تشهد الساحة السياسية هذه الأيام تجاذبات قوية تتمحور حول تغيير بعض مواد الدستور الوطني. البعض يدعو إليه في حين يرفضه آخرون. الخلفية الكامنة وراء الخلاف الإيديولوجي بين الطرفين تكمن في الصراع من اجل السلطة.
بعض من أوساط الأغلبية الحاكمة المتزايدين باطراد يريدون الاحتفاظ بكرسي الرئاسة عن طريق تعديل القانون الأساسي لتمكين الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز من الترشح لولاية ثالثة وهم يعلمون انه أفضل مترشح لديهم. و يوظفون في هذا الصدد مبدأ جواز تغيير الدستور مركزين على أنه لا يوجد نص قانوني يمنعه. كما يبررون خيارهم بالحصيلة الجيدة للسياسة المتبعة، والمتمثلة في الرؤية الإستراتيجية الناجعة في محاربة الإرهاب، والمتمثلة أيضا وأساسا في الإنجازات الهامة والمتعددة الأوجه التي تحققت في عهد محمد ولد عبد العزيز.
في المقابل تطمح أطياتف متعددة من خصومهم في المعارضة ـ إن لم يكن جميعها ـ للوصول إلى السلطة؛ ولا يعترف الراديكاليون منهم بتلك المكاسب التي تذكرها الاغلبية الحاكمة فحسب، بل يرون أن البلد تم تخريبه كليا في ظل النظام الحالي على حد قولهم. وتقوم أطراف نشطة منهم بحملة إدانة قوية لما تعتبره خرقا دستوريا فادحا لا يمكن قبوله بأي شكل من الأحوال. حجتهم في ذلك أن مبدأ التناوب على السلطة يشكل "خطا احمر" لا يجوز المساس منه مذكرين بالنصوص الدستورية في هذا الشأن و بفوائد الممارسات السياسية في البلدان التي تكرسه بينما يحذرون من الأزمات والكوارث السياسية التي ألمت بدول أخرى سارت على النهج المغاير.
ومن الملفت للانتباه أن هذا التجاذب ـ الذي يستفحل شيئا فشيا ـ لم يلق ردا من قبل رئيس الجمهورية رغم كون أسمه هو أكثر الأسماء ورودا على السنة وأقلام طرفي النزاع، ورغم أن بعض الوزراء طرف بارز فيه. يبدو آن مشاغله تنصب في اتجاه آخر: مواصلة عمله و ترك العاصفة تمر حتى تخور قواها مع الزمن.
تصنيف: