لقد كنت على يقين بأنني سأثير تساؤلات كثيرة ومشروعة حول دوافعي ونواياي ومنهجي؛ ولم تخب توقعاتي أيضا بشأن ردود الفعل والدعايات المريبة التي سيبثها المشككون من أجل مضايقتي وبث العراقيل والأشواك على طريق مشروعي.
وفي المقابل، كنت أعول على ما شاهدتم وكنتم فيه الملهمَ الرئيسي والفاعل الحاسم: إيماني الذي لا يتزعزع بالرسالة التي حمَّلني مواطنو بلدي والعَقدَ الذي برموه معي في سبيل تأديتها عبر كسبي ثقة الناخب الموريتاني.
وقد بدأنا الرحلة معا: طويلة، وشاقة، على متن مركبة كبيرة ومعقدة، تتقاذفها أمواج عاتية صممنا العزم جميعا على التغلب عليها.
نعم، سفينة البنيان الوطني جميلة ومستعصية، وكلنا مساهم رائد فعال، يلعب دورا لا غنى عنه في تأمين مسارها: بوصفي القبطان الذي اخترتم لقيادتها، أحدد المسار واسهر على التقيد به؛ لكن من أين لي الحصول على معطيات الملاحة إلا بواسطتكم ! وكيف لي بتنفيذها لولا فكركم وسواعدكم !
قد يتساءل المرء:
"- ماذا دفعه إلا أن يتفوه بأشياء بديهية- كهذه -الناس يعلمونها؟"
فعلى أثر متابعتي لردود فعلكم الكثيرة والمتباينة، ونقاشاتكم العميقة والجدية، بعد شهر أو يزيد من بداية الرحلة، تبيَّن لي كم أنتم مصرون- مثلي- على أن تصل سفينتنا بأمان إلى وجهتها التي تعاهدنا على بلوغها- وانتم تعلمون كم للعهد عندي وعندكم معناه.
كونوا واثقين: نحن على الطريق المستقيم.
صحيح أنه ينبغي أن لا نبقى مكتوفي الأيدي في وجه المشككين ومبعثري الأشواك الذين يتحينون بنا الدوائر.
ففي عصر العولمة، وعصر قوة المعلومة وسيطرتها كسلاح فتاك وبنَّاء حسب التعامل معها، ينبغي أن نعرف أن السكوت قاتل. وفعلا، لقد لاحظت بارتياح وسرور منقطعي النظير كم انتم كثيرون على جبهة التصدي للتسميم الإعلامي والتضليل، وكم أنتم للأخبار الكاذبة (fake news) بالمرصاد.
ولا يفوتكم أنني معكم على نفس الجبهة، ونتقاسم نفس الإنشغالات والحلول. لكن بالإضافة لوسائل الكفاح الإعلامي البيِّنة، وككثيرين منكم، فإنني أوظف أسلحة وآليات ناعمة و"صامتة" تعودت على تشغيلها؛ وقد تربيت عليها، وألفتها منذ نعومة أظافري.
وهي تكمل وتغذي ما نحن جميعا فاعلون، وتؤسس له. وسوف أحث عليها من جديد- ختاما لقولي هذا- وأكررها: إنني أعمل.. أعمل.. أعمل... والفعل هو انجع خطاب نعتمده، ويربطنا بعضا مع بعض.
نيابة عن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دون تفويض منه، وعملا برؤيته:
البخاري محمد مؤمل ( اليعقوبي)
تصنيف: