الأقرب، فالأقرب: غياب الساحل

يستنير الإعلام ببوصلة ترشده إلى اختيار هذا الموضوع أو ذاك. وهي: "الأقرب، فالأقرب". وتدرَّس في معاهد ومدارس التكوين الصحفية تحت عنوان: قانون القرب (loi de proximité).

واليوم، نرى تجلياتها في تحول أنظار الإعلام الغربي إلى الحرب في أوكرانيا واهماله لما سواها. فهكذا نلاحظ أن "النقاط الساخنة" الأخرى، في الشرق الأوسط، في الساحل، في القرن الافريقي... صارت منسية أو تكاد أن تكون. لأنها بعيدة من مركز اهتمام الدول الغربية، مقارنة بالحرب التي اندلعت منذ اكثر من أسبوع بين روسيا وأوكرانيا. وكما نرى في الرسم البياني من خلال الدوائر متحدة المركز التالية ، فإن البعد أو القرب لا يقاسان فقط بالمسافة، وإنما أساسا بالعوامل الجغرافية الأخرى، والأبعاد السياسية، والجيوسياسية، والحضارية، وغيرها مما يشكل روابط متينة بين المجموعات وبين الدول.

ولهذا السبب، نلاحظ أن التحديات الارهابية في منطقة الساحل لم تعد على واجهة الإعلام والاهتمام الدولي رغم خطورة الأحداث في هذا المنحى التي تطرأ يوما بعد يوم في المنطقة. نذكر من ذلك على سبيل المثال كون الهجمات الخطيرة التي تعرضت لها مؤخرا القوات المالية، يوم الجمعة الماضي في ثكنة موندورو قرب الحدود مع بوركينافاسو وهجمات أخرى ضد قوات هذه الأخيرة وغيرها من الأحداث في دول المنطقة، لم يرد ذكرها إلا في وسائل إعلامية غربية قليلة جدا وبصورة خاطفة. كما لم تصدر- حسب علمنا- أي ردة فعل من طرف الحلفاء والشركاء الغربيين للدول المعنية بعد ما جرى فيها.

فاهتمام الغرب، اعلاما، وشعوبا وحكومات، ينكب الآن وعلى مر الساعات نحو أوكرانيا بوصفها الأقرب لهم من جميع النواحي. والمؤسف أن بقية العالم يسير حذوهم: لا حديث إلا عن  أوكرانيا. غابت فلسطينن، غاب الساحل، غاب اليمن، وغاب، وغاب، وغاب...  

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

تصنيف: 

دخول المستخدم