لا أتذكر شخصيا أحدا دعا صراحة إلى حظر حزب تواصل.. ولا هيئة. صحيح أن هذا الحزب مثار جدل كبير كما هو حال الإخوان المسلمين وما يسمى "الإسلام السياسي" بشكل عام. وبذلك فلا شك أن فكرة حظره تراود بعض خصومه حتى وإن لم يفصحوا عن ذلك بشكل واضح للعيان ولا ريب فيه.
وعلى هؤلاء، وعلى غيرهم من القائلين علنا أو خفية بسحب الترخيص من حزب تواصل، رد عبد الفتاح ولد اعبيدن بقوة متهما الجميع بضيق الأفق والأنانية في مقال كتبه تحت عنوان " مؤتمر حزب تواصل : وجهة نظر". ونشره موقع موريتانيا الآن.
وقال ولد اعبيدن:
"وعلى ضوء التحريض غير البريء وغير الحذر الذي نسمعه من حين لآخر، من قبل بعض أعداء "تواصل" داعيا السلطة بشكل صريح لحل هذا الحزب؛ أقول باختصار، أصحاب التوجهات الإسلامية ذات الطابع الأيديولوجي جزء أصيل من التنوع الفكري لمجتمعنا في شقه الثقافي والسياسي بوجه خاص، والتناغم مع هذا المنحى بصورة تشريعية قانونية، تتيح لأصحاب هذا المسار التعبير السلمي الحضاري عن أنفسهم، وهو خير من صور وصيغ أخرى للتواجد والتعبير، قد لا تخدم السلم الأهلي والوحدة الوطنية.
فالذين يحرضون السلطة باستمرار لإلغاء الاعتراف بحزب "تواصل"، ضيقي الأفق وأنانيين".
ثم يضيف موجها النصح هذه المرة لمن يدافع عنهم:
"ومن مصلحة حزب "تواصلّ" أن يوسع مطعنه تصورا نظريا وممارسة ميدانية، في سياق من الأخذ والرد مع جميع المشارب الفكرية والسياسية، ليكون أكثر مرونة واستعصاءا على التجاهل."
وخلافا لهذا النقد "الودي" الموجه لتواصل، فإن الملفت حقا للنظر هو الرد القاطع والعنيف لحد ما الذي سبقه والموجه إلى المناوئين البارزين للحركة؛ أي : ناقدي الإخوان الأكثر تشددا. وهنا فمن بين الأشخاص الأوائل الذين ترد أسماؤهم إلى الذهن، يأتي محمد اسحاق الكنتي وعبد الله ولد محمد لوليد في المقدمة؛ لأنه يمكنا الجزم بأن هذين الرجلين يشكلان اخطر ثنائي يواجهه الإخوان في صراعهم الفكري ضد خصومهم في هذه الربوع. من الأرض.
ورغم أن الرجلين يلتقيان في معارضتهما الشديدة للإخوان، فإن لكل منهما نجهه الكتابي الخاص به الذي يستخدمه كسلاح في المعركة : عبد الله ولد محمد لوليد رجل ميدان ينتقد الإخوان عن بينة تامة تقوم على محاولته "فضحهم" عبر مسائل وأمثلة ملموسة ينتقيها بناء على معرفته العملية والدقيقة بالحركة : قياداتها، نشاطاتها، هيئاتها،المؤسسات التابعة لها... أما الكنتي فإنه يتبع منحى أكاديميا مغايرا، يتبين لمن تأمل فيه مليا أن هذا الباحث الجامعي أخذ على عاتقه مهمة تفكيك وتدمير الخطاب الإخواني موجها ضرباته إلى الأسس النظرية والإيديولوجية والتاريخية التي بنيت عليها الحركة ورؤاها السياسية والفكرية. وقد وهبه الله في هذا المجال ملكوت بيان وقوة برهان فتاكة يُحسد عليها.
وبهذا يبدو الرجلان متكاملين رغم أنه لا تظهر أي بوادر للتنسيق فيما بينهما. بل الأمر مستبعد إن نحن أخذنا في الحسبان الفروق الشاسعة بينهما: سواء تعلق الأمر بالمشارب أو بالمنهج لكل منهما.. وربما أيضا الفوارق حول دوافعهما السياسية والشخصية ...
البخاري محمد مؤمل
تصنيف: