على الرغم من المجهود الكبير و الجديد الذي تضطلع به نقابة الصحفيين الموريتانيين في سبيل ترقية حقل الصحافة لانتشاله من براثن السوقية المستشرية في أوصاله و الضياع المتربص، يَصْدِمُ الإعلامُ الموريتاني مرة أخرى و في حضور رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين في نواكشوط بِضبابية الرؤية و غياب المأسسة و تدني المهنية بجملة ما شَفّ عنه - رغم الخطابة النسبية - من:
· الميوعة في إدراك الرسالة،
· التخبط في التوجه العام و الخاص،
· الضعف في الوسائل،
· التشتت في الجهد.
كما أبان ذات الإعلام عن خلطه بين مفهومي "حرية التعبير" و "حرية الصحافة"، فتارة يرى و هو منكب على الأولى مستسهلا الخلط فيها و بها مهمتَه "السامية" بنواقص "المدح" و "التبجيل" من زمن "السيبة" و "الانحطاط" لرفع مقامات حاصرها الجهل المغطى بالادعائية و الهوان المستترين وراء العنتريات الغنائية، و من دناءة "الذم" و "القدح" من ذات عصر "الفوضى" و "قانون الغاب" في أطر ضيقة لا تفي بمتطلبات النقد أو اللوم التوجيهي و النهج الإصلاحي. و أما حرية الصحافة فإن الواقع المعيش يعري غياب عطائها رغم الشهادات الخمس للتربع على "عرش" صحافة عربية تتقاسم ديكتاتوريات إيديولوجية و عسكرية و عشائرية و "مافيوزية" ـ حتى في القطر الواحد ـ تمييع بعضها و تكميم الآخر.
و ما حضور أوجه "التمييع" بكثافة أمام رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين و تصدرهم نصف المشهد دون خلفية يقينية بعطاء معلوم لفائدة الحقل في كل أوجهه:
· الإنتاجية في المخرج المهني المضيء،
· التنظيمية الحرفي للأداء،
· النضالية سبيلا إلى تكريس مفهوم السلطة الرابعة،
· التصحيحية للمسارات الخاطئة،
· التوجيهية الأضواء على القضايا الكبيرة بشقيها الإيجابي والسلبي،
إلا إمعانا من هؤلاء، الذين جاؤوا من كل فج عميق و قد هجروه بعد أن استنفدوا غاياتهم منه، في نيتهم المبيتة تقويض الرسالة الإعلامية و حشرها في زاوية ضيقة تشل من حولهم كل إرادة إيجابية منافسة رغبتهم الدفينة للاستئثار بريع "أحادية" الوجود بـ:
· ضبابية التنظير،
· و سرابية المخرج،
· و واهم الأدوار التوجيهية و الريادية،
و بهدف منع أي جهد يرمي إلى الرفع من مستوى هذه الرسالة الإعلامية لخدمة الوطن و توعية المواطن بضرورة مشاركته في ترسيخ دولة المواطنة و العدالة و الديمقراطية.
و إن الإعلام لـ"مضغة" إن صلحت صلح جسد الأمة كله و إن ظلت تحركه من وراء حجب التمييع نوايا الاستئثار بثمار التملق و بوسائط عقلية "المدح" و "القدح" فإن المسار إلى "الإصلاح" العام سيطول و زمنه سيظل يتدثر برداء الماضي رغم كل النوايا الحسنة.
تصنيف: