فيما ركز العديد من المعلقين على إخفاق المخابرات البلجيكية وأجهزة الأمن الأوروبية فى سد الثغرات الأمنية فى البلد الذى شهد هجمات دامية الثلاثاء الماضى، رأى خبراء فى قضايا الإرهاب ومصادر أمنية فرنسية أن هجمات بروكسل ومن قبلها باريس فى نوفمبر الماضى، يمكن النظر إليها على أنها بمثابة فشل استراتيجى لتنظيم «داعش»، حسب صحيفة «إندبندنت» البريطانية.
"فقدان التنظيم لسيطرته وتركيزه..."
وأوضحت الصحيفة أن هجمات بروكسل الدامية تشير إلى فقدان التنظيم لسيطرته وتركيزه، متسائلة لماذا تلجأ شخصيات رئيسية فى شبكته الإرهابية، مثل نجم العشراوى الذى صنع القنابل التى استخدمها منفذو هجمات باريس، إلى تفجير نفسها؟، موضحة أن التفجيرات الانتحارية تكون من مهام العناصر العادية لا البارزة فى التنظيم.
ونقلت الصحيفة عن مصدر فى الشرطة الفرنسية (لم تسمه) قوله «إنه أمر محير، (العشراوى) أفلت من قوات الأمن البلجيكية لفترة طويلة، ليس هناك سبب للاعتقاد بأنه لم يمكن بمقدوره الاستمرار (فى الهرب)».
وطرحت «إندبندنت» تساؤلا آخر ألا وهو: لماذا تخلى داعش عن استراتيجيته السابقة المتمثلة فى مهاجمة ما يراه أهدافا تكن كراهية للإسلام، مثل اليهود أو مجلة شارلى ابدو؟
وحسب الصحيفة نفسها، كان قصد التنظيم من هذه الإستراتيجية القديمة إثارة رد فعل عنيف من اليمين المتشدد ضد الغالبية العظمى من المسلمين غير المتطرفين، ما يفضى لاندلاع حرب أهلية أوروبية فى نهاية المطاف.
وقالت الصحيفة إنه «فى مخالفة واضحة لإستراتيجيته القديمة، استهدفت هجمات باريس وبروكسل أفراد عاديين يمارسون حياتهم العادية»، مضيفة أن «هناك بعض الأدلة، وفقا لمصادر الفرنسية، أن هذا أنتج رد فعل عكسى من المسلمين ضد داعش».
رسالة مشوشة أبعدت المسلمين عن داعش
ونقلت الصحيفة عن جيل كيبيل، الخبير الفرنسى فى شئون العالم العربى وأهداف وأدوات الإرهابيين، قوله إنه «منذ وقوع هجمات باريس فى 13 نوفمبر الماضى، أضحت الرسالة الدعائية لداعش مشوشة»، مضيفا أن «اتصالات التنظيم فى أزمة، فهذه الهجمات العشوائية استهدفت مدنا متعددة الثقافات تضم تلك النوعية من السكان المسلمين الذى يحاول التنظيم تجنيدهم».
وتابع: «لكن هذه الهجمات لم تجمع المسلمين خلف داعش، بل أبعدتهم عنه»، إلا أن الخبير الفرنسى حذر من أن الإخفاقات الاستراتيجية والتشوش الذى يعانى منه «داعش»، لا يعنى بالضرورة تضاؤلا فى خطورته على المدى القصير.
من جانبها، رأت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية أنه إذا كان تطور تهديد «داعش» لأوروبا لم يتضح تماما بعد هجمات باريس، إلا أنه أضحى جليا فى أعقاب تفجيرات بروكسل».
خطر داعش على أوروبا قائم
وقالت المجلة إنه «فى حين تدرك أوروبا تماما درجة التهديد إلا أنها لم تزل غير مستعدة لمواجهته، نظرا للقصور فى قدرات مكافحة الإرهاب فى الدول الأوروبية، وكذلك فى جهود دمج الجاليات المهاجرة فى المجتمعات الأوروبية الكبرى».
ولفتت المجلة إلى أن «تقييما للمخابرات الأمريكية فى مايو الماضى، خلص إلى أن تغيير حاسم قد حدث فى طبيعة التهديد الإرهابى لداعش من عمليات الذئاب المنفردة إلى عمليات تأمرية متقنة»، مشيرة إلى أن «هذا التقييم يستلزم تعزيز التعاون بين أوروبا والولايات المتحدة فى مكافحة الإرهاب لاسيما أهمية تبادل المعلومات بين أجهزة المخابرات الوطنية، لكن تنفيذ الإصلاحات الضرورية سيكون بطيئا».
" ... تباطؤ فى عدد الشباب المحتمل تحولهم لجهاديين أوروبيين، الذين ينتقلون إلى سوريا"
إلى ذلك، نقلت «الإندبندنت» عن مصادر أمنية فرنسية (لم تسمها) القول إنه «منذ 13 نوفمبر أضحى هناك تباطؤ فى عدد الشباب المحتمل تحولهم لجهاديين أوروبيين، الذين ينتقلون إلى سوريا».
وقالت الصحيفة إن «السبب فى ذلك يعود جزئيا إلى تعزيز إجراءات المراقبة الأوروبية»، مضيفة أن «هناك أيضا تغييرا فى لهجة وسائل الإعلام الاجتماعية، والتعليقات العشوائية للشباب المسلمين الفرنسيين فى المدارس وغيرها من الأماكن الأخرى». وتابعت: «بينما وافقت تلك الأقلية الضخمة صراحة أو ضمنا على جريمة شارلى إبدو، فقد غاب الدعم تماما أو كان قليلا لهجمات باريس وبروكسل".
المصدر : الصحراء
تصنيف: