. ولا شك أنه فعل ذلك عمدا مع علمه أن الدول الإفريقية تطالب هي الأخرى بأن يكون من بينها أحد الأعضاء الدائمين. وهذا ما يفسر تحفظه غير المعلن على إضافة عضو دائم لمجلس الأمن من خارج القارة الإفريقية التي ينتمي لها بلده.

وبناء على هاتين الملاحظتين، يمكن القول أن وزير الخارجية الموريتاني في كلمته لعب بمهارة  على اوتار جيوسياسية متباينة، حيث ولف بين  التجديد والتقليد والتحفظ فيما يعني مضمون حديثه.

البخاري محمد مؤمل 

------------------------------------------           
 النص الكامل لكلمة  وزير الخارجية الموريتاني أمام الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للحوار السياسي بين الدول العربية واليابان:

بسم الله الرحمن الرحيم

معالي وزير الشؤون الخارجية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة السيد عبد القادر مساهل،

معالي وزير خارجية اليابان الصديقة السيد تارو كونو،

أصحابَ المعالي والسعادة رؤساء الوفود،

معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،

يطيب لي، باسم وفد الجمهورية الإسلامية الموريتانية، أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لحكومة جمهورية مصر العربية على حسن الاستقبال والوفادة، معربا عن تقديري لرئاسة المجلس وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية ولمعالي السيد وزير خارجية اليابان على الجهود المبذولة لضمان نجاح هذا اللقاء.

وأود أن أعبر هنا عن تعازينا القلبية للحكومة والشعب المصري الشقيقين ، إثر الاعتداء الإرهابي الغاشم اليوم في شمال سيناء.

أصحابَ المعالي والسعادة،

تأتي أهمية الحوار السياسي العربي الياباني الأول في توقيته، إذ تواجه المنطقة العربية تحولات جوهرية منذ عام 2011، في ظل تحديات أمنية واجتماعية وسياسية بالغة التعقيد، ويأتي حوارنا السياسي اليوم، بعد الحوار الاقتصادي الذي انطلق سنة 2009 بين العالم العربي واليابان.

ومن بين أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك بين العالم العربي واليابان، القضية الفلسطينية، فنحن نثمن دور أصدقائنا اليابانيين في دعم خيار السلام والدعوة إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لإنهاء الصراع على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، لينال الشعب الفلسطيني الشقيق حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

إننا نتطلع إلى دور أكبر لليابان الصديق بما يتلاءم والمكانة الاقتصادية والحضارية والسياسية التي يحتلها هذا البلد العريق في العالم، في إيجاد حلول سياسية سلمية لمختلف القضايا العالمية الراهنة والمساهمة في حوار الحضارات، خدمة للأمن والاستقرار العالميين.

أصحابَ المعالي والسعادة،

تتعدد القضايا التي تهم العالم العربي واليابان سواء في الإطار الإقليمي أو الدولي وهنا نؤكد على الحاجة لإصلاح مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لجعله أكثر تمثيلا، ليعكس الإصلاح القادم حقائق المجتمع الدولي المعاصر حتى يتمكن من الاستجابة للتحديات العالمية الراهنة ، إن تحقيق الاستقرار يظل مرهونا بالمعالجة الفعالة لمعضلة التطرف والإرهاب الكونية والتي لا ترتبط بعرق أو دين أو حضارة بعينها؛ ولما كانت الشمولية سمة بارزة لظاهرة الإرهاب فإن معالجتها يجب أن تكون شمولية كذلك.

وتعزيزا للتعاون وبناء شراكة متجددة بين العالم العربي واليابان يبقى الحوار والتشاور من أنجع رافعات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ونثمن عاليا تعهد اليابان تقديم 6 مليارات للمنطقة العربية ما بين 2016- 2018 ، كما نثمن المبادرات الخمسة التي تقدم بها معالي الوزير خلال كلمته اليوم.

وفي هذا الصدد، ننوه بالتعاون الموريتاني الياباني القديم والمتين، والذي يشمل مجالات حيوية نذكر منها: الصيد البحري والصحة والتعليم والأمن الغذائي ودعم مخيمات اللاجئين الماليين في شرق موريتانيا، ونتطلع في موريتانيا إلى تطوير علاقاتنا مع الإمبراطورية اليابانية والارتقاء بها إلى آفاق أرحب.

أتمنى لأعمال دورتنا الحالية التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

تصنيف: 

دخول المستخدم