قبل سنتين أو أكثر عثرت على مجموعة من الصور القديمة كنت قد أضعتها قبل ذلك بسنوات فأخذت أنظر إليها مترحما على البعض متعجبا من تغير أحول آخرين
وفجأة ألفيتني أمام صورة طفل كنت أعرفه تمام المعرفة ، وأعرف خواطره، وطموحاته ، وأحلامه ، التي كانت بلا حدود وبلا قيود
تفرست في وجهه ثم تصورته وهو ينظر إلي ويتساءل أي طريق جمعتني بهذ الشخص الغريب ؟
بادرته بالسؤال : هل عرفتني؟
فرد علي بسرعة :كلا
قلت له أنا فلان
فرد على إذا هناك تشابه أسماء
قلت له : أنا فلا بن فلان ابن فلان
صرخ من هول الصدمة ، وتراجع إلى الخلف ، ثم رمقني وأغمض عينيه واضعا يده على جبهته مرددا هذا غير صحيح
قلت له : هذه هي الحقيقة ياصديقي ، فما المزعج في الأمر
فقال لي : إن كان الأمر كذلك فلا شك بأنك الآن أكبر عالم بالعلوم الشرعية واللغوية ،وأنك أهم مرجع في الرياضيات ،وفي الفيزياء ،وأنك أعظم جراح ،وأنت بالتأكيد طيار متمرس ،ورسام موهوب ،وقائد عسكري مهاب ،ورياضي متميز ، ورجل ثري وكريم ،وأنت أهم سياسي في البلد ، وشاعر مفلق ، وأب لفيلق من الرجال الأشاوس
ياللهول قلتها وأنا أشعر بالذهول وأفكر في الفرق الهائل بين خططه وواقعي
أخيرا غالبت خجلي لأرد عليه :إنني لا أملك أي صلة تذكر بهذه المهارات التي أوكلت إلي إتقانها منذ عقود
انهار الطفل البرىء أمام ناظري ،ثم أشاح بوجههي عني حتى لا أرى دموعه وقال وهو يمشي في سبيله: لقد خذلتني
صحت به : ياصاحبي أنا لم أخذلك فقط ، لقد خنتك وغدرت بك.
لملمت الصور على عجل ووضعت صورته على صفحتي متمنيا على الله أن يطيل عمري ويوفقني في قادم الأيام لتحقيق ما أمكنني من أحلام الطفل الحالم الطامح الذي سكنني يوما ما
أدرك أن معظم أحلام المسكين أصبح خيالا بعد أن كان ممكنا تماما ، لكن واجبنا في الحياة أن نسعى نحو الأحسن ما وسعنا الأمر
لقد تذكرت هذه الحادثة وأنا أشاهد معرض الصور القديمة على الفيس اليوم ، فسألت نفسي هل تحدث الأصدقاء الافتراضيون إلى الأطفال والمراهقين قبل نشر صورهم وبماذا أجابوهم
إن النظر إلى صورة الصديق موسى على صفحتي يذكرني بواجباتي التي أهملتها والفرص التي أضعتها فبماذا تذكركم الصور التي نشرتموها اليوم
عمرنا الله وإياكم طائعين وختم لنا ولكم بالسعادة
موسى سيدي ابياه
تصنيف: