ثمة فرق بين ايران الاسلامية و ايران الفارسية او باحري فارس الاسلامية و فارس المجوسية ...لقد قامت الحضارة الاسلامية علي أنقاض حضارة الفرس و انصهر أهل فارس مع إخوتهم في الإسلام و ذابت الفوارق أو كادت و ازدهرت الدولة الإسلامية من أصفهان و طهران و خراسان و بغداد و دمشق و طشقند و سمرقند و... و... وعاشت الشعوب المسلمة في عز و أمان و ظلت علي ذلك لعقود ...دارت عجلة التاريخ لتبدأ الأخطاء القاتلة..
فرسموا للعرب خريطة.. و حوصروا في حدود ضيقة.. وجعلت لهم جامعة عربية.. و دفعوا بأبنائهم إلي الشوارع مرددين شعارات القومية: إنها امة لها حدود و شعوب و قبائل... و أن قضية القدس قضية خريطة و جامعة عربية ...خطاب عرقي قومي ضيق .. ولا غرابة ان يتغني الآخرون كل علي ليلاه، فخرج الاتراك يتفاخرون بقوميتهم.. و خرج الإيرانيون و الباكستانيون و الهنود... كل يتغني بامجاد ه واجداده ..نزعة قومية وقع فيها الكل ليزداد التباعد بين المسلمين ويزداد الوهن و الضعف ..
نظرة تقزيمية ضيقة أراد القوميون من هؤلاء و هؤلاء حشر الإسلام فيها..,والإسلام من ذلك براء , فقد نشأ هذا الدين مع حمزة ( قرشي ) و بلال ( حبشي ) و صهيب ( رومي ) و سلمان ( فارسي ).. رسالة إلاهية واضحة وأنه دين أممي لا عرقي.. و ان خريطته هي خريطة العالم ...وأنه إن كان لا بد من رسم خريطة للعرب ـ ( العرب لغة القرآن , لا العرب القبيلة ) ـ فليضموا إليها اسطنبول و انقرا، حيث قبر ابو ايوب الأنصاري رضي الله عنه.. و ليضموا اليها سمرقند حيث قبر القثم بن العباس بن عبد المطلب.. و ليضموا فرنسا حيث قبر عبد الرحمن الغافقي و ... و... وليضموا إليها باكستان و السنغال و اجزاء عديدة من بقاع العالم حيث احفاد الصحابة وحيث انتشار لغة الضاد...
أما الحالة الإيرانية .. فعلاوة علي كونها عرقية عنصرية، هكذا يصفون العربي.. وأنه "إنسان غير حضاري وليس له تاريخ ويعيش في بيئة أمتازت بفقر الطبيعة "الصحراء ،الجمال وأشجار النخيل ..." والجندي العربي جبان، مغفل، غير مؤمن، متآمر..." علاوة علي كونها نظرة عنصرية، فقد تجاوزت العرق إلي أمور الدين؛ بل إلي استحداث دين جديد .. إيران وليس القصد إيران الاسلامية القديمة .. إيران الحديثة .. إيران كربلاء و النجف الأشرف و قم المقدسة...
و السؤال الذي حيرالعالم هوعن مدينة قم : فما الذي جعلها مقدسة ؟ و كيف لكربلاء و الكوفة ان تكونا اشرف من المدينة المنورة ومن مكة و كيف لأبي لؤلؤة قاتل الفاروق عمر رضي الله عنه أن يُبني علي قبره مسجدا و يتخذ مزارا , و كيف لمئات القنوات الفضائية أن تسب ليلا نهارا الصحابة و امهات المؤمنين و الحكومة الرسمية في طهران لا تتدخل .. قال هل زرت الحسين عليه السلام ؟ قال لا .. قال فزيارته خير من عشرين حجة .. ذاك حديث نموذج بسيط لآلاف الاحاديث المنسوبة زورا و بهتانا لرجالات أهل البيت الأطهار .. سخرية وخرافات تتردد علي المنابر و في الحوزات منسوبة لسادتنا جعفر الصادق و موسي الكاظم و غيرهم من شرفاء آهل البيت .. " كهيعص " العين هي علي بن ابي طالب ,
هكذا يفسرون علي القنوات و يتباكون و يبكون علي الزهراء و أنها مظلومة و أن الصحابة حرقوا بيتها و أتوا بزوجها سيدنا علي مكبلا مقيدا ليبايع أبي بكر مكرها وعديد الصور التشويهية لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه و لأهل البيت... تلك هي المعضلة.. فلم تعد إيران تلك البلاد : بلاد خراسان التي عرفها الإسلام و ازدهر في ظلها لقرون , انما اصبحت إيران الانتقام و إيران اعادة " امجاد كسرى" فارس المجوس, سَبُّ الصحابة والخلفاء الراشدين الثلاثة (أبي بكرٍ وعمر وعثمان) رضوان الله عليهم على المنابر وفي الشوارع والأسواق يوميا , وممارسة التطبير (ضرب الرؤوس بالسكاكين الحادة)، واللطم على الوجوه والصدور، وضرب الظهور بالجنازير، وإدخال الشهادة الثالثة على الأذان (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله) .. الي السجود على التربة الحسينيةقطعة من طين كربلا.
خطاب رجال السياسة و كبار اهل البلد ظاهره معاداة الشيطان الاكبر ولكن التقية هي عقيدة اصحابه وبالتالي لا يعقل ان يعول عليه ..و عندما تلتقون بالعامة في ايران فستجدون انهم مغيبون مشبعون بثقافة غريبة وتاريخ اسلامي مضلل و وعندئذ ستفهمون حقيقة الصراعوانه صراع عرقي صرف , فتلك الغيرة ليست علي الدين و لا علاقة لها به , حمية جاهلية لاعادة احياء فارس الضلاللكن متخبئة وراء قناع اسلامي شعاره الحسين و زينب واهل البيت ... وليت الحد توقف عند " لكم دينكم و لي ديني " لكن هؤلاء قادمون و لا يبالون .. لقد تدفق السيل و وصلت خيوطه دولة مالي و السينغال , .. أعدموا الرجل و هو يردد مرفوع الرأس كلمة الشهادة , مشهد لا يغيب عن الاذهان , لقد تبين انه كان سدا في وجه سيلهم العارم وأهل مكة ادرى بشعابها و قد ادرك العراقيون حقيقة الصراع و وقفوا لصد هذا المد الشيعي المذهبي المتطرف لكن خذلهم اخوتهم , و العالم الاسلامي اليوم يدفع الثمن .. فالتحدي ليس تحدي للسعودية فحسب و الازمة ليست مع السعودية وحدها .. الامر ابعد من ذلك .. انها ازمة عقيدة و فكر يراد له ان يجتاح العراق و المغرب وموريتانيا و السعودية و افيتنام و امريكا و مصر و الصين و اوروبا .. و قد نجح اصحابه لحد الان في استحداث ايران الثانية ( العراق الحالي ) و هم في طريقهم للاعلان عن ايران الثالثة ( سوريا ) و البرنامج متواصل و ابادة المسلمين ( السنة ) و التنكيل بهم في العراق و سوريا مستمر, اجتثاث و استئصال كل ما له علاقة بالسنة , يتم ذلك علي مرأي و مسمع من العالم والحجج واهية متنوعة .
الاسلام ليس حكرا علي السعودية و لا علي ايران و لا موريتانيا و لا افيتنام و لا امريكا ... و قلاعه التي انتشر بها ليست في الجزيرة العربية فحسب فثمة جامع زيتونة في تونس و الجامع اللازهر في مصر و الكتبية في المغرب و جامع شنقيط في موريتانيا و قلاع عديدة اخري في العالم و كل اخذ من مشرب سليم فقد تفرق اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في الارض و هم انهر متفرعة من البحر الام محمد صلي الله عليه وسلم , فلا وصاية لجهة دون اخري علي هذا الدين , فالكل معنيون به و بالذود عنه .. فالذي يري انها ازمة سعودية ايرانية فهو مخطئ .. فاذا كان عدد الحجاج الي كربلاء يفوق الخمسة ملايين( اي اكثر من حجاج البيت الحرام ) حج يسعي اصحابه لصرف انظار العالم عن مكة و المدينة و بيت المقدس , فالتحدي أشمل , انه تحدي للنصوص و تحدي للعالم الاسلامي كله, فالازمة مع ايران هي ازمة مع السعودية و مع العالم الاسلامي باكمله و المخرج لا يكون الا بكبح هذا الانتشار المذهبي التطرفي وايقاف المسرحية و السخرية المستمرة من اهل البيت .. التين و الزيتون هما الحسن و الحسين ..هكذا يستهزؤون و الله منتقم منهم _ توبة و عودة الي الحق _ و الا فلا مناص من اعادة الفتوحات الاسلامية و اعادة فتح بلاد فارس لارجاع ايران للصف الاسلامي مجددا.
البشير بن سليمان
تصنيف: