هل سيلتحق جميل منصور بالتيار الغزواني.. أم سيسير في طريق موازي؟

جميل منصور لم يعد مقيدا كخلفه في رئاسة حزب تواصل؛ فهذا الأخير - السيد محمد محمود ولد سيدي- أصبح مربوطا ِبسبب وظيفته على قمة الهرم الحزبي شاء ذلك ام لم يشأ بحبل رمزي متين يشده إلى الباخرة ويفرض عليه البقاء على متنها رغم أنها تتيه كالمجنون تحت ضربات التيار الغزواني الجارف وأمواجه العاتية التي تعصف بالأحزاب والقوى المعارضة وعلى رأسها حزب تواصل. وكذلك فإن ضعف حركة الإخوان المسلمين على الساحة الدولية له اثر غير مشجع على من يتبنون نهج الحركة السياسي ويحتمون بها في موريتانيا أو يعولون على دعمها.

 صحيح أن قطر ما زالت تشكل مصدر دعم لا يستهان به. وكذلك فإن النظام الحاكم في تركيا يوفر ما استطاع. غير أن أزمة اقتصادية غير مسبوقة في عهد اردوخان بدأت تظهر عواقبها السلبية على البلد وعلى السلطات بشكل أدى إلى تراجع مذهل في الانتخابات الأخيرة لحزب العدالة والتنمية الإخواني الحاكم. كما أن النظام القطري يعاني هو الآخر حصارا شديدا تفرضه عليه السعودية والإمارات ومصر ودول أخرى معادية للإخوان المسلمين. ويبدو أن سخاءه اتجاه الإخوان وغيرهم من شركائه وأصدقائه السياسيين لم يعد كما يرجو هؤلاء.

ففي هذه الحالة المتميزة بالتقلص المتزايد لمصادر الدعم الخارجي، وبناء على أن فوز ولد الغزواني في الرئاسيات المقبلة يبدو لا مراء فيه، فإن إعادة النظر في رؤية حزب تواصل السياسية من طرف أوساط نافذة بين زعاماته أمر وارد. ولا يخامرنا شك في أن جميل منصور من بين الذين يفكرون في هذه الإشكالية الوجودية التي تهدد  حياة الحزب وتثير أكثر من تساؤل حول المصير السياسي لمن ينشطون تحت رايته.

هل سيحدو به الأمر إلى الانسحاب من تواصل و السير مع  التيار الغزواني الجارف كما فعلت شخصيات وجماعات كثيرة نافذة في الحزب الإخواني وفي أوساط واحزاب معارضة أخرى؟ أم أنه سينتظر ما بعد الانتخابات؟

ففي هذه الحالة سيكون الأوان قد فات نوعا ما على الالتحاق بولد الغزواني إلا ان الابواب لن تكون موصدة أمامه. كما أن ابوابا أخرى تبقى مفتوحة للسير في نهج قد يكون موازيا او مرافقا. فعلى سبيل المثال فمن المحتمل  أن هزيمة المرشح الذي يدعمه تواصل سوف تؤدي إلى انشقاقات عميقة داخله- خاصة إذا كانت الهزيمة شنيعة كما تشير الدلائل الراهنة إلى ذلك. وسيكون لجميل منصور موطئ قدم في قيادة بعضها إن لم يحاول استرجاع زمام الأمور داخل تواصل بغية السير به في طريق مخالف.. يقوم على البراغماتية اقتداء بزعيم حزب النهضة في تونس السيد الغنوشي.

فهذا الأخير لم يعلن مرارا وتكرارا تخليه عن الفكر الإخواني، فحسب، بل إن تصرفاته توحي بأنه تخلى عن المرجعية الإسلامية كما يظهر من موقفه المتردد والخجول من موضوع "مساواة الذكر والأنثى في الإرث" التي اقترحها الرئيس التونسي. وحسب ما يظهر من جميل منصور وميوله القوي إلى احتلال مزاكز امامية في المشهد السياسي، فإن الوضعية الحالية لا تليق به. بل نتوقع أن يبحث لنفسه عن موقف سيجعله في الواجهة. وحتما سيكون بمثابة تموقع جديد بالنسبة للتيار الغزواني: من المرجح ان يكون إما معه أو مسايرا له  ومتعاونا بطريقة أو بأخرى..

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)                      

تصنيف: 

دخول المستخدم