منذ نحو ثلاث سنوات، ونحن "نخوض مع الخائضين" في جدل بيزنطي "ملأ الدنيا وشغل الناس" حول فتنة "المأمورية الثالثة" وذلك رغم جميع ما أعطاه رئيس الجمهورية من ضمانات بعدم تعديل الدستور، وما صرح به مرارا وتكرارا وبجميع لغات البلد من عدم ترشحه لمأمورية ثالثة!
الآن وقد قطع الرجل الشك باليقين، و"أنجز حر ما وعد"! فإن سؤالا كبيرا يطرح نفسه في الساحة السياسية الوطنية؛ ألا وهو: أما حان للموريتانيين جميعا أن يفتحوا صفحة وطنية جديدة؟ أم إن بعضهم ما يزال يتعلق بأسباب واهية يوسوس بها المبطلون؟
لا شك في أن أربع أوراق قد سقطت نهائيا على كل حال، وهي:
- فتنة المأمورية الثالثة أو "قميص عثمان"! هذه أسقطها بيان رئيس الجمهورية.
- الفتنة العنصرية! هذه أسقطها الدستور وداسها الشعب في مسيرة 9 يناير!
- فتنة التعلق بانقلاب عسكري! هذه مزقها دستورنا وأسقطها جيشنا الجمهوري الباسل الذي أظهر أنه أكبر من حماقات وجشع الطامعين!
- فتنة الخروج إلى الشارع! إن الشارع ملك للشعب! وقد أظهر الشعب وعيه ونضجه وتمسكه بالثوابت والمكاسب الوطنية وتعلقه بقيادة ونهج حققا له كثيرا من الحرية والديمقراطية والتنمية والرخاء!
فأين تذهبون؟
أنا لست حالما ولا مغفلا ولا مثاليا، وأعلم علم اليقين أن هناك من تتناقض مصالحهم مع مصالح الشعب والوطن؛ وبالتالي فهم أعداء للإصلاح والوحدة الوطنية والوئام والتقدم والرقي والأمن والازدهار.. هؤلاء لن يغفروا لمسيرتنا ضياع بعض امتيازاتهم. وسيظلون لها بالمرصاد يعمهون في تعنتهم وطغيانهم وينتهزون كل فرصة لإشعال الفتن لعل وعسى.. وهؤلاء غير معنيين بهذا النداء!
إن هذا النداء موجه إلى الشعب أولا، وإلى جميع القوى الوطنية الحية في البلاد، وإلى الذين ناضلوا بالأمس ضد الفساد والهدر والعنصرية وبقايا العبودية، وضد الهيمنة والصهيونية، وكانوا في صف قوى التغيير.. فعلى هؤلاء جميعا أن ينتهزوا هذه الفرصة الثمينة ويهُبُّوا متحدين كالبنيان المرصوص في نفير يحمي الاستقلال الوطني والديمقراطية والنهضة، ويعمل على إنجاح المرحلة الانتقالية المظفرة!
فإذا كان الرئيسان مسعود وبيجل وبعض شباب المعارضة اللامعين يظهرون في الصورة فأين بقية القادة؟
أين الرئيس أحمد ولد داداه رئيس حزب "اتحاد القوى الديمقراطية - عهد اجديد" العتيد الذي قاد النضال أمس ضد الطغيان والعنصرية وبقايا العبودية والهيمنة الأجنبية والصهيونية ومن أجل التغيير؟ وأين إسلاميو موريتانيا ويساريوها وقوميوها الأشاوس؟
أنا لا أصدق أن يكون من بين الساسة الوطنيين من يتعلل بمصالح ضيقة وكأنه غير معني بإنهاء محنة سكان أحياء الصفيح، ولا بنهضة ساكنة مثلثات ومربعات الفقر سابقا، ويتجاهل الثورة الزراعية في الجنوب ووصول الماء والكهرباء إلى الأحياء والقرى الفقيرة، وتدفق مياه النهر شمالا، ومياه بحيرة الظهر غربا، هذا بالإضافة إلى بناء جيش قوي، وإلى الأمن والعزة والاعتماد على النفس، وشبكات الطرق والموانئ والمطارات، وما تحقق من تقدم هائل في مجالات الحريات العامة والتعليم والصحة.. إلخ.
أتتركون هذه المكاسب في مهب العواصف والأنواء، وتقعدون مع القاعدين عن حمايتها والدفاع عنها؛ بل وتتعآملون - أيا كانت الأسباب - مع أعدائها وأعداء الوطن في الداخل والخارج؟!
ما لكم كيف تحكمون؟!
بقلم الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
تصنيف: