بعد شهر من حوارها مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، اجرت السيدة أسماء الحسينى من مجلة "الأهرام" المصرية مقابلة طويلة مع السيد مولاي ولد محمد لغظف ؛ دار الحديث خلالها حول العديد من القضايا الهامة على الصعيدين العربي والوطني وما هي رؤية موريتانيا الإستراتيجية حولها: لم الشمل العربي، القضية الفلسطينية، التعاون العربي الإفريقي، التعاون الاقتصادي مع مصر وضعفه، محاربة الإرهاب والمقاربة الموريتانية، الحوار الوطني ونتائجه المرتقبة في الاجل القريب... الخ.
وحول هذه القضايا، أكد الدكتور مولاى ولد محمد لغظف وزير شؤون الرئاسة فى موريتانيا ورئيس اللجنة التحضيرية لقمة نواكشوط أن بلاده ستقوم خلال رئاستها للقمة العام الحالي "بمبادرات عديدة فى الفترة المقبلة بالتعاون مع الأشقاء العرب من أجل القضية الفلسطينية، وستكون هناك أيضا مبادرات أخرى لمصالحات عربية، والدفع بالتضامن العربى الاقتصادي" مؤكدا أن بلاده "تدافع عن القضية الفلسطينية فى جميع المحافل، هدفها هوإعطاؤها مكانتها وجعلها البوصلة الأساسية للعمل العربى المشتركّ".. وذلك بالتعاون الوثيق "مع الدول العربية الشقيقة، ومع مصر العمود الفقرى للعالم العربي، ومادامت مصر بخير فالعالم العربى بخير، وأوضاع الدول العربية جميعا تتاثر بالأوضاع فى مصر سلبيا وإيجابيا"، على حد قوله.
وحول الأوضاع الداخلية للبلد، قال ولد محمد لغظف الذى شغل منصب رئيس الوزراء فى موريتانيا لمدة 10 سنوات والمكلف الآن بملف الحوار الوطني، قال حول هذا الحوار أن "الأمور تسير إن شاء الله من حسن إلى أحسن". وان نتائجه ستظهر فى آجال قريبة بشكل سيعزز الوحدة الوطنية والديمقراطية.
ثم أضاف : « إن القمة العربية التى انعقدت فى نواكشوط أخيرا كانت فرصة لإعادة التعريف بموريتانيا فى عالمها العربي، ليس فقط بتاريخها كبلد المليون شاعر وبلد العلم والفقه والثقافة، وإنما أيضا باعتبارها بلد الفرص الواعدة والمليون فرصة استثمارية، ووجه المسؤول الموريتانى الرفيع الدعوة للمستثمرين والدول العربية للمجيء إلى بلاده مؤكدا وجود كل التسهيلات اللازمة لاستقبالهم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النص الكامل للمقابلة.
الأهرام : بعد اعتذار المغرب كيف استطاعت موريتانيا أن تنظم القمة العربية؟
ولد محمد الغظف : كان تحديا كبيرا بالفعل، لأول مرة ننظم حدثا كبيرا بهذا الحجم، خاصة القمة العربية، وقد قبلنا التحدي، وكان ذلك قرار الرئيس محمد ولد عبد العزيز، واستطعنا والحمد لله أن نبرهن أن باستطاعتنا تنظيم واستضافة القمة العربية فى وقت قصير وظروف صعبة، واعتقد أن النتائج كانت إيجابية، فقد شاركت كل الدول العربية، والقرارات التى صدرت عن القمة كانت قرارات إيجابية، وتم وضع القضية الفلسطينية فى البوصلة، بعد أن نسيت فى قمم سابقة، خاصة بعد مايسمى ب"الربيع العربي"، كما تم التركيز على التضامن العربى ـــالافريقي، وهذا الأمر له أهمية خاصة، ردا على التوغل الإسرائيلى فى بعض الدول الافريقية، والتضامن العربى الافريقى يمر فى واقع الأمر بمخاطر عديدة.
الأهرام : وكيف استطعتم حشد الشعب الموريتانى بهذا الشكل حتى أصبحت القمة هى قمة كل مواطن فى موريتانيا؟
ولد محمد الغظف : الأمر يعود إلى الرئيس ولد عبد العزيز الذى طلب من الموريتانيين أن يكونوا على مستوى التحدي، والشعب الموريتانى غالبا ما يستجيب للقضايا العربية ويعتبرها قضاياه الشخصية، فوجود هذا الكم الهائل من القادة العرب كان عاملا فعالا فى حشد الشعب كله .
الأهرام : ما هى أكبر التحديات التى واجهتموها؟
ولد محمد الغظف : كان الأمر كله تحديات، التنظيم والتنسيق والوفود والحضور والأمن والمواضيع التى ستطرح، وفى الواقع أن جميع القضايا العربية أصبحت قضايا صعبة.
الأهرام : كم عدد الأشخاص الذين عملوا فى تنظيم هذه القمة؟
ولد محمد الغظف (أجاب ضاحكا): موريتانيا كلها ..ليس عندى رقم محدد، لكنه عدد كبير.. كانت هذه أول مرة نستضيف حدثا بهذا الحجم، استضفنا سابقا أعمال قمم إقليمية، تضم 5 أو 6 دول، لكننا فى هذه المرة استقبلنا العالم العربى كله.
الأهرام : كان المشهد العربى ممزقا؟
ولد محمد الغظف : ممزق بكل المقاييس، لم يكن هناك موضوع يطرح بسهولة..كانت رغبة جميع الزعماء العرب حضور القمة، ومن لم يحضر كانت لديه ظروف خاصة، وكان لاتصالات الرئيس ولد عبد العزيز وعلاقاته الوطيدة مع القادة العرب والثقة التى بناها معهم أكبر الأثر فى نجاح القمة العربية.
الأهرام : ما الذى يمكن القول أن موريتانيا أنجزته عبر هذه القمة لمصلحتها خارجيا ؟
ولد محمد الغظف : أعتقد أن انعقاد القمة فى موريتانيا أتاحت التعرف على موريتانيا وما تملكه من طاقات بشرية ومادية، شعراء موريتانيا وتاريخها وسياستها والفرص الاقتصادية الواعدة بها ، ولدينا الحمد لله شعب حيوى.
الأهرام : وماذا أنجزت موريتانيا بالقمة داخليا؟
ولد محمد الغظف : لا شك أن غالبية الموريتانيين فى الحكم والمعارضة، تبنوا هذه القمة، وكانت بالنسبة لهم تحديا كبيرا، وقد توحدت الجبهة الداخلية والتفت خلف قرار الرئيس باستضافة القمة.
الأهرام : كيف يمكن استثمار هذا النجاح الذى تحقق والبناء عليه؟
ولد محمد الغظف : أولا هناك قرارات صدرت عن القمة، وموريتانيا التى تتولى رئاسة العمل العربى المشترك لمدة عام ، وعليها دور فى تفعيل القرارات، وإعلان نواكشوط هو إعلان مهم للغاية، والاهتمام بالقضية الفلسطينية فيه أمر أساسي، وهناك بند خاص للاهتمام باللغة العربية الفصحي.
الأهرام : ما الذى يمكن أن تقدمه موريتانيا للقضية الفلسطينية؟
ولد محمد الغظف : أن تدافع عن القضية الفلسطينية فى جميع المحافل، وإعطاؤها مكانتها وجعلها البوصلة الأساسية للعمل العربى المشترك.
الأهرام : هل يمكن لموريتانيا أن تلم الشمل الفلسطينى ؟
ولد محمد الغظف : ستلعب موريتانيا دورا من أجل ذلك مع الدول العربية الشقيقة، ومع مصر العمود الفقرى للعالم العربي، ومادامت مصر بخير فالعالم العربى بخير، وأوضاع الدول العربية جميعا تتاثر بالأوضاع فى مصر سلبيا وإيجابيا.
الأهرام : وماهى تصوراتكم المستقبلية لقضية التعريب؟
ولد محمد الغظف : اللغة هى وعاء الأفكار، وقد عشت فترة كبيرة فى بروكسل ورأيت كيف نشأ ونما الاتحاد الأوروبى المكون من 27 دولة أصبحت الآن 26 دولة، ورأيت كيف تدافع كل دولة عن لغتها، وبعض هذه اللغات لايتكلم بها إلا بضعة ملايين ، فكيف باللغة العربية التى يتحدث بها مئات الملايين العرب، وأكثر من مليار ونصف فى العالم يتحدثون على الأقل خمس مرات فى اليوم، إذن لابد من الاهتمام بها وأن تجد مكانتها اللائقة بها، لأن معيار قوة اللغة وإشعاعها معيار لقوة الأمة.
الأهرام : موريتانيا التى طرحت مبادرات فى افريقيا.. هل يمكن أن تقوم بمبادرات مماثلة فى الشأن العربي؟
ولد محمد الغظف : ستقوم موريتانيا بمبادرات عديدة فى الفترة المقبلة بالتعاون مع الأشقاء العرب من أجل القضية الفلسطينية، وستكون هناك أيضا مبادرات أخرى لمصالحات عربية، والدفع بالتضامن العربى الاقتصادي.
الأهرام : التعاون العربى الافريقى مهم فى الطرح الموريتاني؟
ولد محمد الغظف : نعم هو قضية أساسية فوجود إسرائيل فى افريقيا أمر خطير.
الأهرام : هل يمكن أن تلعب موريتانيا دورا على هذا الصعيد؟
ولد محمد الغظف : لابد من تفعيل التضامن العربى الافريقى ، وعندما يتم تفعيله تصبح الدول الإفريقية غير مندفعة تجاه إسرائيل . وموريتانيا هى بوابة افريقيا فى العالم العربى ، وأعتقد أن التعاون العربى الافريقى أساسى للأمن القومى العربي. والموريتانيون لعبوا تاريخيا دورا أساسيا فى هذا التواصل، وفى نشر الإسلام فى إفريقيا.
الأهرام : هل تفرض تطورات الأوضاع فى هذا الأمر تنسيقا قويا بين القاهرة ونواكشوط ؟
ولد محمد الغظف : هذا أمر ضرورى ، هناك قرون من التعايش السلمى والأخذ والعطاء بين شعوب القارة، ويجب الحفاظ عليها.
الأهرام : وكيف السبيل لاستعادة التضامن العربى الافريقى الذى تجلى فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؟
ولد محمد الغظف : كله يعتمد على الإرادة, إرادة القادة العرب.
الأهرام : هل هناك ملامح لهذه المبادرات العربية التى تعتزم موريتانيا طرحها ؟
ولد محمد الغظف : سيكون للرئيس ولد عبد العزيز مبادرات كثيرة، خاصة بالتنسيق مع القيادة فى مصر.
الأهرام : كنت مسئولا عن مبادرة الحوار الوطنى فى موريتانيا ..أين وصلت؟
ولد محمد الغظف : الأمور تسير إن شاء الله من حسن إلى أحسن.
الأهرام : ماهى آفاق هذا الحوار الوطني؟
ولد محمد الغظف : فى آجال قريبة ستظهر نتائجه، وسيعزز الوحدة الوطنية والديمقراطية .
الأهرام : تحدى الإرهاب كيف تواجهونه؟
ولد محمد الغظف : لاشك أن المقاربة الموريتانية فى مكافحة الإرهاب كانت ناجعة، حيث اعتمدت فى الجانب الأمنى على تقوية القوات لمسلحة والجيش الموريتاني، وهناك أيضا مقاربة فكرية اعتمدت على مقارعة الفكر بالفكر، فضلا عن الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية و ورفع مستوى معيشة السكان والاهتمام بالشباب.
الأهرام : هل يمكن أن نقول إن خطر الإرهاب انحسر الآن عن الحدود الموريتانية ؟
ولد محمد الغظف : الحمد لله لم تقع أى عملية إرهابية فى موريتانيا منذ 6 سنوات، رغم الأوضاع المضطربة على حدودنا.
الأهرام : موريتانيا حاولت إبراز وجه آخر لها خلال القمة العربية، ليس فقط باعتبارها بلد المليون شاعر وبلد الثقافة والفقه والعلم، وإنما أيضا باعتبارها وجهة اقتصادية مهمة وبلد المليون فرصة استثمارية .. ماذا تقولون للمستثمرين وللعالم العربى فى هذا الشأن؟
ولد محمد الغظف : أقول لهم كلمة واحدة: الوقت المناسب هو الآن، بعد غد قد يكون متأخرا، هناك فرص واعدة فى مجال الصيد والمعادن والثروة الحيوانية وفى مجال الغاز والبنى التحتية ، فمن أراد فرصا فليأت إلى موريتانيا اليوم قبل الغد.
الأهرام : ما هى التسهيلات المتاحة؟
ولد محمد الغظف : جميع التسهيلات موجودة، البلد آمن والقوانين الاقتصادية أعطت فرصا كبيرة.
الأهرام : ماذا عن التعاون الاقتصادى مع مصر؟
ولد محمد الغظف : الشعب المصرى فى أعماقنا ووجداننا، والعلاقات مستمرة والتنسيق مستدام بين البلدين. لكن مازال التعاون الاقتصادى دون المستوي، لكن الإرادة قوية وستدفع به قدما ، ونحن لدينا قدرة كبيرة على التفاهم مع مصر، فلدينا تاريخ مشترك رغم التباعد الجغرافي، وكان لدينا فى السبعينيات أعداد اكبر من المصريين، وخصوصا فى مجال التعليم.
الأهرام : متفائلون بمستقبل موريتانيا؟
ولد محمد الغظف : نعم كثيرا، مستقبل واعد إن شاء الله، كانت قمة الأمل، وأصبحت نواكشوط بعدها عاصمة الأمل.
تصنيف: