الإرهاب : داسوزا يهنئ الرئيس الموريتاني.. وولد ابو المعالي يكذب داسوزا بشأن استراتيجية "داعش"..وأنا لي رأي...

أورد محمد محمود أبو المعالي الصحفي الموريتاني المعروف بخبرته في الجماعات المسلحة والإرهابية التي تنشط في منطقة الساحل معطيات تحليليةدونها على الفيس بوك.. وقدمها كبراهين استدل بها على رفضه  بقوة لتصريح أدلى به ماسيل داسوزا رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إلى الوكالة الموريتانية للأنباء عقب استقبال هذا الأخير من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أمس في نواكشوط، حيث استبعد الصحفي الموريتاني تماما احتمال لجوء داعش إلى كيدال في مالي واتخاذه موطنا لها،  خلافا لما يتوقعه السيد ماسيل داسوزا ومحللون استراتيجون غيره. وهذا التباين في التحليل يدفع بنا إلى التساؤل: 

 أي الفريقين يجدر العمل برأيه : هل هو صديقي وزميلي محمد محمود أبو المعالي صاحب الخبرة العميقة في الموضوع والذي يعتبر مرجعية متينة في هذا الميدان؟  أم  هي المجموعة  الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومن يقاسمها نفس الطرح من الفرقاء المشاركين في محاربة الإرهاب في الساحل وفي مناطق أخرى من العالم؟

قراءتي شخصيا للتطورات الأخيرة للتهديد الإرهابي الذي يوصف "بالإسلامي" تجعلني أميل شيئا ما إلى أحد الطرفين.. ولن يؤوَّل "انحيازي" أبدا بعامل "القرابة" : أي أنني من الذين لا يستبعدون اطلاقا محاولة داعش وغيرها من الجماعات الارهابية البحث عن ملاذ جديد لها في منطقة الساحل وخاصة في مالي و في البلدان المجاورة له ما استطاعت لذلك سبيلا. وليس فقط في كيدال كما ذكر داسوزا والزميل محمد محمود أبو المعالي وإنما في مناطق أخرى.. لأن "ميزان القوى العسكري" الجديد يفرض على هذه الجماعات أن تتخذ من الحركية والتشتت منهجا رئيسيا للعمل خلال المرحلة الراهنة ريثما تستعيد قوتها.. مما يجعل علاقتها بالفضاء الجغرافي في تغير مستمر: أي أنها ستتواجد حيث ما امكنها ذلك وفي الاشكال التنظيمية وبالأساليب العملياتية المناسبة لمتطلبات التمويه واكراهاتها.

كما أنني أتوقع ميلاد جماعات جديدة ينحدر مؤسسوها وبعض عناصرها الآخرين أو جلهم من الجماعات المعروفة الآن.. وقد يكون من بين افرادها رعايا من الدول والمناطق الساحلية المضيفة الجديدة ، علما أن من بين مواطني هذه البلدان شباب عملوا أو قاتلوا في صفوف داعش وفي بوكوحرام وفي غيرهما... ولا شك أن نوع العلاقات وطبيعة التعايش والتعامل بين جميع هذه الجماعات ـ القديم منها والحديث النشأة ـ ستمليهما الظروف التكتيكية ومتطلباتها تبعا للضرورة.. بمعنى أن إقامة الأحلاف فيما بينها أو الصراعات لن تكون ثابتة على شيء سوى المصالح الظرفية ومتغيراتها. ولذلك فإنني لا استبعد شخصيا أن تتحول العلاقة بين داعش والقاعدة من عداء إلى تحالف. كما لا استغرب ميلاد عداوات أو صراعات جديدة داخلهما أو داخل اطياف أخرى من هذا النوع من الجماعات المسلحة. 

 ومن جهة أخرى، فإضافة إلى ما نقله الصحفي ولد ابو المعالي عن رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فإن هذا الأخير ذكر أنه استعرض مع الرئيس  ولد عبد العزيز  " الاحداث الاخيرة في غامبيا  ونجاح وساطته مع الرئيس كوندي لنزع فتيل الازمة وحقن الدماء في غامبيا وضمان انتقال سلمي للسلطة فيها ـ على حد قوله ـ.. وقد جئت ـ يقول  داسوزا ـ للتعبير لفخامة الرئيس باسم الاكواس عن كامل الامتنان لجهوده في هذا المجال.

أما حول سبل التصدي للتهديد الإرهابي عن طريق تنسيق وتكاثف الجهود على المستوي الإقليمي والدولي، فقد قال " لمست لدى فخامة الرئيس رؤية واضحة في هذا الشان وقناعة بضرورة التصرف بسرعة وفعالية لمواجهة هذه المخاطر وأعطى تعليماته وتوجيهاته في هذا الصدد" . وهذا يقهم  منه أن الرشيس الموريتاني يشاطر رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مخاوفه المتعلقة بتطورات التهديد الإرهابي التي سبق نقاشها. 

البخاري محمد مؤمل

 

نص تصريح رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا 

"التقيت فخامة رئيس الجمهورية حيث جرى استعراض الاحداث الاخيرة في غامبيا ونجاح وساطته مع الرئيس كوندي لنزع فتيل الازمة وحقن الدماء في غامبيا وضمان انتقال سلمي للسلطة فيها.

وقد جئت للتعبير لفخامة الرئيس باسم الاكواس عن كامل الامتنان لجهوده في هذا المجال.

تم كذلك خلال اللقاء استعراض الاوضاع في منطقتنا وسبل حمايتها من احتمال نزوح للارهابيين من مدينة الموصل العراقية عبر سوريا وصولا إلى ليبيا الذين هم الآن في حالة تجميع للقيام بهذه المهمة واتخاذ من كيدال المالية وجهة لهم.

وبحثت مع فخامة الرئيس سبل التصدي بشكل سريع وفاعل لهذه المخاطر التي إذا لم يتم التصدي لها فورا يتهدد أمن المنطقة برمتها والجوار الاقليمي على وجه الخصوص. وبحثت في هذا السياق سبل التنسيق بين الايكواس وموريتاتيا وقوة الامم المتحدة في الساحل وغيرها وسنشارك في هذا الإطار في حوار بين الاكواس والاتحاد الاوروبي في بروكسيل في الرابع من الشهر المقبل.

لمست لدى فخامة الرئيس رؤية واضحة في هذا الشان وقناعة بضرورة التصرف بسرعة وفعالية لمواجهة هذه المخاطر وأعطى تعليماته وتوجيهاته في هذا الصدد.

وقد أثرت خلال اللقاء الأوضاع الاقتصادية والشراكة بين الاكواس وموريتانيا العضو المؤسس للمنظمة عند نشاتها سنة 1975 وسبل تسريع وتيرة التبادل التجاري بين الجانبين خصوصا في مجالات النقل والاستثمار والنقل البحري والطاقة."

نص تدوينة ولد ابو المعالي:

"مقاربة "داسوزا".. من الموصل إلى كيدال
 حديث "ماسيل داسوزا" رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عقب لقاءه رئيس الجمهورية أمس في نواكشوط، عن المخاوف من انتقال "مجموعات إرهابية" من الموصل في شمال العراق، إلى كيدال في شمال مالي، مرورا بليبيا، كلام يوحي بأن الرجل يتعمد خلط العديد من الأوراق المحلية والإقليمية والدولية، لحاجة في نفسه، أو أنه ومستشاريه من حوله يجهلون جهلا مركبا ميكانزمات تلك الجماعات والتنظيمات وتمفصلاتها وطبيعة علاقاتها البينية، كما يجهلون حقيقة الوضع في مالي شمالا ووسطا وجنوبا، أما الوضع في الموصل فحري بهم أن لا يميزوا أولاه من أخراه.
 فالموصل اتخذ منها تنظيم الدولة الإسلامية عاصمة لـ"خلافته"، ومن يقاتلون فيها اليوم هم قادة وعناصر ذلك التنظيم، وحين يضيق الخناق عليهم، ففي الأراضي السورية متسع لهم وامتدادات جغرافية وتنظيمية وفكرية واجتماعية، ترتبط بهم ببيعة وولاء ومعتقدا فكريا.
 أما الموجودون في منطقة شمال ووسط جمهورية مالي، فهم مجموعات مرتبطة في غالبها الأعم بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، والقاعدة ببلاد خراسان (القاعدة الأم)، ومعروف العلاقة بين القاعدة وفروعها، وبين تنظيم الدولة الإسلامية، تقوم على "المباهلة" والخصومة، والرفض المتبادل، ونفي الشرعية، حيث يصف تنظيم القاعدة غريمه "تنظيم الدولة الإسلامية" بالخوارج والغلاة والبغاة الذين أفسدوا الساحات وأبطلوا البيعات واستحلوا المحرمات، بينما يصف "تنظيم الدولة الإسلامية" قادة وعناصر القاعدة بأنهم مرجئة العصر وصحوات الردة، ومثبطون مبَطئون، ويسميهم "يهود الجهاد" .
 أما الوجود القليل المحسوب على تنظيم الدولة الإسلامية في هذه المنطقة فهي "جماعة أبو الوليد الصحراوي" المعروفة باسم "جماعة الدولة الإسلامية في مالي" التي انشقت عن تنظيم "المرابطون" في مايو عام 2015، وتنشط أساسا في منطقة "غاوو الكبرى" و"منيكا" قرب الحدود مع النيجر و"اربنده" قرب الحدود مع بركنافاصو، ولا وجود لها على الإطلاق في منطقة كيدال بأقصى الشمال الشرقي لإقليم أزواد بشمال مالي. 
 لذلك فإن الحديث عن لجوء "الخوارج" إلى أحضان "المرجئة" والاستعانة بهم، لا يتحدث عنه إلا من يجهل حقيقة العلاقة بين الطرفين، والتنافر الحاصل بينهما فهما "للرؤية الجهادية"، وتطبيقا لذلك الفهم، وترتيبا لأولوياته.
كما إن الوضع في ليبيا التي تحدث عنها "ماسيل داسوزا"،كمحطة "للإراهبيين" القادمين من الموصل في طريقهم إلى كيدال، لم يعد كما كان سابقا، يوفر تلك البحبوحة الآمنة لعناصر "تنظيم الدولة الإسلامية" وقادتها، خلافا لما كان عليه الوضع قبل سنوات، إذ من المعلوم أن "تنظيم الدولة الإسلامية" فقد معقله الرئيس في مدينة" سرت" بعد طرده منها على يد قوات "البنيان المرصوص" التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، وتم إخراجه قبل ذلك من مدينة "درنة" في الشرق الليبي على يد مقاتلي "مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها" (مقاتلون إسلاميون)، وبات عبارة عن مجموعات متنقلة غير مستقرة، لذلك يبقى مستبعدا أن يلجأ قادة التنظيم وعناصره من الموصل إلى ليبيا في هذه المرحلة بالتحديد. 
 بل إن الأمر الذي يثير الجدل أكثر من غيره في تصريحات "ماسيل داسوزا" هو تخصيصه منطقة كيدال بالحديث عنها كبؤرة محتملة يأوي إليها "المتشددون" الهاربون من الموصل، وهو يعلم كما يعلم كل قادة دول غرب إفريقيا المشاركين في قوات "المنيسما" أن الجماعات التي تصنف إرهابية، تنشط في عموم شمال ووسط مالي بل وفي جنوبها، دون أن يكون ذلك حصرا على منطقة كيدال، كما أن نشاطها في منطقة كيدال ليس بأشرس ولا أكثر دموية وعنفا، من نشاطها في مناطق موبتي وسيكو وحتى سيكاسو وخاي وسائر الوسط والجنوب المالي، ولا في مناطق غاوو ومنيكا وتمبكتو وتاودني وغيرها من مناطق الشمال، فلماذا اختار الرجل "كيدال" اسما ووسما، دون غيرها من المناطق الساخنة في مالي، ليحذر من احتضانها "للإرهابيين" الهاربين من العراق، رغم الخصومة الدموية المعلومة ـ إعلاميا واستخباراتيا ـ بين "الإرهابيين" في هذه المنطقة و"الإرهابيين" في الموصل، لذلك أعتقد أنه لم يكن بريئا ولا عفويا حين حرص على ذكر كيدال وحدها دون سائر المناطق الساخنة في مالي، وأقلُ مراتب تفسير ذلك هو أن كيدال تبقى مشبوهة لأنها ما تزال خارج السيطرة الصورية للإدارة المالية، رغم انتشار القوات الفرنسية والدولية فيها، ومن هنا استحقت التحريض ضدها وتسجيل اسمها لدى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وحلفائها، كمنطقة مشبوهة تشكل خطرا على السلم في المنطقة والمجتمع الدولي، وإلا فلماذا كيدال وليست موبتي على سبيل المثال لا الحصر ؟"

 

تصنيف: 

دخول المستخدم