بيان صحافي صادر عن الدورة السابعة والعشرين للمؤتمر القومي العربي

صدر عن المؤتمر القومي العربي السابع والعشرين المنعقد في 19 – 20 نيسان/ إبريل 2016، بيان صحافي حدّد فيه موقفه من القضايا الراهنة، على أن يصدر في وقت لاحق بيان تحليلي موسع يعكس جو أوراق العمل والمناقشات التي شهدها المؤتمر.

 

نص البيان:

على أرض تونس الخضراء، وبين ربوع ثورتها المجيدة، عقد المؤتمر القومي العربي دورته السابعة والعشرين، بالتعاون مع عمادة المحامين التونسيين، بمدينة الحمامات يومي 19 و20 إبريل/ نيسان 2016، وبحضور واسع من أعضائه، وقد ناقش قضايا الأمة متضمنة المواضيع التالية: انتفاضة القدس المنتصرة، واللغة العربية والأخطار التي تتهددها، وسبل الدفاع عنها، المشروع النهضوي العربي بعناصره الستة، والأوضاع العربية والإقليمية والدولية، إضافة الى حال المؤتمر القومي العربي بين الواقع والمستقبل، وقد صدر عن المؤتمر البيان الآتي:

يأتي انعقاد المؤتمر القومي العربي في دورته السابعة والعشرين في ظل متغيرات دولية وإقليمية وعربية أدت الى تغييرات جمة أتاحت للاعبين إقليميين وعرب توسيع رقعة تحركهم ورفع سقف توقعاتهم مما زاد حدة الصراعات العربية – العربية وبدّل في أسلوب الصراعات الدولية – الدولية.

إن المؤتمر القومي العربي يرى لما يجري أهدافا خبيثة يبثها العدو الصهيوني وربيبته الولايات المتحدة الأمريكية، وتتمثل في استنزاف طاقات الأمة وتقسيم كياناتها وتفتيت مجتمعاتها ومحاولة جديدة للإجهاز على القضية الفلسطينية وتشتيت الشعب الفلسطيني والحيلولة دون إمكانية عودته الى أرضه وبناء دولته.

وهذا العدو يستفيد من انغماس البعض في قطرية يدرك قبل غيره إنه لم توفر تنمية لشعبه ولا تجعل نظامه بمأمن من غدر الصهاينة والأمريكيين، فالأمن القومي العربي لا تمكن تجزئته، والتنمية لا يمكن تحقيقها بغير التكامل والتضامن.

إن ما تشهده الأمّة من ظواهر تطرف وإقصاء واستئثار إنما يهدف قبل كل شيء إلى تشويه صورة العرب والمسلمين والإسلام وهو نتيجة تقاطع مصالح بين أجهزة استخبارات إقليمية وعربية ودولية، ولا يتم القضاء على هذه الظواهر إلاّ بقيام المشروع النهضوي العربي.

انطلاقا من هذه الرؤية يحدد المؤتمر ما يلي:

1. يؤكد المؤتمر مجددا التزامه بقضية العرب المركزية فلسطين واعتبار تحريرها واجبا قوميا وهو يرى وجوب تحقيق المصالحة وتمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة المقاومة والتحرير، ووقف كل أشكال التفاوض والتطبيع والتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، ورفض أي حلول تمس الحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة. كما يدعو المؤتمر الشعب العربي وحكوماته إلى دعم المقاومة والانتفاضة باعتبارهما طريق التحرير والعودة والنصر.

2. يوجه المؤتمر التحية للمقاومة العربية في الوطن العربي وخاصة في فلسطين ولبنان، ويثمن دورها في مواجهة العدوان الصهيوني، ويعلن عن رفضه وإدانته الشديدة لكل محاولات تجريم حركات المقاومة، ولقرارات الجامعة العربية التي صنفت "حزب الله" منظمة إرهابية، كما يحيي الشعب العربي الذي دافع عن المقاومة اللبنانية في مواجهة هذه القرارات ويدعو الحكومات المعنية إلى التراجع الفوري عنها، التزاما بتطلعات الشعب العربي المؤيد لخيار المقاومة. كما يدين قرارات حجب الإعلام المقاوم وبخاصة قناتي الميادين والمنار.

3. يدين المؤتمر العدوان الإقليمي والدولي الداعم للإرهاب الذي يستهدف سوريا تاريخا وحاضرا وموقعا وموقفا من قضايا الأمّة. ويؤكد على وحدة التراب الوطني السوري، ويدعو إلى الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، وخاصة الجيش العربي السوري الضامن لوحدة ومستقبل هذا البلد. ويثمن المؤتمر مواقف المواطنين العرب السوريين في الجولان المحتل، ويرى في اجتماع الحكومة الصهيونية فيه عدوانا إرهابيا صهيونيا متجددا.

4. يدين المؤتمر العدوان السافر على اليمن، ويعتبر أن حلّ الخلافات العربية - العربية يجب أن يتم عبر الحوار. وأن اللجوء لخيار القتال والاقتتال يعد جريمة فظيعة في حق العرب والإنسانية. إن المؤتمر يحمّل العدوان المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة البشرية للشعب اليمني والدمار الشامل الذي طال البنى التحتية من مدارس ومستشفيات ومساجد ومزارع وجسور ومصانع ومنازل. وعليه يدعو المؤتمر الى الوقف الفوري للعدوان على الشعب اليمني ومقدراته، بأشكاله كافة. كما يدعو الى استئناف الحوار الوطني بين الأطراف اليمنية ووضع حد لكافة التدخلات الخارجية في الشأن اليمني.

5. يؤكد  المؤتمر أن عدوان حلف الأطلسي على ليبيا أرضا وشعبا، الذي تم بطلب ومساعدة من الجامعة العربية وبعض حكوماتها، أدى الى تدمير مقدرات الدولة الليبية وهدم مؤسساتها، وخاصة الجيش العربي الليبي، والمؤتمر إذ يدين هذا العدوان المستمر يجدد دعمه للحوار الوطني الليبي الشامل الذي يجب أن يلبي طموحات كل الليبيين، ويسهم في استعادة وحدة ليبيا ودورها العربي، وإلغاء كافة القوانين الإقصائية، وتفعيل قانون العفو العام، وإلغاء المحاكمات الصورية ونزع سلاح المليشيات ومكافحة الإرهاب.

6. إذ يؤكد المؤتمر على عروبة العراق ووحدته أرضا وشعبا فإنه يدعو الشعب العراقي الى تجاوز حالات الانقسام السياسي والمذهبي والعرقي، والمضي قدما في تعزيز الوحدة الوطنية، للتغلب على آثار الاحتلال الأطلسي وتداعياته، وعلى الإرهاب بكافة أشكاله، وإعادة بناء الدولة بما يضمن مشاركة وطنية دون تمييز.

7. يدعو المؤتمر حكومة البحرين والمكونات السياسية البحرينية الى إجراء حوار وطني لإيجاد حل سلمي للأزمة، يحفظ وحدة البلاد مجتمعا وأرضا على قاعدة الديمقراطية والمواطنة المتساوية والشراكة الوطنية للجميع. وفي هذا السياق يدعو المؤتمر الى إطلاق سراح سجناء الرأي واحترام حرية التعبير والامتناع عن سحب جنسيات المعارضين وإعادتها لمن سحبت منه، ووضع حد لكل التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي البحريني.

8. إذ يؤكد المؤتمر على دور مصر القيادي والمحوري فإنه يدين كل أعمال الإرهاب التي تستهدف الشعب المصري ومؤسسات الدولة، وفي طليعتها الجيش العربي المصري، والمؤتمر يدعو مصر للاضطلاع بدورها القومي الريادي من خلال تعزيز الوحدة الوطنية ومواجهة كل المحاولات والتدخلات التي تسعى لإضعافها وتغييب دورها.

9. يجدد المؤتمر دعمه للشعب اللبناني وجيشه ومقاومته لتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلة من طرف العدو الصهيوني، ويدعو الى استمرار الحوار بين مكونات المجتمع اللبناني للخروج من الأزمة السياسية التي يعاني منها، وصولا الى انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء حالة الفراغ السياسي التي يعاني منها لبنان؛ والتي تفتح المجال للإرهاب والتدخلات الخارجية.

10. يدعو المؤتمر إلى المصالحة الوطنية وعودة السلام الى الصومال بعد أكثر من عقدين من الزمن شهد خلالهما الصومال فوضى واقتتالا داخليا أمام صمت وتجاهل عربي صادم.

11. يرى المؤتمر وجوب تأمين عودة النازحين الى بلدانهم ومدنهم وقراهم؛ سيما الفلسطينيون والعراقيون والسوريون واليمنيون والليبيون، ويدعو الى تطبيق الاتفاقية العربية للحريات الأربع (التنقل، العمل، الإقامة، التملك) وضمان احترام وصون حقوقهم الإنسانية في الدول العربية كافة. 

12. يدعو المؤتمر الى العمل الجاد والدؤوب لتضافر الجهود الشعبية والرسمية من أجل تطوير المناهج الدراسية ومنظومة التربية والتعليم في جميع مراحلها برؤية إستراتيجية وإرادة سياسية وقرار سيادي واعتبارها مسألة وطنية وقضية أمن قومي وجعلها قادرة على الربط بين العمل والبحث العلمي والإنتاج ودافعة الى التحليل والإبداع والابتكار، وحامية للغة العربية، كي تبقى هذه اللغة لغة التربية والتعليم والمخاطبة الأولى، ولتكون عاملا أساسيا للرابط القومي الذي يجمعنا وعنوانا للهوية العربية التي تجمعنا.

13. يدعو المؤتمر إلى حشد الطاقات والإمكانيات العربية لمكافحة الإرهاب والغلو والفكر المتطرف الظلامي المتوحش، من خلال جهود معرفية وفكرية وسياسية وتنموية وقانونية شاملة، ويدين التعصب الطائفي والمذهبي الذي يؤدي الى فتنة تمزق النسيج الاجتماعي العربي، والتي تخدم بشكل رئيسي المشروع الصهيو – أمريكي.

14. يدعو المؤتمر الدول العربية ودول الجوار العربي (إيران وتركيا وإثيوبيا) الى إقامة حوار عميق يؤسس لعلاقات إستراتيجية على قاعدة الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإعلاء المصالح المشتركة.

كما يدعو إلى إقامة علاقات إستراتيجية على الصعد الثقافية والاقتصادية والسياسية مع الدول الإفريقية كافة، لكونها تمثل عمقا استراتيجيا للأمة العربية.

والمؤتمر يستنكر ويدين التآمر الأمريكي على دول أمريكا الجنوبية الصديقة ومحاولاته للنيل من سيادتها واستقلالها وتغيير أنظمتها الديمقراطية، لاسيّما فنزويلا والبرازيل، ويدعو الى تعزيز الحوار العربي اللاتيني وتطوير المصالح المشتركة.

كما يدعو المؤتمر الى تعزيز العلاقات العربية الآسيوية في مختلف المجالات، وخصوصا مع الصين والاتحاد الروسي، وماليزيا، وإندونيسيا والهند وباكستان.

 

تونس  20 نيسان/ إبريل 2016

المصدر : ذ. محمدُّ ولد إشدو

تصنيف: 

دخول المستخدم