كيف نصنف جميل منصور : اعتدال في الأسلوب أم اعتدال في الخطاب السياسي ؟

اجري موقع الأخبار إنفو مقابلة مطولة مع محمد جميل منصور رئيس حزب تواصل المنضوي تحت راية الإخوان المسلمين. وقد ألمت الأسئلة بقضايا عديدة كان من أكثرها ترددا موضوع الحوار السياسي ومسائل تتعلق بحزب تواصل : رؤيته السياسية، إديولوجيته وعلاقتها بالعلمانية ..ما يقال عن الخلافات في داخله.. تجديد قيادته، إلخ...  كما أنها تعرضت لقضايا أخرى مثل القمة العربية وهل تعتبر نجاحا لموريتانيا أم فشلا ؟.. وكذلك الوضع الأمني وما حققه النظام الحالي في هذا المجال... وقد ظهر في ردود جميل منصور نوع من المرونة من الصعب تصنيفه: هل هو خيار سياسي جديد للإخوان مبني على الاعتدال؟ أم أن الأمرلا يعدو كونه تكتيكا يقتصر على استخدام أسلوب تعبيري مرن مع محافظة الحزب على خطه المعارض المتشدد وعلى رؤاه القديمة؟ أم أن حزب تواصل يعتمد خطا قواما يمزج بين الموقفين حيث يسمح لصاحبه بالسير بين هذا وذاك؟

ليس من السهل اعطاء إجابات دقيقة لان جميل منصور ربما يكون قد اعتمد عدم الوضوح كنهج للخطاب السياسي حيث أشار إلى ذلك لما قال: "ينبغي على السياسي ان يكون واضحا في عدم الوضوح إن قرره".

على كل حال نترك الحكم للقارئ ونكتفي بتزويده فيما يلي بالنص الكامل للمقابلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار إنفو: لنبدأ بآخر المواضيع، ما هي آخر مستجدات موضوع الحوار السياسي؟

محمد جميل ولد منصور: طيب، بسم الله الرحمن الرحيم

مرة أخرى أجدد القول بأن أداءكم الإعلامي يستحق التشجيع، وأشكركم على هذه السانحة التي أتحتم لي.

فيما يتعلق بمستجدات الحوار، نحن في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة نحرص أن نوضح أمورا ثلاثة في هذا السياق:

الأمر الأول: التذكير بموقفنا المبدئي القائم على أن الحوار هو الوسيلة الأفضل لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد، وللتوصل إلى مخرج توافقي منها، وأن المجتمعات مثل مجتمعنا ينبغي أن يفضل ساسته الحوار لجملة من العوامل يعلمها الجميع تتعلق بحالنا، وموقعنا، وطبيعتنا.

الأمر الثاني: أنه بناء على تجاربنا السابقة، وبناء على قراءتنا لسلوك مختلف الأطراف، وخصوصا الطرف الحاكم، وانطلاقا من الدروس التي استخلصناها من مختلف المحطات، هذه المرة حَذُرُنَا، إدراكنا أن الحوار يقتضي من الضمانات والمقدمات ما يطمئن مختلف أطرافه، جعلنا واضحين في أنه لا بد أن تتوفر لدينا من المؤشرات والضمانات ما يجعلنا نقدم على الحوار بمعناه الرسمي؛ بمعنى أن استعدادنا ليس على إطلاقه لأي حوار، هناك ضوابط، هناك ضمانات، هناك مؤشرات، هناك أجواء ينبغي أن تتوفر.

ليس تعقيدا للأمور، ولا عرقلة لها، وإنما حرصا على أن يكون الحوار هذه المرة مفيدا للبلد، منتجا، يمكن أي يفضي إلى نتائج تخدم الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.

الأمر الثالث: أن الاتصالات التي جرت في السابق، وخصوصا في الفترة الأخيرة، سواء التي تحدث عنها الإعلام، أو التي لم يتحدث عنها، جرت في سياق حرص المنتدى على تهيئة هذه الأجواء، والمنتدى في هذه المرحلة، في مرحلة مشاورات بين مختلف أقطابه وأطرافه لتقييم ما جرى من الاتصالات الأحادية الفردية، والتصرف بناء على ذلك.

لا نحب بشكل صريح أن نزيد في الفضاء الإعلامي على هذا الحد.

الأخبار إنفو: تحدثتم عن لقاءات لم يتناولها الإعلام، ما هي هذه اللقاءات؟

محمد جميل منصور: أنا أملك الشجاعة في أن أقول إن السياسي ينبغي أن يكون واضحا، وينبغي أن يكون واضحا في عدم الوضوح إن قرره، تحدث الإعلام عن بعض هذه الاتصالات، ولم يتحدث عن البعض الآخر، ليست مهمتي انطلاقا من سابق الضوابط التي ذكرتها، أن أتكلم عن هذه الاتصالات، والذي أستطيع أن أؤكده أن كل الاتصالات التي جرت من جنس واحد، وأن موضوعها وسياقها هو مجال تقويم بالنسبة للمنتدى لكي يمكنه أن ينتقل إلى مرحلة أخرى.

الأخبار إنفو: هل تم الاتصال بكم شخصيا في إطار هذه الاتصالات التي تتحدثون عنها؟

محمد جميل ولد منصور: أخي الكريم، هذه الاتصالات، الإعلام لديه القدرة على الوصول إلى كثير منها، وصل إلى بعضها، وقد يصل إلى البعض الآخر، من المهم ومن الشفافية أنك ترى أنه من المصلحة أن لا تعطي تفاصيل هذه اللقاءات فيما يتعلق بشخوصها، ما يتعلق بطبيعتها، ولكنها من جنس اللقاءات المتحدث عنها، لقاءات بالنسبة للطرف الآخر – كما قال أكثر من مرة – يريد أن يتواصل مع المنتدى، نحن نريد أن نعطي فرصة لإمكانية خلق الأجواء من جديد.

الأخبار إنفو: من كان المبادر بهذه الاتصالات، هل أنتم في المنتدى من بادرتهم بالاتصال أم طرف السلطة هو المبادر؟

محمد جميل ولد منصور: منذ فترة، المبادرات في الاتصالات تكون من الطرف الآخر.

الأخبار إنفو: على ماذا ستتحاورون؟ أو بعبارة أخرى ماذا تريدون في المنتدى من الحوار السياسي؟

محمد جميل منصور: نحن بالنسبة لنا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، وتواصل جزء أساسي منه، عبرنا عن رؤيتنا للحوار من خلال عريضة قدمناها للسلطات منذ فترة، وتحدث عنها الإعلام، ولعله تسرب مضمونها أو حتى حرفها إلى وسائل الإعلام، هذه الرؤية نحن كمنتدى هي الرؤية التي ندافع عنها، بكامل مضمونها.

بطبيعة الحال أي طرف قدم رؤية، قدم مقاربة فيما يمكن أن يسمى مشاورات أو مقاربات أو حوارا، فمعنى ذلك أنه مستعد لمقتضيات التبادل والأخذ والرد.

لكن الذي أستطيع أن أؤكده لكم هنا أن جوهر الأمور المتعلق بالحرص على إصلاحات من الحجم الكبير تخدم العملية الديمقراطية، وتوفر الفرصة الحقيقية للتداول السلمي على السلطة، وتشكل قطيعة مع عدد من الممارسات والأشكال التي كانت سائدة، تظل أمورا جوهرية بالنسبة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ويعتقد أن أي تقدم في أي مرحلة من مراحل النقاشات والحوار والاتصالات منوط بها.

الأخبار إنفو: يرى بعض المتابعين أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ انقلابه 2008، كان في كل مرة يرتب أوضاعه المستقبلية اعتمادا على أحد مكونات المعارضة، ويقولون إنه فعل ذلك في 2008، وفي 2009، وفي 2011، وفي 2013، ألا تتخوفون من أن يفعل ذلك بكم أيضا في 2019؟

محمد جميل منصور: التخوف وارد، والملاحظة فيها نسبة من الصحة، رغم المبالغة فيها أحيانا، ولكن من الطبيعي جدا أن تكون المعارضة، والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة قد استفادوا من الدروس الماضية، وفهموا أكثر سلوك ومنطق النظام الحاكم، وبالتالي ينبغي أن يكون ذلك عنصرا مؤثرا على سلوكهم هذه المرة، وتعاطيهم مع موضوعات النقاش ومخرجاته، ومع المرحلة السياسية القادمة.

أعتقد أن هناك محطة مهمة في التاريخ السياسي للبلد، لأول مرة ستكون هناك انتخابات رئاسية سنة 2019 بدون الرئيس القائم، بحكم الدستور، وبحكم الالتزامات المعلنة بهذا الدستور، وبالتالي هذه المحطة من التاريخ السياسي للبلد، تقتضي منا بالنسبة للمعارضة أن تكون على مستوى الوعي والتحضير والنظر قادرة على أن تسير هذه المرحلة بطريقة مختلفة، وبطريقة أجود.

الأخبار إنفو: ألا يحتاج هذا إلى حوار سياسي بين المعارضة أكثر من الحوار مع النظام؟

محمد جميل منصور: الحوار داخل المعارضة، أعتقد أنه يجري منذ فترة، المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة كتلة واسعة، داخلها هناك نقاشات بطبيعة الحال، وهناك مداولات بخصوص هذا الموضوع، ومحطاته ومتعلقاتها المختلفة، وأعتقد أن المنتدى يقطع شوطا في سبيل تحديد رؤية توافقية إجماعية داخله، هذا من الأمور المهمة والأساسية.

الأخبار إنفو: رؤية لما بعد 2019؟

محمد جميل منصور: رؤية في تسيير المرحلة السياسة القادمة بمختلف مراحلها إن شاء الله تعالى.

فيما يتعلق بالأطراف المعارضة الأخرى، لا شك أن هناك بعض الصعوبات، تعود إلى سابق التقديرات، مع أن العلاقات تحسنت داخل هذه المعارضة، وآمل أنه تجري بينها – سواء ما يمكن أن يعتبر في هذا الطرف أو ذاك الطرف بالنسبة للمنتدى – من النقاشات واللقاءات ما يسمح بمزيد من التقارب.

الأخبار إنفو: بم تفسرون تراجع الحديث عن الممهدات لدى قادة منتدى المعارضة؟

محمد جميل منصور: على كل حال، المنتدى في المرحلة الأخيرة لم يحبذ أن يدخل في التفاصيل، ولاحظ أن تسيير هذا الأمر يقتضي مستوى من الإجمال وحتى مستوى من عدم الحديث، لأن الإكثار من الحديث في موضوع لم تتقدم فيه خطوات جدية، أعتبره من الناحية السياسية ربما غير وارد، لكن الذي أؤكده لكم أن رؤية المنتدى ما زالت كما هي، بطبيعة الحال تعلمون أن رؤية المنتدى مكونة من محورين رئيسيين:

-         ما يسمى بإجراءات الثقة المطلوبة، ويسميه البعض – أو تسميه وسائل الإعلام – الممهدات.

-         ومحور يتعلق باتفاق الإطار المقترح، وكل هذا يدخل في إطار الضمانات القبلية السابقة للحوار  بمعناه الرسمي.

أؤكد لكم أن هذه الأمور في مجملها، على تفاوت داخلها بالتأكيد – كما عبرنا عن ذلك في أول الأمر – لأن الوثيقة التي قدمت للحكومة حينها أوضحنا فيها أن الرد سيخضع للتقييم بالنسبة لنا، وخضوع أي رد للتقييم يعني أن مضمون هذه الأطروحات ليس بالضرورة بنفس المستوى.

ولذلك ما زال موضوع الضمانات مطروحا، يتفاوت بعضه عن بعض، يتقدم بعضه على بعض دون شك، ولكنه ما زال مطروحا، وأساسيا وجوهريا خصوصا ما تعلق بالأمور القاطعة مع الأحادية وتدخل الدولة في التنافس السياسي، لأنه العنصر الأبرز في إستراتيجية المنتدى للحوار هو أنه قبل الإقدام على الحوار ينبغي أن يتوفر ما يطمئن للإقدام عليه.

الأخبار إنفو: يمكن وصف الممهدات التي تقدمتم بها بأنه تتشكل من حدين؛ حد أدنى يتمثل في الرد المكتوب، وحد أعلى يتمثل في حل كتيبة الحرس الرئاسي "بازب"، أو إتباعها لقيادة أركان الجيش، وبينهما بعض المطالب التي ربما يكون الزمن قد تجاوزها، هل ما زلتم متمسكين بهذه الممهدات؟

محمد جميل منصور: أنا لن أدخل في هذا الجواب في تفاصيل الوثيقة، وما يعتبر قد تجاوزه الزمن، أو ما يعتبر متقدما على بعض، أو أهم من بعض.

ولكن الذي أستطيع أن أقوله إن الذي ورد في الوثيقة متعلقا بكتيبة الحرس الرئاسي هو تبعية الكتيبة للقوات المسلحة والجيش الوطني في إطار دمج هذه المؤسسة بشكل كلي.

الأخبار إنفو: وهل هي غير تابعة للجيش حتى تطالبوا بتبعيتها له؟

محمد جميل منصور: على كل حال، نحن لا نملك من المعطيات والمعلومات التفصيلية عن وضع القوات المسلحة وعن وضع كتيبة الحرس الرئاسي ما يجعلنا نجيب عن وضعها الحالي، ولكن الذي نستطيع أن نقوله هو أننا لاحظنا من المؤشرات والتصرفات والقرارات والسوابق أن هذه الكتيبة مستقلة، أو متميزة، أو مميزة عن الجيش الوطني.

ولذاك ما أردناه ليس استهدافا لكتيبة معينة، ولا لأشخاص معينين، ولا لأفراد من القوات المسلحة، وإنما هو جعل مؤسسة الجيش في وضع موحد تخضع لسلم واحد، ولموجهات واحدة، وللمنطق الجمهوري الذي ينبغي أن يحكمها بناء على التجربة، والتجارب المماثلة.

ولذلك – للأسف – نحن نستهجن بعض المقاربات والتصورات التي أخذها البعض، وهو أن المعارضة لديها مشكلة مع الجيش، أو مجموعة من الجيش، الأمر ليس كذلك، نحن حرصا منا على الجيش نريده أن يكون موحدا نظرا، وفعلا، حرصا منا على الجيش نريده أن يقوم بمهمته الجمهورية، ونقطة في نهاية السطر.

الأخبار إنفو: بصراحة، هل ما زلتم في منتدى المعارضة تشترطون الرد المكتوب؟

محمد جميل منصور: ليس في علمي أن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة غير أيا من مواقفه السابقة.

وقد طلب – فعلا – وبشكل واضح، ونتيجة للارتباك في الأجوبة التي تلقاها وفده الأول في المناقشات الأولى، اضطراب هذه الأجوبة، واضطراب التعبير العلني عن هذه الأجوبة، جعل المنتدى يرى أنه من المسؤول، ومن المناسب أنه ينبغي أن يقدم له رد مكتوب على الوثيقة التي قدمها، وكان للطرف الآخر رأي عبر عنه بشكل مباشر – أو غير مباشر – من هذه المسألة.

ولعل هذه النقطة من ضمن نقاط أخرى في إطار ما عبر عنه المنتدى سياسيا في المرحلة السابقة: أوقفوا المسار الأحادي الذي أعلن في النعمة، نحن مستعدون للنقاشات غير الرسمية معكم للتوصل إلى حلحلة للعقبات التي كانت موجودة.

هذه النقطة وغيرها من النقاط تخضع بالتأكيد للنقاش والتداول داخل المنتدى وفي ما يقع من اللقاءات المشار إليها آنفا.

الأخبار إنفو: عينتم في المنتدى مفوضا باسمكم للحوار، ألا يعني هذا أنكم وصلتم مرحلة متقدمة من تحضيرات الحوار؟

محمد جميل منصور: حين نشر في وسائل الإعلام أن وفدا من الطرف الآخر مكلفا بالحوار مكونا من أشخاص ذكروا بأسمائهم ووظائفهم، مكلفا بلقاء المنتدى، دخل المنتدى في مشاورات ونقاشات، وأنتم تعلمون أن المنتدى ثقيل البنية، مكوناته متعددة، متنوعة، على مستوى الأقطاب، وعلى مستوى الأحزاب، والشخصيات، والمنظمات، وبالتالي هذا يقتضي وقتا للتعاطي مع أي مسألة من الناحية المبدئية، صيغتها، وشكلها، وطبيعتها، من حيث الرسمية، وغير الرسمية.

ثم من حيث ترجمة ذلك في شكل اختيار الأفراد المعنيين بهذا، وهذا الأمر ليس سهلا.

نحن ما زلنا في هذه المرحلة من المشاورات، ما زلنا في هذه النقاشات، وما يجري – إن جرى – من الاتصالات، يقع في سياق ما كان يقع في السابق.

الأخبار إنفو: ألم يعين الوزير الأول السابق ورئيس حزب "عادل" يحي ولد أحمد الوقف مفوضا من المنتدى للحوار؟

محمد جميل منصور: شخصيا، لو سئلت من الأفضل للقيام بهذا الدور لكان رأيي أنه الأستاذ يحي ولد أحمد الوقف، لكن هذا الموضوع لم يصله المنتدى لحد الآن بشكل رسمي على مستوى هيئاته ومسؤوليه.

الأخبار إنفو: تحدثتم قبل قليل عن عملكم في المنتدى على رؤية إجماعية للمرحلة القادمة، هل تصورت هذه الرؤية السناريوهات المتوقعة في البلاد؟ وما هي أرجحها لديكم؟

محمد جميل منصور: نحن نعتقد أن المرحلة القادمة من الناحية السياسية تقتضي قدرا كبيرا من المسؤولية، وقدرا كبيرا من الحذر.

المسؤولية في أننا كطرف أساسي في المعادلة السياسية للبلد، ينبغي أن ندفع باتجاه أن تسير الأمور نحو ما أمكن من الانفراج والحوار، بناء على الضوابط السابق ذكرها، لأن بلدنا، ظروفنا، محيطنا، خصوصيتنا، السياقات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والجغرافية التي نوجد فيها كل ذلك يفرض علينا هذه المسؤولية، ويعزز التعلق بها عندنا.

كذلك قدرا من الحذر، لأننا نتعامل مع طرف هو السلطة، اجتمعت لدينا من المؤشرات والعوامل في السابق ما يغيب الثقة في سلوكها وتعاملها.

وبالتالي نجمع بين المسؤولية والحذر في التعاطي مع المرحلة القادمة، ونرجو هذه المرة أن نوفق أكثر من المرات السابقة.

فيما يتعلق برؤيتنا، نحن نعتقد أن البلد فعلا مقدم على تحول مهم سنة 2019، يتعلق به ما يسبقه، لأنه يخدمه من حيث الإصلاحات والتحضيرات، وما يمكن أن يجري قبله من الاستحقاقات، وهو ذاته، لأنه لأول مرة ستكون هناك انتخابات رئاسية بدون الرئيس القائم.

هذا التطور السياسي يقتضي منا ذلك، ونحن كما قلت نناقش ونحضر، ونتداول للتعامل مع هذا الأمر.

الأخبار إنفو: فشلكم في التوافق مع مكونات المعارضة، وخصوصا تكتل القوى الديمقراطية، والمعاهدة من أجل التناوب السلمي، ألا ترون أن هذا يشكل إحدى أبرز نقاط ضعفكم؟

محمد جميل منصور: أولا: أنا أعتقد أن وصفه بالفشل مبالغة، نحن لم ندخل في حوارات ومفاوضات معهم.

الأخبار إنفو: ألم يرفض رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير التنسيق معكم في الموقف من تعديل الدستور، وخصوصا ما يتعلق بالمأموريات؟

محمد جميل منصور: لا، كان جوابه بشكل واضح أن لديه موقفه من موضوع المأموريات، وأنه سيعبر عنه بطريقته هو.

فمعناه أنه في المضمون لا يوجد خلاف جوهري. بحكم جملة من الاعتبارات، بطبيعة الحال لا تبدو لي مقنعة، لم يترجم هذا الاتفاق في الرؤية إلى اتفاق في الآليات والصيغ.

على كل حال نحن نحرص على تسيير العلاقة مع مختلف أطراف المعارضة، خصوصا تكتل القوى الديمقراطية الذي نعتقد أنه يجتمع مع المنتدى في عدد من الأمور والقضايا والرؤية، على تسيير هذه العلاقة بطريقة تسمح لها بالنجاح، مستفيدين من الماضي، مقدرين ما يمكن أن يكون، مستعدين في المستقبل لتطوير الأمر.

الأخبار إنفو: ألا تعتبرون أن الاعتقالات التي وقعت خلال الأسابيع الأخيرة، والإدانات التي صدرت بحق عدد من النشطاء الشباب، تناقض أجواء الدخول في حوار سياسي؟

محمد جميل منصور: على كل حال أعتقد أننا كنا واضحين في ذلك، رغم الحديث العام عن موضوع الاتصالات وما يجري، نحن كنا في المنتدى حريصين على أن ننظم مؤتمرا صحفيا بحضور قيادات المنتدى، وأن يكون واضحا أنه متركز على موضوع التراجع في الحريات، والقمع الذي ووجه به كثير من النشطاء، والاعتقالات التي شملت قيادات من "إيرا"، ومجموعة "25 فبراير"، والشباب الناشطين، والتعسف والمبالغة في الأحكام تجاه أعمال محدودة، بغض النظر عن الحكم عليها في ذاته، وعبرنا عن ذلك، وأعتقد أن الأحزاب – أيضا – عبرت عن ذلك.

أنا شخصيا تحدثت عن الموضوع في أكثر من تغريدة على حسابي في "اتويتر"، وقلنا بشكل صريح إن المحاكمات والاعتقالات والتضييق ليست من جنس الحوار.

وأعتقد أنه في أي نقاشات أو لقاءات من أي نمط سيكون الموضوع مطروحا، وبالتالي نحن طرف سياسي نقدر الأمور، ونعتبر أن مكسب الحرية، والهامش المتاح من الحرية أهم بكثير من الأمور الأخرى المتعلقة بمسائل السياسيين التفصيلية، كأفق الانتخابات وما يتعلق بها، ولذلك كنا واضحين، وسنظل واضحين، وقد تشهد المرحلة القادمة تركيزا على الموضوع، على مستوى الأنشطة والفعاليات المنظمة من قبلنا.

الأخبار إنفو: الرئيس السابق اعل ولد محمد فال رأى في مقابلة مع الأخبار أنه لا مبرر على الإطلاق للحوار مع هذا النظام، وإن كان ولا بد من حوار معه فليكن على مغادرته للسلطة قبل إكمال مأموريته الحالية، كيف ترون هذا الموضوع؟

محمد جميل منصور: على كل حال نحن نقدر آراء ومقترحات مختلف الأطراف الموجودة على المستوى الوطني، وخصوصا الموجودة في فضاء المعارضة، وبالمناسبة تربطنا معهم جميعا علاقات طيبة، وسالكة، ولعلكم تلاحظون ذلك في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من تجل سياسي.

رؤيتنا أوضحناها في الوثيقة، عريضة المنتدى تحدد رؤيتنا للحوار فيما قبل الحوار، أي ما نسميه الحوار حول الحوار، حتى تتوفر الضمانات والأجواء المناسبة، ومرحلة الحوار نفسه من حيث المضامين والمحتويات.

ولأننا نحاسب انطلاقا من هذه الرؤية بالدرجة الأساسية.

الأخبار إنفو: أين تصنفون أنفسكم الآن من الحوار، هل أنتم أقرب للمشاركة فيه؟ أم أبعد؟ أم تراوحون في النقطة ذاتها؟

محمد جميل منصور: من الصعب إصدار حكم في أحد الاتجاهين، نحن بالتأكيد أملنا، رغبتنا أن تسير الأمور في اتجاه الحوار المطلوب بالضوابط التي نراها مناسبة، سيكون الحكم صعبا بأن هذا الأمل تعززه الآن وقائع على الأرض، ومضامين من حيث ما يجري أو ما جرى، وبالتالي من الصعب الإجابة بأحد الاثنين.

المقاربة السلبية تعززها أمور، والمقاربة الإيجابية يدعمها الأمل.

الأخبار إنفو: يرى البعض أنكم كمعارضة تقليدية، تقاعستم لتتركوا واجهة الفعل المعارض لشتات الأنظمة السابقة، وأن بعض من يتصدرون المشهد المعارض الآن لا يمثلون المعارضة بقدر ما يمثلون الأنظمة المتساقطة خلال السنوات الأخيرة، والتي كنتم تعارضونها، كيف ترون هذا الموضوع؟

محمد جميل منصور: المنتدى الوطني للديمقراطية الوحدة رئاسته الدورية الآن عند الأخ صالح ولد حننا، لا أعرف فيما تصنفونه.

العناصر البارزة في المنتدى على مستوى الأحزاب السياسية الرئيسية، وعلى مستوى النقابات والشخصيات هي عناصر انتماؤها للمعارضة ليس محل تساؤل أو تشكيك، سواء تاريخيا أو الآن.

ومع ذلك نحن نحكم على المنتدى بمختلف مكوناته انطلاقا من موقفه الحالي، ولسنا مولعين بالنظر إلى خلفية المرآة تاريخيا. مواقف الأفراد، توجهاتهم الآن هي التي نتعاطى معها، وأعتقد أن ذلك هو الوارد، وهو السليم.

الأخبار إنفو: ألا ترون أن ذلك يربك المواطن العادي حين يرى واجهات الأنظمة التي كانت تحكمه وهي تتصدر المعارضة؟

محمد جميل منصور: ينبغي أن تستحضر الأسماء التي تقود المنتدى الآن، وحينها سيكون هذا السؤال في غير محله.

الأخبار إنفو: حضرتكم قبل فترة مؤتمر حزب النهضة التونسي، وكان من أهم مخرجاته ما وصف بأنه فصل للسياسي عن الدعوي، وكتبتم لاحقا مقالا عن الموضوع، أين حزب تواصل من هذه القضية؟

محمد جميل منصور: هذا الموضوع يقتضي من الفرز النظري، والمقدمات الفكرية الكثير، مما لا يتاح في مقابلة صحفية من هذا النوع.

ولكن دعني أقول لك بأن الأمر وقع فيه خلط أو التباس لدى كثيرين بعضهم من موقع التشبث والتعلق بالفكرة الإسلامية كما عرفوها، وبعضهم من موقع الشماتة من طرف الخصوم أو المنافسين بالنسبة للحركة الإسلامية فيما اعتبروه علمنة بعد مرحلة كان الصراع فيها على أشده بين الإسلاميين والعلمانيين.

أعتقد أن الأمر نوقش فكريا، وكان للإخوة في المغرب الأقصى سبق في هذا المجال للأمانة، حتى نعطي للناس حقهم، ناقشوه على المستوى الفكري، وظهر ذلك النقاش في الكتاب الذي أصدره الدكتور سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السابق رئيسه مجلس الوطني الحالي ووزير الخارجية المغربي السابق، وترجموه في أطروحة المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية.

صحيح، أنه قد يكون الإخوة في حركة النهضة أعطوه زخما أكبر بحكم الحراك الفكري القوي والتجاذب الفكري في تونس، ثم أعطوه ألقا إعلاميا أوسع، وربما كان الاهتمام الإعلامي، وخصوصا الإعلام الغربي دوره من خلال اهتمامه بأطروحات النهضة.

وعلى كل حال الأمر يتلخص بشكل جوهري في أن الحزب السياسي مهمته السياسة، وأن الإسلام في المجال السياسي يعطي موجهات ويضع ضوابط ويقدم أسسا ولا يدخل في التفاصيل.

وأن الحزب السياسي باعتبار انشغاله هو الإنشغال الدنيوي بعبارة العلماء والفقهاء التي استصحبها الأخ سعد الدين في أطروحاته شأن دنيوي مجال للاجتهاد والتقدير، وبالتالي لا يوصف بأنه تحكمه أحكام ثابتة، مطلقة حدية، وأن الانشغال بمخرجات الفعل الإسلامي الأخرى دعوة وتربية ليس من شأن الأحزاب.

هذا التمييز في الوظائف، والتمييز في الخصائص، والتمييز في الاهتمامات هو جوهر الفكرة، ولكنه أبدا لا يصل ما هو معروف في الإطروحة الإيديولوجية العلمانية المعروف بفصل الدين عن الحياة، وفصل الدين عن السياسة، لأن السياسة هنا في هذه الأطروحة تأخذ من بركة ومن منطلقات وموجهات الدين، ولكن هذا الدين أعطاها مجالا وفضاء أوسع يستطيع العقل أن يملأه باعتباره من منطقة العفو المذكورة في الحديث الصحيح.

الأخبار إنفو: وأين حزب تواصل من هذه القضية؟

محمد جميل منصور: بالنسبة لحزب تواصل، منذ البداية، وعمليا كان حزبا سياسيا، لعل الواقع الفكري والسياسي في موريتانيا ليس واقعا ضاغطا وحديا لكي تظهر الأطروحات بشكل واضح، ولكن منذ البداية كان حزب تواصل حزبا سياسيا، وكانت المشاغل الدعوية والمشاغل التربوية التقليدية للتيار الإسلامي يمارسها غيره، وبالتالي كان هذا التخصص موجودا منذ البداية، لا أدري إن كان الموضوع واضحا من الناحية الفكرية بالشكل الكافي، لا أدعي أن الموضوع نوقش كما نوقش في المغرب أو تونس أو غيرهما أبدا، ولكن أعتقد أن الأرضية القائمة على التخصص السياسي والطبيعة السياسية للحزب موجودة.

بطبيعة الحال الأمور تأخذ وضوحها الأكثر والأشد حين ما تكون الأجواء الفكرية أو السياسية أو الإعلامية معينة أو ضاغطة للوضوح أكثر.

جوهر الفكرة المتعلق بالتخصص السياسي، أو بالطبيعة السياسية للحزب قائمة، والحاجة إلى مزيد من النقاش الفكري قائمة أيضا.

وبطبيعة الحال أيضا الحالة الموريتانية لا ينبغي أن ينظر لها كما ينظر لحالات أخرى، لأن هناك خصوصية على المستوى الثقافي والفكري لموريتانيا.

الأخبار إنفو: توجد لديكم في الحزب أمانة للتأصيل، كما تقومون من حين لآخر ببعض العمل الخيري والخدمي، ألا يعتبر هذا خارج نطاق العمل السياسي التقليدي للأحزاب؟

محمد جميل منصور: بالنسبة لموضوع العمل الخيري هذا أمر آخر، العمل الخيري بمعنى التخصص ليس موجودا عند حزب تواصل ولا يمارسه.

حزب تواصل – وبالمناسبة كغيره من الأحزاب داخليا وخارجيا – تقع ظروف، تقع للناس أحداث وكوارث فيبادر الحزب – ربما متقدما على غيره، فاعلا أكثر من غيره – لخدمة هؤلاء الناس الذين تضرروا، وهذا نعتقد أنه من واجبنا تجاه مواطنين تضرروا في وقت – في الغالب – تسجل السلطات العمومية الدولة بمعناها العام استقالتها العملية.

ليس طبيعيا أن ينشغل به السياسيون كثيرا، ولكن أن ينشغلوا به على نحو محدد، وفي إطار خدمة مجموعة من المواطنين تعرضوا أو احتاجوا هذا الاحتياج فأمر أعتقد أنه وارد وفي سياقه.

ولكن هناك أمر آخر، ينبغي أن تفرقوا بين أفراد تواصل، وبين تواصل، لا ينبغي أن تختلط الأمور، أن تجد أعضاء وعضوات من تواصل يمارسون عملا خيريا، أو عملا نقابيا، أو حقوقيا، ولكنهم يمارسون هذه الأعمال بصفات أخرى.

ولكن باسم تواصل الذي نمارسه من العمل الخدمي هو في السياقات سابقة الذكر.

فيما يتعلق بموضوع التأصيل، هو داخل في هذا السياق، سياق التوجيه والضبط، نحن حين نتحدث عن أمانة للتأصيل لا نتحدث عن أمانة للفتوى، وهناك فرق بين الأمرين، نحن تحدث لنا أقضية ومشاكل ومستجدات، بعضها يطرح إشكال أحكام شرعية متعلق بها.

وسأعطيك أمثلة نحن اليوم نمارس العمل البلدي، ويهمنا أن نخدم الناس فيه، وكانت أول قضية طرحت لنا فيه هي موضوع المكوس والضرائب، وهذا الموضوع تحدث فيه الفقهاء والعلماء، وبالتالي كان لا بد لنا كحزب أن نبحث في هذا الموضوع من ناحية الأحكام الشرعية، والتفريق بين ما كان أصلا ملزما في كل الأحوال، وما كان اجتهادات أو أحكام تفصيلية تعبر عن وقتها.

هذه الأمور التي تحدث عنها الشرع نحن ملزمون مهما كان فهمنا للعمل السياسي وللحزب السياسي أن ننضبط فيها بضوابط الشرع، ولا نخجل من هذا، فالتأصيل يندرج في هذا السياق، وليس بمعنى أمانة للفتوى، كل شيء لا بد فيه من فتوى، وموقف الفقيه أبدا، نحن حزب سياسي ودائرة العفو عندنا أوسع.

الأخبار إنفو: تراجع الأداء الميداني لحزب تواصل، أو ما يوصف لدى الشباب المحتجين بالفعل النضالي؟

محمد جميل منصور: كيف يجري الحديث عن تراجع الفعل النضالي، ونحن نتحدث الآن وفي اليومين الماضيين كانت السلطات في ولاية البراكنه تعتقل وتضايق قادة الحزب، وخصوصا اتحاديه الأخ الأستاذ مصطفى الشيخ، لأنه وقف متضامنا مع مجموعة من المواطنين، ومجموعة من الساكنة في إطار أعمال صنفت باعتبارها تضييقا على الناس، أو – على الأقل – انتهاكا لحقوقهم دون تفسير مقنع، أو تعويض مجز، وبالتالي لا يمكن الحديث بهذا الشكل عن الموضوع.

نحن نقدر المجموعات الشبابية التي سجلت احتجاجاتها في المرحلة الماضية، وأعتقد أن المنظمة الشبابية لتواصل كانت حاضرة مع هؤلاء، ناشطة معهم، ومتضامنة معهم.

الأخبار إنفو: إذن، كنتم حاضرين من موقع التضامن، وليس من موقع المشاركة؟

محمد جميل منصور: من موقع التضامن، لأنه ربما كانت سياقات تأسيس بعض المنظمات الشبابية والاحتجاجية وقع فيها التباين بين المكونات السياسية التي ناقشتها حينها، لكن الأمر لا يعني أن شباب تواصل لم يعد موجودا في الميدان. أعتقد أنه بنظرة للمحطات الماضية ستجدون أن كان حاضرا.

الأخبار إنفو: هل أنتم راضون عن أداء شباب حزبكم؟

محمد جميل منصور: شباب تواصل ليسوا راضين عن مستوى النضال، ولسنا راضين عن مستوى النضال بصفة عامة، ونأمل أن يكون المستوى النضالي – بطبيعة الحال بالضوابط المناسبة – أكثر فعالية، وأن يكون دورنا فيه أكثر حضورا وفعالية.

أملنا أن المسار النضالي والاحتجاجي يأخذ مداه، بطبيعة الحال بضوابط السلمية، والديمقراطية، والقانونية، لأننا كأحزاب سياسية أيضا نتحرك في سياق سياسي محدد.

الأخبار إنفو: هل أنتم راضون عن أداء مؤسسة المعارضة والتي يتولى منصب الزعيم الرئيس فيها أحد قيادات حزبكم؟

محمد جميل منصور: إذا لم نكن راضين، أو إن لم تكن المؤسسة راضية عن أدائها فالأسباب الموضوعية هي الغالبة على الواقع الذي تعيشه مؤسسة المعارضة.

الأخبار إنفو: وهذا يعني أن لستم راضين عن أدائها؟

محمد جميل منصور: لا، أنا أقول: إذا كنا، لأن طموحنا، طموح مؤسسة المعارضة، طموح الزعيم الرئيس لمؤسسة المعارضة أن تكون في وضع مختلف تماما عن الوضع الحالي، لكن لا تنسوا أن مؤسسة المعارضة مقيدة بالقوانين وإلى الآن تعرقل الحكومة كل متعلقات تنزيل القانون، وتفصيله، مقيدة بالإمكانات من حيث التقييد في ميزانية الدولة، مقيدة بسلوك الحكومة والسلطات التي تتجاهل هذه المؤسسة وتتجاهل كل المتعلقات القانونية من ناحية اللقاءات، من ناحية المعلومات التي يوجبها القانون في حقها، أن هذه المؤسسة ولدت في ظرف سياسي فيه تعقيد وفيه التباس، فتواصل جزء من معارضة أغلبها مقاطع وممانع، وليس موجودا داخل هذه المؤسسة سياسيا، وتواصل هو الذي يقود المؤسسة على المستوى المؤسسي، وبالتالي هذا واقع مقيد. نحن نجتمع مع أحزاب لا يجمعنا معها الموقع السياسي بمعنى التحالفات داخل هذه المؤسسة، ونحن نتحالف مع أحزاب لا نجتمع معها في هذه المؤسسة.

هذه الظروف كلها محيطة بأجواء مؤسسة المعارضة.

ولذلك الزعيم الرئيس لمؤسسة المعارضة كان أمله في هذه المرحلة رغم كل هذه المعوقات، حسب ما سمعت منه وأعلنه أكثر من مرة، هو مزيد من التأسيس، مزيد من التفعيل الإداري والقانوني والعملي، وأن يتعود الناس على هذه المؤسسة، وأن يضع لبنة في إطار بنائها لعل ذلك في المستقبل – حين ما تتحسن الظروف – يكون أجود.

والناظر لمسار هذه المؤسسة – حسب آخر مؤتمر صحفي عقده الزعيم الرئيس للمؤسسة ومعه مجلس الإشراف – كان واضحا أن هذه المؤسسة تحاول، تبذل، تنشط، لكن هذه المعوقات تمنع أن يكون هذا النشاط، وأن تكون هذه الفعالية على مستوى الآمال المعلقة عليها، سواء بالنسبة للرأي العام، أو بالنسبة للمعارضة الديمقراطية، أو بالنسبة لنا كحزب، وحتى بالنسبة لقيادتها.

الأخبار إنفو: خلال الفترة الأخيرة ظهر في الإعلام ما وصف بأنه خلاف داخل قيادة تواصل، وكان من مظاهره الارتباك في حسم من يشغل مقعدكم في مكتب الجمعية الوطنية، حيث غيرتم ممثلكم فيه ثم تراجعتم عن هذا التغيير، ما هي خلفيات هذه الموضوع؟

محمد جميل منصور: خلفياتها بسيطة، وواضحة، الفريق البرلماني بناء على الوثائق المنظمة للعمل، وانطلاقا من حقه المقرر في هذه الوثائق، اجتمع في دور عادية وقرر جملة من الأمور من أهمها تطبيق منطق التداول على المسؤوليات داخل الجمعية الوطنية، وكان قد بدأ قبل ذلك بتغييرات داخل الفريق نفسه من حيث الرئاسة، ونيابة الرئاسة والتقرير، والقانون يعطيه هذا الأمر، وقرر تغيير كل المسؤوليات، بالمناسبة ليست فقط نائب رئيس الجمعية الوطنية.

الجو الذي وجد بعد هذه التغييرات، أو القرار، لأنه لم يأخذ بعد بعده التنفيذي على مستوى الجمعية الوطنية، والأجواء التي خلقها – عن حسن نية أو سوئها – جعلت اللجنة التنفيذية للحزب في نقاش رسمي لها تعبر عن أن كل هذه الإجراءات في وقت واحد قد لا تكون مناسبة، دون أن تتدخل لأن القانون لا يعطيها حق التدخل، ولكنها عبرت عن الرغبة، رئيس الحزب ترجم هذه الرغبة في طلب للفريق البرلماني بإعادة النقاش في هذه المسألة، الفريق البرلماني اجتمع بأغلبية كبيرة، أعاد النقاش، اتخذ القرار الجديد، هو صاحب التقدير والسلطة في الأمر.

هذه الأمور التفسيرات التي تعطى لها في الغالب أكبر منها، رغم أننا لا ننكر أننا في تواصل توجد داخلنا تباينات في تقدير الأمور، تباينات في المواقف من الأمور، تباينات في تقدير مواقع الأشخاص ودورهم، هذا يقع فينا، لكن ما زلنا نحرص على أن نسير أمورنا بطريقة مؤسسية طبقا للقوانين الناظمة للحزب، وبناء على مؤسسية شورية هي في تقديرنا صاحبة القرار النهائي على مستوى الأشخاص.

الأخبار إنفو: لكن هذه الحادثة تحديدا، جرى الحديث كما لو كانت انقساما جهويا أكثر منه تباين في وجهات النظر أو المواقف؟

محمد جميل منصور: أن ينتمي الأفراد لجهات معينة، أو قبائل معينة، أو مناطق جغرافية معينة، هذا نحن ليس في مجال قدرتنا، أي أننا لا نقرر على الناس انتماءهم، نحن نناقش الأمور انطلاقا من تقديراتنا الجماعية، قد يكون موضوع هذا القرار إيجابيا تجاه شخص ينتمي إلى عرق أو قبيلة أو جهة معينة، قد يكون موضوع هذا القرار السلبي يتجه إلى شخص من عرق أو جهة أو قبيلة معينة، لكن هذه الاعتبارات ليس حاضرة لا أثناء نقاش القرار، ولا أثناء اتخاذه.

ولذلك هؤلاء الأشخاص بمختلف انتماءاتهم كانوا في أكثر من مرة موضع قرارات إيجابية بهذا المعنى، أي التعيين، أو الترشيح، أو التقريب، وموضع قرارات سلبية بهذا المعنى، أي تغيير وتبديل داخل المؤسسات، وبالتالي، للأسف الناس تعطي هذه المعاني أكثر مما تستحق عندنا، رغم أننا نحن نأخذ - بطبيعة الحال - بعين الاعتبار الأجواء والسياقات والمحيط، وما يقال، بالتأكد نحن كحزب سياسي ننظر إليه، ونقدره، ونستحضره دون أن يؤثر على جوهر قراراتنا.

الأخبار إنفو: قلتم قبل قليل إن موريتانيا على أبواب مرحلة غير مسبوقة في تاريخ بانتهاء المأمورية الثانية للرئيس، حزب تواصل كذلك على أبواب مرحلة غير مسبوقة في تاريخ الأحزاب السياسية الموريتانية، وهي وجود رئيسه في مأموريته الثانية والأخيرة – حسب نصوصه – والمرحلة بالنسبة لتواصل أقرب من المرحلة بالنسبة لموريتانيا، هل بدأتم الإعداد – فعليا – لهذه المرحلة؟

محمد جميل منصور: ولذلك الأمر يبدو – والحمد لله – في مستوى من التناسق والتكامل زمنيا، تواصل في مؤتمره القادم إن شاء الله تعالى، في نهاية السنة القادمة، سيكون بحكم القانون، وبحكم الأخلاق، وبحكم السياسة، مفروضا عليه أن يغير مسؤوله الأول، وبالتالي سينتقل مسؤوله الأول إلى مواقع أخرى لخدمة الحزب، وسيختار الحزب قيادة جديدة، ليس من شأننا، والوقت ما زال بعيد نسبيا، سنة وأشهر، أن نبدأ النقاش في هذه المسألة، أنا متأكد أنه في مرحلة معينة سيبدأ النقاش بشكل غير رسمي، لأن الهيئات عندنا لا تناقش المرشحين ما قبل المؤتمر، لأن هذا ليس من صلاحياتها، هذه صلاحية مخصوصة لأهل المؤتمر، لكن بالتأكيد ستبدأ النقاشات غير الرسمية حين ما يقترب الحدث، وقد تتحدد أسماء، وقد تتحدد مواقف لهؤلاء الأشخاص، أو لهذا المكون من مكونات الحزب، وأنا على كل حال مطمئن أن تواصل في المرحلة القادمة سيختار قيادة فعالة إن شاء الله تعالى، قادرة على قيادة المرحلة القادمة التي سبق وأن وصفتها بأن موريتانيا تمر فيها بمرحلة مهمة، وحساسة، وإن شاء الله تعالى سنكون جميعا في عون هذه القيادة المنتخبة.

الأخبار إنفو: ما هي أبرز الشخصيات التي ترشح لخلافتكم في قيادة تواصل؟

محمد جميل منصور: هي ليست خلافة، المصطلحات لها دلالتها، هناك رئيس انتهت مأموريته، خلاص، سيغادر، هناك رئيس جديد – إن شاء الله تعالى – سينتخب من طرف المؤتمرين.

الكلام عن الأسماء هنا غير وارد، وخصوصا بالنسبة لي، لأنه عادة يكون هناك مستوى من الحساسية في المسؤول الأول حين يتحدث عن المسؤول الأول القادم، والحساسية معروفة حتى في المجتمعات الديمقراطية أكثر، وبالتالي الحديث عن الأسماء سابق لأوانه بصفة عامة، وسابق لأوانه أكثر بالنسبة لي شخصيا، لكن أعتقد أن هناك صفا قياديا من تواصل توجد والحمد لله لديه من المؤهلات والخصائص ما يجعل الاختيار متوفرا بالنسبة للمؤتمرين في المؤتمر القادم.

الأخبار إنفو: تقولون إن قيادة حزبكم تُرَشحُ ولا تترشح، بمعنى أن القيادة لا تتقدم من تلقاء نفسها، ولا تقدم برنامجا للمؤتمرين، ولا تقوم بحملة انتخابية، هل ما زالت قوانينكم تنص على هذه الإجراءات؟ وهل أنتم مقتنعين بها؟

محمد جميل منصور: هذا حتى الآن هو السائد، هذا هو السائد إلى الآن..

الأخبار إنفو: لكنكم في حملاتكم للمناصب النيابية، والبلدية، والرئاسية، تستحضرون نصوصا من قبيل {اجعلني على خزائن الأرض} و {إن خير من استاجرت القوي الأمين} لم لا تستحضرون هذه النصوص في التنافس الداخلي؟

محمد جميل منصور: رأيي الشخصي، رأيي الشخصي، أن نستفيد من التجارب الديمقراطية في هذا الموضوع، وليس عيبا أن تكون توجهات وترشيحات، ربما ليس ترشح الأفراد، وإنما يرشحه آخرون وأن يكون هناك نقاش سابق للمؤتمر، وليس عيبا أن تكون هناك أطروحات وآراء يعبر عنها بعض الأشخاص المؤهلين بحكم الرأي العام الخارجي أو الداخلي في الحزب لهذا الأمر.

لكن حتى الآن السلوك التنظيمي والمؤسسي للحزب، هو أن الأمر يترك للمؤتمرين، وأن ما يقع من أحاديث قبل ذلك هي أحاديث بعيدة عن الرسمية، وأن المؤتمرين يرشحون مجموعة من الأسماء، ثم يفتح النقاش داخل المؤتمرين الذين يصوتون عليهم.

وبالمناسبة الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية في هذا الموضوع لديها مدارس مختلفة في هذا السياق، وبعض طبق هذه الأطروحات، وبعضها لم يطبقها. أنا أفهم تربويا وأفهم لمزيد من الانسجام في مجتمع عهده بالمؤسسة والعملية الديمقراطية الداخلية والخارجية كذلك حديث، أن يظل الناس متمسكين بهذه النظرة التي تغلب الحذر والاحتياط التربوي بالنسبة للناس.

ولكن لا بأس بالنسبة لرأي الشخصي، وهو ما زال شخصيا جدا، أن نضيف جرعات من وسائل التحضير..

الأخبار إنفو: هناك ثلاثة أسماء يتم تداولها باعتبارها ضمن أبرز القيادات الآن، وهم الزعيم الرئيس للمعارضة الحسن ولد محمد، ونائب رئيس الجمعية الوطنية محمد غلام ولد الحاج الشيخ والقيادي الشيخان ولد بيب، برأيكم أيهم سيكون الرئيس المقبل لحزب تواصل؟ ولأيهم ستصوتون؟

محمد جميل منصور: في النظام السابق، القاعة ترشح 15 اسما، وبالتالي من الظلم لمختلف الأفراد المفترضين أن تعبر عن الموقف من بعضهم دون بعض، وحتى الآن – كما قلت – الحديث عن الأسماء سابق لأوانه، وهو سابق لأوانه أكثر بالنسبة لي شخصيا، وبالتالي تتحدد الأمور أكثر حينها.

الأخبار إنفو: أنتم مؤتمرون في المؤتمر القادم بقوة القانون، هل لديكم مرشح محدد؟

محمد جميل منصور: أنا مؤتمر بقوة القانون، لكن حتى الآن لا مرشح لدي بكل صراحة، قد يمر البعض بميل في مرحلة معينة، باسم من الأسماء، بشخصية من الشخصيات، لكن مع الحذر من التعبير عن هذا الميل، لكن أن يتحدد رأي فيما يتعلق بموقف شخصي فهو ما لم يتحدد إلى الآن، والله شاهد على ذلك.

الأخبار إنفو: ألا يمكن أن يوصف هذا من طرف بعضهم بأنه من غمط المؤسسة حقها عليكم، ومن تجربتكم، ما دمتم تعرفون المنصب وتعرفون القيادات التي يتصور أن تشغله؟

محمد جميل منصور: كثير على المؤسسات تصرفات الرؤساء وآراؤهم في مراحل إدارتهم للشأن، فكيف بهم يتدخلون في شأن من بعدهم، سيرون أن الأمر فيه الكثير من التدخل فيما لا يعنيه، أو على الأقل محاولة توجيه.

الأخبار إنفو: هل يمكن أن تصل إحدى منتسبات تواصل إلى رئاسة الحزب؟

محمد جميل منصور: لا أتوقع أن يقود تواصل في المرحلة القادمة إحدى الأخوات القياديات في الحزب، من باب التوقع.

قانون الحزب ووثائقه ليس فيها ما يمنع أن تقود أخت من الأخوات الحزب.

الأخبار إنفو: على المستوى الشخصي ما هي ألوياتكم ما بعد رئاسة حزب "تواصل"؟

محمد جميل منصور: على كل حال، أنا شخصيا لدي كامل الاستعداد النفسي والعملي لخدمة الحزب من أي موقع إن شاء الله تعالى، أثناء النقاش، بعض الإخوة يرى أن من كان يتولى المسؤولية الأولى ينبغي أن لا يكون في أي موقع في الحزب في المرحلة القادمة، لأنه سيقع هناك لبس في الدور الذي ما زال يمارسه داخل الحزب، البعض الآخر يرى أنه لا إشكال في الموضوع.

على كل حال، أنا لدي اهتمامات أخرى غير الاهتمامات الحزبية بالمعنى التنظيمي، والأدائي، ولكن أعتقد أن ما زال لدي – والحمد لله – ما أستطيع أن أقدمه للحزب، من أي موقع يكلفني فيه.

الأخبار إنفو: كيف ترون الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد؟

محمد جميل منصور: تقويمنا في حزب تواصل، ونحن جزء أيضا من المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أن الأداء العام في البلد سالب، سالب على المستوى الاقتصادي، سالب على مستوى حجم الفساد الذي يلاحظ بين الفينة والأخرى، وتخرج أخباره ومعلوماته وشواهده وقرائنه بشكل أصبح يستعصي على الحصر، سالب من حيث الوضع السياسي والحقوقي، وتكلمنا عن ذلك، اعتقالات ومحاكمات ومضايقات..

سالب في معالجة الملفات الرئيسية للوطن بطريقة مسؤولة تحفظ للبلد وحدته، وتحقق لمكوناته العدل المطلوب، سالب على مستويات عديدة ولا تكاد العناصر الإيجابية بشكل عام تذكر بالمقارنة مع حجم العناصر السالبة.

ولذلك نحن (وهذا مبرر طبيعي لمعارضة ديمقراطية) نمثل بديلا عن النظام القائم وسياساته، ونأمل أن تتاح الفرصة في موريتانيا لهذه الرؤية الأخرى في تسيير الشأن العام، وإصلاح ما فيه من أعطاب.

الأخبار إنفو: تتحدثون في المعارضة عن مركزة الرئيس للمؤسسات والقرارات في يده، وعن تدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، لم لا تسعون للتحاور مع الرئيس بشكل مباشر، أو مع المؤسسة العسكرية؟

محمد جميل منصور: على كل حال الطرف الآخر هو الذي يحدد عناصره التي تتصل، أو يتصل بها، نحن كما لا نحب أن يتدخل لنا فيمن يتصل أو يتصل به، لا نتدخل نحن أيضا للطرف الآخر فيمن يتصل أو يتصل به، وعلى كل حال لكل اتصال وقته.

الأخبار إنفو: رحبتم بضيوف القمة العربية، واعتبر زعيم المعارضة – وهو قيادي في حزبكم – أن موريتانيا نجحت في الجانب المتعلق بها، وأن الجانب الآخر مسؤولية القادة العرب، هل توافقوا هذه الرؤية؟

محمد جميل منصور: على كل حال نحن (وكنا مبادرين في هذا السياق) كان موقفنا أن القمة كحدث بالنسبة للبلد، وضيوف القمة كقادمين على البلد، هذا الأمر يقتضي مسؤولية وترحيبا، هذا الأمر عبر عنه الحزب، وعبر عنه المنتدى، وأعتقد أن مجمل أحزاب المعارضة عبرت عنه باعتبار هؤلاء ضيوف على موريتانيا، ونحن نتحدث عن علاقات سابقة ولاحقة على هذا النظام الحالي، لكن في الحقيقة لا يمكن أن نقول إلا أن القمة كانت بعيدة كل البعد من النجاح، بعيدة منه في وقتها المخصص لها، ومستوى النقاشات، والتمثيل، ومستوى المخرجات.

الأخبار إنفو: مسؤولة موريتانيا هي توفير أجواء الاجتماع، أما القرارات فلا تعنيها، وهذا ما تحدث عنه الزعيم الرئيس للمعارضة في مؤتمره الصحفي الأخير؟

محمد جميل منصور: لا؛ نحن نتحدث عن القمة، لا عن دور الموريتانيين فيها، هل الأمر هو دور مشترك، أنت استقبلت قمة، وأنا أقومها، ولا أتحدث عن المسؤوليات تقع على من؟

ولذلك هناك فرق بين الترحيب والمسؤولية في التعامل مع الحدث، وبين تقويم الحدث ونتائجه ومخرجاته، هذا موقف من الأولى، وحكم على الثانية.

ما أشار إليه الزعيم الرئيس للمعارضة لم أسمعه بشكل مباشر، لكن الذي أفهمه وتصورته أيضا أنه يتحدث عن المستوى الأمني والتنظيمي لم يقع ما ينغص على القمة، لكن القمة سياسيا ودبلوماسيا والقمة مخرجات وبيان ختام كانت شيئا آخر..

أنا تصورت المواطن العربي وهو ينظر إلى القمة، تصورت المواطن المطحون في أكثر من بلد، ينظر إلى القمة ومخرجاتها، تصورت المواطن العربي المحتجز في كثير من المناطق، وهو ينظر إلى مخرجات القمة، تصورت أهم قضية مركزية رغم ذكرها في كثير من الخطابات، وهي قضية فلسطين تنظر إلى المخرجات، تصورت الشعوب العربية وهي تنظر إلى تجارب ناجحة في الاتحاد الأوروبي، أو آسيا، أو حتى في الاتحاد الإفريقي نسبيا، وهي متراجعة، لا تحقق نجاحا في أي مجال من المجالات.

الأخبار إنفو: ألا تعتبر استضافتها نجاحا دبلوماسيا لموريتانيا؟

محمد جميل منصور: الكيانات الميتة لا يمكن أن تكون قيادتها نجاحا دبلوماسيا، انعقاد القمة العربية لأول مرة في موريتانيا حدث غير مسبوق، وهذا أمر مهم، أن يأتي العرب أو الأفارقة إلى موريتانيا، ويأتي ممثلون عن الدائرة التي نحن جزء منها لكي يعرفونا أكثر.

وأعتقد أنه على مستوى الدبلوماسية الثقافية سيكون الأمر مهما، على مستوى الدبلوماسية المجتمعية سيكون مهما، لكن النجاح الدبلوماسي لقمة بلا نتائج، ولجامعة منهكة عاجزة فاشلة وصفه بالنجاح أعتقد أنه مبالغة، وأنا عبرت عن ذلك على تويتر، وقلت إن الترحيب بالقمة وارد، وتسجيل أنها تنعقد في موريتانيا لأول مرة وارد، لكن الحديث عن نجاح القمة أو مخرجات القمة أو فائدتها على المستوى السياسي والدبلوماسي أعتقد أنه مبالغة.

الأخبار إنفو: يجري الحديث عن أزمة دبلوماسية بين موريتانيا والمغرب، وأخرى بينها والسنغال، كيف ترون علاقات موريتانيا بجوارها؟

محمد جميل منصور: نحن كحزب، وكمعارضة في المسائل الدبلوماسية لدينا انتباه وحساسية لأن مصالح بلدنا تهمنا، وفي أي احتكاك خارجي ننظر باهتمام أكبر، وبعين أوضح لمصالح بلدنا ولاستحقاقاته أكثر من غيره.

لكن للأسف يبدو لنا أن هذا النظام يسير العلاقات الخارجية للبلد بطريقة غير ناجعة، أنا لا ألاحظ أن هنالك علاقة إقليمية في المحيط الإقليمي للبلد يمكن وصفها بالمتميزة ولا حتى بالناجحة، قد تتفاوت في صعوبتها وأزماتها، البعض يكون متقدما من حيث المشكلة معه، والبعض يأتي بعد ذلك، وبالتالي إذا نظرت للعلاقات الإقليمية للبلد كلها ليس هنالك ما يمكن أن يوصف بالتميز أو حتى النجاح.

ولذلك بلد كموريتانيا ليس من مصلحته أن تكون جزءا من سياسة المحاور لا على المستوى الدولي ولا على المستوى القاري أو المناطقي، ولا على المستوى الإقليمي، لأن بلدا مثل موريتانيا ينبغي أن يحرص على العلاقة الطيبة مع الجميع بشرط أن لا تكون مصالحه الوطنية موضع تهديد، ولذلك من الصعب الحديث التفصيلي عن هذه الأزمة أو تلك مع هذا البلد أو ذاك، لكن الذي يتراءى أن النظام لا يحسن تسيير العلاقات الخارجية مع الجوار، أو مع الدول ذات الاهتمام بالعلاقة مع البلد، على العموم مع وجود لبعض الاستثناءات.

الأخبار إنفو: المقاربة الأمنية الموريتانية كانت محل إشادة من مسؤولين وزعماء، ساسة وخبراء، ما الذي يمنعكم في المعارضة أن تشيدوا بها؟

محمد جميل منصور: على كل حال، لا يستطيع أحد لا يملك من المعطيات الكافية عن مقاربة أمنية تتسرب المعلومات عنها بين الآونة والأخرى، وقد تكون هذه المعلومات غير مريحة، لا يستطيع الحكم عليها.

مع ضرورة تسجيل أن القوات المسلحة الوطنية، والأمن الوطني حققا نجاحات في الفترات الأخيرة على مستوى تأمين الحدود، والتعامل مع المخاطر على هذا المستوى.

 

        

تصنيف: 

دخول المستخدم