يحاول الشيخ محمد الحسن ولد الددو القيام بمناورة جد معقدة. إنها حركة كر وفر في الخطاب السياسي ليس من اليسير التحقق من نتائجها المرجوة. فالرجل يريد إرضاء الإخوان المسلمين وقطر ودعمهم بقوة دون أن يكلفه ذلك ثمنا باهظا يبلغ درجة الزج به في صراع مفتوح مع المملكة السعودية، كما يظهر من تصريحه المسجل على الفيديو المرفقة.
فهو يعلن فيها خلافه مع قرار الحكومة السعودية المتمثل في اعتقال بعض الناشطين الإسلاميين من بينهم الداعية الشيخ سلمان العودة دون أن يتلفظ بعبارة متشددة تدين القرار.. حتى أنه تفادى كلمة " تنديد" وجميع مشتقاتها الصرفية .
ورغم اللغة "الناعمة" التي استخدمها، فإن ولد الددو وصف هؤلاء المعتقلين بأنهم طيبون لا تشبهم شائبة مهما كان نوعها.. وأضاف أن "القاصي والداني يعرفهم بالتزامهم ووسطيتهم واعتدالهم ونهجهم السلمي وحرصهم على مصلحة السعودية و أمنها وبطاعتهم لوليي أمرها... وطالب السلطات السعودية بإطلاق سراحهم..
ووجه ما يمكن تأويله على أنه تهديد مخفي غير مباشر لخفة لهجته، لما حذر قائلا أن "اعتقال هؤلاء العلماء يشكل خطأ سيفتح مجالا للمتشددين والمتطرفين..."
إلا أنه حاول أن يتدارك ويخفف من نبرة تهديده رغم "نعومته" هو الآخر .. فأضاف في هذا السبيل مخففا من وقع كلامه المعارض للسعودية ومطمئنا إياها دون أن يخنع لها تماما، حيث ذكر في نفس الوقت بخلافهم معها : "إن الإسلاميين في أي مكان مع المملكة حتى وإن لم تكن هي معهم.. وأنهم لا يريدون لها إلا خيرا".
وكأن الشيخ الددو يلعب في النهاية على وتيرتين تكتيكيتين متنافرتين من الصعب التأرجح بينهما حتى وإن كان اللاعب بطلا بهلوانيا:
- من جهة يقف إلى جانب الإخوان المسلمين الذين يُعتبر من زعاماتهم الروحية العالمية.. والذين يحسب عليهم من نالتهم الاعتقالات المذكورة ويدعم دولة قطر التي تدعمهم وتحميهم والتي كان يتكلم على ابرز قنواتها الدولية: كان ضيفا على "الجزيرة"؛
- من جهة أخرى يحاول جاهدا عدم الدخول في صراع مفتوح مع السعودية التي يدين لها بالكثير.. كما يدين لها الإخوان المسلمون وغيرهم من الحركات الإسلامية بصورة عامة، و خاصة التيارات المتأثرة بشكل أو بآخر بالمذهب الوهابي وبالسلفية الدعوية.
تصنيف: