لم ينطق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بعبارة " الدول الفاشلة".. ولم يذكر بلدا بالإسم؛ بيد أنه ذكر "فشل الدولة" كسبب رئيسي في إطار حديثه عن التحدي الإرهابي في المنطقة، وعن كارثة الهجرة عير الشرعية، حيث قال :
"تواجه منطقتنا تحديات أمنية جسيمة تتمثل بالخصوص في الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والتهريب، وقد تفاقمت هذه التحديات بفعل تعدد بؤر التوتر وفشل الدولة في بعض مناطق قارتنا حيث يرتكب المتاجرون بالبشر جرائم رهيبة ومشينة.
إن الأحداث الأليمة والمآسي المتكررة التي يذهب ضحيتها عشرات الآلاف من شبابنا؛ تفرض علينا جميعا إيجاد حل عاجل ودائم لظاهرة الهجرة السرية. "
وكان ذلك ضمن كلمة ألقاها يوم امس- السبت 16 دجنبر- خلال اجتماع مؤتمر رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا المنعقد في أبوجا عاصمة نيجيريا.
ولا شك أن في قوله هذا إشارة واضحة إلى مآسي الشباب المهاجرين في ليبيا التي يكثر الحديث عنها منذو فترة بسبب المعاملة السيئة بشتى أنواعها (الاستعباد – التعذيب – الإهانة...) التي يتعرض لها هؤلاء الأفارقة الذين هجروا أوطانهم إلى هنالك. وقد سبق له أن علق على هذا الموضوع حيث ربطه بغياب الدولة في ليبيا ومسؤولية الغرب في انعدامها، قائلا:
"لم تعد توجد دولة في ليبيا. والمسؤولية تقع على الغرب الذي قصف البلد وساهم في اغتيال رئيسه." ثم أضاف أن ظهور العبودية في هذا البلد هي نتيجة للفوضى المتفشية والإرهاب الذين أتلفاه، حسب ما نقله عنه مبعوث جان افريك.
كما أن استمرارية التحدي الإرهابي وانتعاشه في مالي.. مع تعثر تطبيق اتفاقيات السلام مع المجموعات المسلحة في أزواد؛ وما تلقته الدولة الإسلامية من ضربات قاتلة في العراق وفي سوريا.. و ما قد ينجم عن هزائمها من تحرك لتلك المجموعات باتجاه منطقة الساحل...؛ كلها عوامل خطر لا شك أنها كانت حاضرة في بال الرئيس الموريتاني الذي وضع ملف محاربة الإرهاب "الجهادي" على رأس أولوياته فور توليه زمام الأمور في البلد.
وقد حققت المقاربة الاستراتيجية التي تبعها في هذا السبيل نتائج باهرة تعد نموذجا في المنطقة.. كما أنها كانت مثمرة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية. وهو يرغب في الحفاظ على هذه المكاسب وتعزيزها عبر إقامة تعاون مع دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا.
وهذه العناصر مجتمعة تشكل خلفية لخطابه الذي نورد نصه كاملا فيما يلي:
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين؛
صاحب الفخامة واخي العزيز السيد افور نياسينغبي رئيس جمهورية التوغو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا؛
صاحب الفخامة واخي العزيز السيد محمد بهاري رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية؛
اصحاب الفخامة والاخوة الأعزاء رؤساء الدول والحكومات؛
أيها المدعوون الكرام؛
أيها السادة والسيدات؛
أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لأخي صاحب الفخامة السيد محمد بهاري ومن خلاله لشعب وحكومة نيجيريا الشقيقة على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الأفريقية الأصيلة اللذين حظينا بهما منذ وصولنا هذه العاصمة الجميلة ابوجا.
كما أتوجه بجزيل الشكر لأخي صاحب الفخامة السيد افور نياسينغبي رئيس جمهورية التوغو على الدعوة الكريمة التي وجهها لنا للمشاركة في أعمال الدورة الحالية لمؤتمر رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا.
وأود كذلك آن احيي اخوتي اصحاب الفخامة رؤساء دول وحكومات المجموعة واهنئهم على جهودهم الموفقة التي مكنت هذه المنظمة من ان تكون في وقت قياسي مثالا يحتذى للتعاون الإقليمي.
كما يطيب لي أن اتوجه اليكم اصحاب الفخامة السادة رؤساء الدول والحكومات باسم الشعب الموريتاني وحكومته بخالص الشكر على القرار الذي اتخذتموه بالإجماع بإبرام اتفاق شراكة بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا والجمهورية الإسلامية الموريتانية.
كما اعبر لكم اخوتي الاعزاء عن بالغ سعادتي بالمشاركة معكم في هذه القمة الهامة التي تمثل إطارا رحبا للتشاور حول سبل تعزيز التبادل بين بلداننا والتصدي معا للتحديات العديدة التي تواجهها منطقتنا.
اصحاب الفخامة
أيها السادة والسيدات،
ترتبط موريتانيا ودول المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا بروابط عديدة تتمثل أساسا في الجغرافيا والأواصر البشرية.
وبناء على ذلك قررنا في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة العمل على خلق إطار ناجح للتبادل والشراكة مع المجموعة.
فاستعدت بلادنا لذلك حيث عرف اقتصادنا الوطني تحولات عميقة وتطورت بشكل كبير البنى التحتية من طرق ومطارات وموانئ وعرف انتاج الطاقة تحسنا ملحوظا بالإضافة الى إنشاء منطقة حرة في عاصمتنا الاقتصادية نواذيبو.
وفي هذا الإطار اسجل ارتياحي العميق لتجسد ارادتنا المشتركة في تعزيز روابطنا التاريخية والاجتماعية والاقتصادية في اتفاق الشراكة الذي ابرمناه والذي سيفتح آفاقا واعدة لرفاه شعوبنا وللتكامل الاقتصادي لمنطقتنا.
اصحاب الفخامة
أيها السادة والسيدات؛
تواجه منطقتنا تحديات أمنية جسيمة تتمثل بالخصوص في الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والتهريب، وقد تفاقمت هذه التحديات بفعل تعدد بؤر التوتر وفشل الدولة في بعض مناطق قارتنا حيث يرتكب المتاجرون بالبشر جرائم رهيبة ومشينة.
إن الأحداث الأليمة والمآسي المتكررة التي يذهب ضحيتها عشرات الآلاف من شبابنا؛ تفرض علينا جميعا إيجاد حل عاجل ودائم لظاهرة الهجرة السرية.
كما يتوجب على دولنا اعتماد مقاربة ناجعة تقدم الحلول المناسبة للاشكالات الامنية التي تعانيها منطقتنا.
اصحاب الفخامة
أيها السادة والسيدات؛
إن موريتانيا تعول عليكم اخوتي رؤساء الدول والحكومات؛ لوضع اتفاق الشراكة بيننا موضع التنفيذ.
كما أن شعوبنا تعلق آمالا مشروعة على نتائج أعمال قمتنا هذه ومن واجبنا جميعا أن نستجيب لتطلعاتها.
أتمنى لأعمالنا وافر التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة اللة وبركاته".
تصنيف: