احتضن هذا الصبا ح قصر المؤتمرات بانواكشوط حفلا كبيرا لانطلاق البرنامج الوطني لإحياء التراث القيمي. حضر الحفل كثير من مختلف النخبة الوطنية و كذلك مشاركون اجانب. بهؤلاء جميعا امتلات القاععة الكبيرة التي شيدت خصيصا لهذا الغرض. و كان رئيس الوزراء هو من أعطى إشارة الإنطلاق.
و يبدو جليا أن هذا البرنامج طموح، حيث أودع في اصدار أعدته مجموعة متميزة مؤلفة من 15 فردا يتكونون من خبراء و أساتذة جامعيين. و قد صدرت اعمالهم تحت عنوان : "دليل إحياء التراث القيمي الموريتاني ـ جمع و تصنيف و تحليل". جاء الكتاب باللغتين الرئيسيتين في موريتانيا : العربية و الفرنسية. و قد اشتمل على ما يقارب 170 صفحة من الحجم المتوسط.
و في مقدمته التي كتبتها وزيرة الثقافة و الصناعة التقليدية ـ السيدة هندو منت عينينا ـ تم تحديد الملامح العامة للبرنامج بوضوح : إطاره، دوافعه، أهدافه، النتائج المتوخاة منه. و جاء ذلك على النحو التالي، حسب قراءاتنا للإصدار :
- الإطار : " حرصا منا على خلق توجه جديد يعيد الاعتبار لقيمنا الأساسية من اجل بناء نظام اجتماعي قادر على دفع ثقافة أمة متصالحة مع ذاتها و مُؤَمِّنة لجميع أفراد مجتمعها، فإن حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية بتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز أن تطلق البرنامج الوطني لتفعيل التراث القيمي".
- الدوافع : مواجهة " تراجع القيم و مكننة العلاقات بين الأفراد التي بدا جليا أن التهاون في كل ما له علاقة بواقعنا الثقافي قد جعل منهما سلوكا ممنهجا".
- الأهداف : " (...) إعادة كتابة عقد اجتماعي وطني من خلال استنهاض تراثنا العريق و النابع الإشارة إلى البعد الأمني ووارة من القيم الأساسية للشعب الموريتاني بكامل خصوصياته الاجتماعية و بثقافته المتنوعة".
- النتائج المتوخاة : " (...) إعادة عظمة الإنسان الموريتاني بترسيخ قيمه بترسيخ قيم السلام و التعايش السلمي و التسامح و الصدق(...)".
من هذا البرنامج تبادرت إلى أذهاننا ملاحظتان أوليتان :
- و لو أنها كانت مقتصرة جدا، فإن الإشارة التالية إلى البعد الامني واردة حقا :" أمة متصالحة مع ذاتها و مُؤَمِّنة لجميع أفراد مجتمعها". و هي سهلة الفهم و لملاحظة لمن يقرء بين السطور. غير أنه من المستحسن أن يتم العمل على إبراز التحدي الامني بشكل واضح للجميع خلال تنفيذ البرنامج.
- وفرة البرنامج قابلة للتحسين من حيث شموليته. إذ ينبغي أن تؤخد المعطيات الناجمة عن العصرنة في الحسبان بغية مواءمتها مع تفعيل التراث القيمي. و إلا لبقي هذا الأخير في تنافر خطير مع ما يقتضيه تطور العالم اليوم، مثل: مفاهيم حقوق الإنسان التي لم تكن معروفة قديما لدينا في صيغها الراهنة، و كذلك اكراهات العولمة، و انتشار المعلومة، و سهولة الولوج إليها... و كل ما يترتب عن كل ذلك من فوارق وعواقب يجب أن يجد احياء التراث القيمي الصيغة السليمة و الفعالة للتعامل معها.
لا شك أن وزارة الثقافة تعي هذه الجوانب جيدا، بل لدينا يقين بأنها تعمل عليها ضمن رؤيتها الاستراتيجية وخططها العامة.
تصنيف: