اتصلتُ فور رؤيتي للوحة الإشهارية بأحد ارقام الهاتف المكتوبة في اسفلها. فرد علي المسؤول بسرعة. وكان صادقا في جوابه : قال أنه لا يعرف الحسانية ولا العربية. وتبين لي أنه ضعيف جدا في الفرنسية، ولا يعرف لغة أخرى عالمية. سألته إن كان معه من يمكنني التحدث معه بإحدى اللغتين. ولم افهم رده.
بعد ذلك بدقائق اتصل بي رجل يتكلم الحسانية جيدا، وكذلك العربية فيما يبدو. وقدم نفسه على أنه سكرتير المسؤول وقال لي اسم هذا الأخير. وترددت بعد ذلك هل اذكر اسمه في التدوينة الحالية أم لا. وأكد على أن المعني يداوي كل شيء تقريبا: الأمراض البدنية والنفسية والمشاكل الاجتماعية. وعدته بأنني سوف اتصل به على الواتساب عبر صوتيات. ثم كان "السكرتير" هو من بدأ بالاتصال عبر الهاتف والصوتيات.
سألته إن كانوا يعالجون المسائل التالية: آلام الظهر (hernie discale)، فقدان الذاكرة (ازهيمر)، الارتعاش (باريكسون)، العنوسة، عدم الانجاب، المشاكل الزوجية ...؟ وما هو الثمن لكل منها؟
كان جوابه قاطعا: نعم. والاسعار مقبولة وقابلة للنقاش والمساومة.
لكنني حقيقة لم أسأله عما احسه آنذاك لأنني لم اشعر بالضيق في تلك اللحظة: لم يبدأ ضميري يؤنبني إلا بعد حديثنا؛ وذلك لسببين.
أولا: أخاف أن أكون خدعته، لأنه فهم من أسئلتي وإصراري على الحصول على أجوبة دقيقة حول الكلفة المالية أنني راغب في التعامل معهم. بينما العكس هو الصحيح. بل إنني علقت هاتفه.
ثانيا: أتساءل هل ينبغي أن أكتفي بهذا القدر من الكلام عن هذا النوع من الخديعة التي يمارسها ضد مواطنينا جهلة يدعون السحر ويمتهنون الخرافات؟ ألا ينبغي أن أبذل جهدا أكبر بغية فضحهم وتوقيف شعوذتهم؟ وكيف ذلك؟ وحتى إن حاولتُ، فما الفائدة طالما أن: "يدا واحدة لا تصفق" (أيدْ وحْده ما اتصفگ)، كما يقول المثل الشعبي.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: