كلنا نتذكر أن السعد ولد لوليد كان قد انشق منذ فترة عن بيرام ولد الداه زعيم حركة "إيرا" المحذورة؛ ومنذ إعلان القطيعة بينهما وهو ينتقده بشدة رافضا خطه السياسي الذي يرى فيه توجها عنصريا خطيرا؛ فضلا عن أن بيرام "انتهازي ومناور كبير يوظف قضية لحراطين و محاربة العبودية ومخلفاتها ويتاجر بها مع الغرب تلبية لمصالحه ونزواته الشخصية" على حد قول ولد لوليد. كما يتهمه كذلك بالاستهزاء بالدين الإسلامي وبالتهاون مع الإسلاموفوبيين مثل مؤلفي الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) في جريدة "شارلي هيبدو"، وبالتركيز على الرأي العام الغربي بدلا من أن ينشغل بتعبئة فئات لحراطين والمجتمع الموريتاني وبتحسيسهم وتثقيهم .
فخلاف الرجلين جوهري إذن فيما يبدو، لأنه يتعلق بمضمون الرسالة السياسية وبمن هم المستهدفون بها.
أما من حيث الشكل فإن ولد لوليد يرفض أيضا الميول الفرنكفونية لدى بعض قادة الجيل الأول في حركة لحراطين الذين لم يستفيدوا من التعليم المحظري بينما كان التعريب ناقصا جدا آنذاك في التعليم النظامي. فقد كتب في هذا الشأن تدوينة على صفحته في (الفيسبوك) جاء فيها :
. "لعمري لعقدة لسان ببكر ( البزكية ) ، أفصح عند نا و جموع لحراطين الكالحة و أقوم ، من سلاقة ( موليير )".
والمقصود هنا بهذا الكلام هو ببكر ولد مسعود الذي لا يحسن جدا الخطاب بالعربية ويفضل في أكثر الحالات تعويض هذا النقص باستخدام الفرنسية كأداة تعبير. وعلى النقيض منه يمتاز ولد لوليد ـ الخريج من الجامعات المشرقية والحاصل على شهادة دكتورة في علم الاجتماع ـ بإتقانه للغة الضاد فصحى ولهجة وبكونه مسلح بالآليات الفكرية والنظرية اللازمة للتعامل مع الظواهر والقضايا الاجتماعية والسياسية في البلد.
ويشكل بالسبة له هذان المكسبان ـ اللغوي والأكاديمي ـ خصالا تؤهله للعب دور سياسي بارز ضمن شريحة لحراطين وشبابها الذين استفادوا من التعريب والتمدرس مثله؛ ومن السهل عليهم أن يتجاوبوا معه لأنه يتكلم لغتهم ويتفهم مشاغلهم .
وقد بدأ فعلا ولد لوليد يشق طريقه في هذا المنحى. و واضح أن جهوده تؤتي أكلها شيئا فشيئا. ومن الجدير بالفاعلين السياسيين ـ موالاة ومعارضة ـ أن يأخذو ا في الحسبان انبثاق هذا الزعيم الجديد وظهوره المتزايد بقوة على الساحتين السياسية والإعلامية.
ديلول
تصنيف: