بلدة أسست على التقوى من أول يوم، أسسها العالم الجليل والعرفاني المنتهي، والشاعر المفلق، والسياسي الجامع، والكريم الممدح، الشيخ سيدي ولد المختار ولد هيبه، الانتشائي الأبيري، الذي يصف محمذن ولد السالم البنعمري الحسني سخاءه في رائعته الذائعة:
يداك غمامتان على البرايا
على التدآب دائمتا انهمال.
ويقول فيه الشيخ محمدو ولد حنبل في رائعته:
آل الزمان ألية مبرورة:
أن لا يكون من الورى لك ثان.
بنى الشيخ سيديا بئر تندوجه في صدر القرن الثالث عشر الهجري. وإن تكن القرائن دقيقة فقد أشرف على حفرها الشريف الشيخ أحمد ولد المختار ولد الزوين، البابي، التنواجيوي، الذي كان هو رئيس تلامذته مدة طويلة، والمشرف المباشر على أغلب الآبار التي حفرها الشيخ سيدي في منطقة آمشتيل. الشيخ أحمد ولد المختار ولد الزوين هو الشيخ الوحيد الذي صدره الشيخ سيدي-حسب علمي- بأبيات شعرية من البسيط، قال إنها قليلة؛ ولكنها "انعاج":
حييتم ثم لا زالت نجائبكم
تخدي بكم في ميادين المسرات.
لئن قطنتم لفي عز وتكرمة،
وإن رحلتم لفي سبل السلامات.
لاتحسبوا ودنا ودا يغيره
تقادم العهد أو بعد المسافات.
وكذلك قال فيه الشاعر المجيد سيدي محمد ابنه قصيدته الكاملية:
آل الزوين، أحلية المتزين،
حسن الحلى لم يفتقر لمحسن.
إلى أن يقول فيها:
أ إن استعرنا جوهرا من معدن،
تسعون لاسترجاعه للمعدن؟!
وقد دخلت تندوجة التاريخ الوطني مبكرا من بابه الواسع عندما استطاع الشيخ سيدي أن يعقد فيها أول مؤتمر وطني للإمارات: الترارزة، ولبراكننه، وإدوعيش، ويحي بن عثمان.. بأمرائها.
أما إمارة إدوعيش فمثلت بمحمد ولد بكار. منتدبا من أبيه بكار. ونجم عن إنشاء جبهة وطنية لمقاومة الاستعمار.
أنشدت في المؤتمر قصيدتان إحداهما لسيدنا، والأخرى للشيخ محمدو ولد حنبل. وكلتاهما لاستنهاض الأمة لمقاومة النصارى بقيادة الاستعماري فديرب.
ومن النتائج المباشرة للمؤتمر الوطني الأول في تندوجة معركة الركبة التي هزم فيها المستعمر فديرب شر هزيمة، وأخرت الزحف على البلاد حوالي أربعة عقود لاحقة من الزمن.
كتبت هذه الخواطر عن تندوجة شهادة لها وللتاريخ؛ وقد ذكرني بها زميلي الأستاذ المرابط ولد لخديم الفائز بجائزة شنقيط في الدراسات الإسلامية؛ وهو بالمناسبة يعتكف اعتكافا علميا في رمضان بهذه المحظرة العامرة العريقة.
عليه وعلى أهلها مشايخ وطلابا تحية إجلال وتقدير.
الدكتور محمد ولد أحظانا
تصنيف:
