في خطاب وجهه هذا المساء إلى الشعب، اتبع الرئيس السنغالي أسلوبا توافقيا يدعو صاحبه إلى التهدئة والوحدة؛ وكأنه يسير في اتجاه معاكس لوزير الداخلية السنغالي الذي كان صرح في بيان قرأه يوم الجمعة الماضي على أمواج التلفزيون أن الإرهابيين ضالعون في الأحداث الني يشهدها السنغال؛ معلنا أنه لوحظت أعمال إرهابية واعمال تخريب متعمدة طابعها الإجرامي واضح، حيث تميزت، على حد قول الوزير، باللصوصية الكبيرة والتمرد والنهب وتدمير المنشآت والممتلكات العمومية والخصوصية. ووعد بالبحث عن جميع الضالعين في الأعمال الإجرامية واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة.
وحمَّل النائب عثمان صونكو المسؤولية؛ حين قال أنه يحاول تأجيج الشارع والإضرار بالنظام والأمن بغية تحويل الأنظار عن ملفه القضائي الذي يُتهم فيه بالاغتصاب والاعتداء على فتاة تقدمت بدعوى ضده إلى السلطات القضائية.
وخلافا لنهج الوزير المتشدد ولغته الصارمة، التي وصفها مراقبون ومدونون بالعنيفة، فقد ابتعد الرئيس السنغالي في خطابه عن كل ما شأنه أن يؤجج الصراعات، ولم يوجه اصابع الاتهام لأي طرف كان. فلم يتطرق إلى قضية النائب عثمان صونكو واعتقاله مكتفيا بالقول أنه "ينبغي أن يُترك للقضاء عمله وحريته."
وقد كرر ماكي صال مرارا وتكرارا تفهمه لغضب الشباب وتفهمه لتذمرهم من الأزمة الاقتصادية التي يعيش البلد والعالم ومخلفاتها الاجتماعية الخانقة، الناجمة عن جائحة كوفيد 19. وذكر بما قامت به الدولة لمواجهة الوضع.
ووعد بأنه سوف يعيد النظر في آجال قصيرة في توجيه المخصصات المدرجة في الميزانية بصورة تسمح سريعا بتحسين الإجابات على متطلبات الشباب فيما يعني التكوين والتوظيف وتمويل المشارع ودعم الأعمال والقطاع الغير مصنف. ثم اختتم حديثه معلنا تغيير توقيت حظر التجول في داكار وفي اتييس، حيث سيكون من الساعة "صفر" حتى الخامسة صباحا؛ وذلك لتمكين المواطنين من الوقت الضروري لمزاولة نشاطاتهم المختلفة: الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية...
ولكن إلى أي حد ستلقى هذه الوعود ورسالة التهدئة، التي تحملها وتواكبها، الصادرة عن ماكي صال، آذانا صاغية لدى الشارع السنغالي؟ فمن غير المستبعد أن يكون لها اثر إيجابي، خاصة أن عثمان صونكو قد اطلق سراحه مع أبقائه تحت الرقابة القضائية. وقد تتسبب المواقف الراديكالية لهذا الأخير وتحريضه على ما يسميه "الثورة السلمية" وتشديده عليها في حيرة وتحفظ الفاعلين السياسيين وقادة الرأي المعتدلين الداعمين له. علما أن "الثورة" من الصعب أن تبقى سلمية. حتى وإن أراد لها القادة ذلك، فكثيرا ما تخرج عن سيطرتهم وتشوبها اعمال عنف خطيرة ومأساوية يكاد يكون من المستحيل التحكم فيها.
ومن جهة أخرى، فإن اغلاق المؤسسات التعليمية خلال أسبوع تشكل عثرة في وجه تنظيم المظاهرات والعصيان التي دعت إليها " حركة الدفاع عن الديمقراطية" (M2D)*، دعوة لا يبدو أنها لقيت استجابة كبيرة.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
----------------------------------------------
M2D= Mouvement de défense de la démocratie.
تصنيف: