تقديما لقصيدة ألفها سنة 1972، كتب المحامي والأديب المناضل الأستاذ محمدو ولد إشدوالتعليق التالي مشفوعا بنص القصيدة المعنية التي تحمل العنوان : "لمن المستقبل؟" وجاء في التعليق :
"يتعرض الفكر التقدمي ومشروع التغيير والبناء في موريتانيا اليوم لحملة مماثلة تقودها قوى الثورة المضادة ورعاة التحجر والنكوص، لا تقل شراسة عن حملة 1972 وإن اختلفت الشعارات وتعددت الأساليب".
والمثير للتساؤل هو: من يعنيهم ولد إشدو بقوله هذا إن نحن اسقطناه على الوضع االسياسي في موريتانيا والجدل الدائر في البلد الآن حول التعديلات الدستورية وحول الاستفاء حولها، علما أن ولد إشدو كان من المشاركين النشطين في الحوار الوطني الشامل وأنه دعم مخرجاته رغم تحفظه على بعضها.. كما أنه من أول القانونيين الذين قالوا بشرعية الاستفتاء الشعبي حولها اعتمادا على المادة 38 من الدستور؛ حيث كتب في هذا الصدد مقالا نشرته موريتانيا المعلومة تحت عنوان " نداء ولد إشدو : أيها المنكرون على الموريتانيين حقهم في تعديل دستورهم... ".
"لمن المستقبل؟ / بقلم الأستاذ محمدو ولد إشدو
في سنة 1972 احتدم الصراع بين شباب الحركة الوطنية الديمقراطية الداعية إلى تصفية الاستعمار الجديد وإدخال إصلاحات جوهرية على النظام، وبين حراس القبور فيه وسدنة موريتانيا الأعماق. يومها لم يكتف الرجعيون باعتماد القمع أسلوبا في مواجهة الفكر التقدمي؛ بل شنوا حملة هوجاء لا مثيل لها ضد إرادة وأفكار التغيير، فكتبت قصيدة بعنوان "لمن المستقبل؟" أهديتها إلى مناضلة كانت تتعرض للقمع من طرف أسرتها قبل غيرها.
ويتعرض الفكر التقدمي ومشروع التغيير والبناء في موريتانيا اليوم لحملة مماثلة تقودها قوى الثورة المضادة ورعاة التحجر والنكوص، لا تقل شراسة عن حملة 1972 وإن اختلفت الشعارات وتعددت الأساليب؛ الشيء الذي يذكر بذلك الظرف التاريخي المجيد، وبالقصيدة التي تتحدث عن حقيقة ومآل الصراع التاريخي بين الماضي والمستقبل؛ بين الحق والباطل، وأنصار كل منها. وها هي مقاطع من تلك القصيدة:
أرفيقتي لا تجزعي
وتفاءلي وتشجعي
لا تخضعي تحت العذاب
وحاذري أن تُخدعي
لا تقبعي في سجنك المعسول
لا تلقي السلاح
وتذكري ما حققته دماؤنا
قبل الجراح
قومي وغني للصباح
خلف العواصف والرياح
قومي وغني واهتفي بالشعب:
حي علي الكفاح!
قومي فأنت جناحنا
أيطير مقصوص الجناح؟
أرفيقتي
هذا النباح المر
ليس علامة للإنتصار!
هذا النباح المستميت
علامة للإنهيار!
هذا التكالب ضدنا
هذا التصايح والخوار..
يعني احتدام صراعنا؛
يعني اقتراب الإنفجار!
أرفيقتي
من ذا الذي ينمو
ويكبر في البلاد؟
ومن البذور الحالمات بالنور
يدفعها السماد؟
ومن الشرارات التي تنساب
من خلل الرماد؟
الشعب،
أم قوى الخيانة والتقهقر والفساد؟
ومن الذي يخبو ويخبو..
إلى أن يستحيل إلى رماد؟
ومن الذي تبدو له الدنيا
سوادا في سواد في سواد؟
ومن الذي يندكّ،
في هوج الرياح العاتيات العاصفة؟
الشعب،
أم قوى الظلام الرجعيات الخائفة؟
الرجعيون عفونة
وتناقضات وانحطاط
لن ينجحوا...
لن يوقفوا زحف التقدم
بالخرافة والسياط
أرفيقتي
نحن الحقيقة
نحن أزهار التقدم والأمل
نحن الشجاعة والصرامة
والتفاؤل والعمل
لا نرهب الأشباح!
لا نخشى النباح ولا الدجل!
ونجسد الفجر الجديد
وثورة الشعب البطل.
(من ديوان "أغاني الوطن" ص 95- 100)"
تصنيف: