المكان: ما زلتُ في حيرة منه، الزمان: دجنبر 2009؛ نُشرت لي آنذاك ورقة باللغة الفرنسية تحت عنوان " العولمة وسياسات الدفاع الوطني"[i] في مجلة أجنبية عالمية متخصصة في مجالات الفكر الاستراتيجي المتعلقة بالمسائل والمواضيع العسكرية، والأمنية والسياسية. فاكتشف حينئذ قادتي العسكريون، وبعض زملائي واخوتي الموريتانيين في السلاح أنني مولع بالتفكير الاستراتيجي، دون أن يولوا للأمر اهتماما بالغا.
اليوم، وبعد ثلاثة عشر عامًا من ذلك الحدث، فما زلت على نفس السياق، مع أن اهتمامي ينكب أكثر فأكثر على التغيرات الجيوسياسية والاستراتيجية في منطقتنا. وبصورة خاصة على التطورات الأخيرة، الأمنية والعسكرية، في منطقة الساحل، حيث أقوم ما بوسعي بغية أدراك الأوضاع والتحديات الطارئة والمتجددة، ومشاطرة الناس تصوراتي بشأنها.
ربما أكون بالغتُ دون جدوى، أو قصَّرتُ، في توصيل الرسالة لقومي، بينما ألاحظ أنها تثير اهتماما معتبرا لدى قوم آخرين: "زامر الحي لا يطرب"، كما يقول المثل العربي.
وأيًا كان التأويل، فإنني أدركت حاجتي الماسة إلى منصة، أجنبيةً كانت أم لا، تبَلِّغ صوتي إلى وطني. فعساها تخرجني من العزلة التي اشعر بها في بلادي بينما تيارات عاتية تتجاذبني على ساحة مناظراتٍ ونقاشاتٍ فيها تتضارب وتتعانق، على نطاق عالمي، الأوجه والمنابع المتعددة للفكر الاستراتيجي.
فما أصعب ألا يفهمك وسطك وأهلك، وانتَ منهمك في مجال حساس يمسهم جميعا في صميم وجدانهم! فتبقى محصورا بين خيارين مرَّين، لا ثالث لهما: أما أن تسكت أو تبدو كالمجنون.
شخصيا، آثرت أن أظل أناجي وطني:
"احتَضنّي.. ولا تناقش جنوني ذروة العقل، يا حبيبي، الجنونُ"[ii].
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: