يصادف اليوم ـ 7 ينايرـ الذكرى الأولى للعملية الإرهابية التي استهدفت الجريدة الفرنسية الساخرة "شارلي هيبدو"؛ عملية قتل فيها 12 شخصا. وكان قد سبق لهذه المجلة الهزلية أن نشرت رسوما عنيفة تسخر من محمد صلى الله عليه وسلم أثارت غضب واشمئزاز الكثير من المسلمين ومن غير المسلمين عبر العالم وشكلت ذريعة يبرر بها الإرهابيون أعمالهم الإجرامية.
وفي نهاية العام 2015، كانت شارلي تعيش وضعية سيئة تهدد وجودها : السحب لا يتجاوز 30 الف عدد والمبيعات أقل من ذلك بكثير، العجز المالي يقدر بمبالغ هائلة.
ثم شاءت المفارقة أن يأتي إنقاذ هذه المجلة المسيئة للرسول حلى الله عليه وسلم التي كانت على شفى حفرة من الموت على يد تنظيم القاعدة الذي اعتمد اسلوب العنف والإغتيال للقضاء نهائيا عليها في يوم 7 يناير 2015 . فحصل ضد ذلك تماما.
بأمر من فرع القاعدة في اليمن، نجح الأخوان سعيد كواشي وشريف كواشي في التسلل إلى داخل مبنى المجلة واطلقا النار مباشرة على الطاقم الذي كان في اجتماع آنذاك و قتلا منه 8 أشخاص من بينهم المدير و اهم المحررين. و بتنسيق معهم قام آمادي كوليبالي بعد ذلك بيومين باحتجاز رهائن في متجر "كاشير" بحي بورت دي فينسان سقط منهم أربع ضحايا على يده.
فور العمليتين شهدت المجلة وفرنسا حركة تضامنية لم يسبق لها مثيل.. كان شعارها : "أنا شارلي" . واتخذت أشكالا عديدة : الدعم المادي والمعنوي، مواقف التنديد ومسيرات التاييد من كل حدب وصوب والتي شارك فيها رؤساء وقادة من العالم كله بما فيه العالم الإسلامي والعربي، غير ان اي أحد من الدولة الموريتانية لم يحضر تلك المسيرات الداعمة للمجلة الفرنسية.
من أهم نتائج حملة التأييد هذه : بدلا من أن تموت "شارلي أبدو" بسبب الإفلاس المالي وقلة القراء الذين كانا يهددان وجودها قيل هجوم القاعدة عليها، حصلت على تبرعات سخية من مصاذر شتى بلغت عشرات الملايين من اليورو. كما أن عددها الأول الذي صدر بعد العملية بعد العملية بأسبوع تحت إسم "الناجين" ـ شهد إقبالا لا سابق له : بدلا من 30000 نسحة تم بيع 8 مليون نسخة ضاربا الرقم القياسي قي مبيعات الجرائد في فرنسا. وكان هذا العدد قد عاود الكرة و نشر رسوما مسيئة لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
الأمر الذي دفع بكثير من المسلمين إلى الخروج في الشارع لاستنكار ذلك قي كثير من البلدان الإسلامية من بينها موريتانيا ، حيث كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز في استقبال المتظاهرين الذين رد عليهم بخطاب مقتضب ركز فيه على استنكاره لما تنشره المجلة الفرنسية وعلى تنديده و محاربته للإرهاب قائلا :
"ٍ حاربناالإرهاب في بلدنا وقاتلناه ودفعنا الكثير من اجل استقرار موريتانيا، نندد اليوم بما حصل من أمور تصنع الإرهاب مثل الرسوم الساقطة الموجهة لديننا وايضا لجميع الأديان.(...) أنا لست شارلي ولا كوليبالي أنا مسلم (...) لن أشارك في مسيرة ولن أساند اي توجه ضد الاسلام ما دمت حيا رئيسا او مواطنا عاديا".
أما اليوم وبعد مضي عام على هجمة القاعدة على مجلة "شارلي" فإن هذه الأخيرة توجد في وضعية مالية ممتازة وتحتل الصدارة في الإعلام الدولي والغربي. و هي تسير على نفس الخط التحريري الذي يقوم على استفزاز المشاعر الدينية. ظهر ذلك من جديد لما خلد فريق "شارلي هيبدو" الحالي ذكرى العملية الإرهابية البشعة التي تعرضت لها السنة الماضية بنشره منذ سوائع رسوما تسخر من رب الكون.
ولولا الفعل الجنوني للقاعدة التي جعلت من "شارلي هيبدو" ضحية لما حصلت تلك تلك المجلة الفاشلة على ما هو منقذ لها من الازمة القاتلة التي كانت تتخبط فيها قبل 7 يناير 2015. ومن هذه الواقعة وما تمخض عنها، فمن اليسيراستخلاص الدرس التالي : محاربة التطرف مهما كان محركه ـ معاديا للدين كان أم متخذا الدفاع عن الدين ذريعة ـ لن تكون عقيمة فحسب، بل إنها ستؤدي إلى نتائج عكسية إن اعتمدت التطرف كمنهج عمل. . يجب إذن على الإعلام و على ناشري الرأي أن لا يقعوا في فخ محاربة التطرف بالتطرف التي تلد تطرفا أشد.
تصنيف: