مناورة عسيرة يحاولها السيد محمد ولد مولود: التذبذب الدائم بين التذبذب والتذبذب؛ شغله الشاغل هو التكييف بين متراجحة متنافرة الطرفين: البقاء في المعارضة بشكل لا يضع مجالا للشك مع عدم البروز فيها بشكل قطعي؛ هذا هو المأزق الذي يرتمي اليوم فيه حزب اتحاد قوى التقدم. وتشكل الخرجة الإعلامية الأخيرة لرئيسه محطة من موجات التذبذب العاتية التي تتقاثف الحزب منذ تولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني زمام الأمور في البلد.
وفي هذه الحالة، فمن الطبيعي أن تكون استراتيجية "لا معارضة ولا موافقة" وخيمة على اصحابها حتى وإن امتنعوا تماما عن البوح بها. غير أن هذا الموقف غير المعلن هو السر في النزيف الشديد الذي تشهده أحزاب المعارضة منذ الانتخابات الماضية.
ورغم أن حزب ولد مولود من أشدها تضررا من تذبذب قادته وما نجم عن ذلك من صراعات داخلية بينهم، فإن قيادته متمادية في نفس الخط: لكمة هنا وهناك، تارة ضد السلطة، وتارة ضد بعض "الرفاق"، وتارة أخرى-وهي الأكثر-ضد العدم حينما يخيم السكوت على الحزب وتكبح الصراعات الداخلية جماحه.
وكما أسلفنا، لا تشذ خرجة ولد مولود المشار إليها سابقا عن هذا النهج؛ ولو أن الدكتور محمد إسحاق الكنتي رد عليها بوصفها موقفا معارضا متشددا. (انظر: "الكنتي يقول لولد مولود: وأن تصوموا خير لكم".)
وهذا تأويل وارد، إن نحن اقتصرنا على لغة الخطاب العنيفة والتقليدية. غير أن افتقاره الصارخ إلى عناصر قوة- أيا كان نوعها- تدعم قول صاحبه، يشير إلى أننا فقط أمام جزء يائس من سياسة وخيمة تلجأ لها معارضة واهنة تمتهن اليوم التذبذب والقفز على تقلبات غير مجدية كمنطق عمل، بدلا من ان تتبنى رؤية استراتيجية ثابتة وبناءة تنقذها من المستنقع السياسي والفكري العقيم الذي هي فيه.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: