نواكشوط عاصمة الثقافة الاسلامية 2023 - عام فيه يغاث الناس/ بقلم: سيدأحمد ولد خو*

لقد اختيرت نواكشوط عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2011 فقبلت أولا ثم انسحبت بعد ذلك واعتذرت، وها هي اليوم تتوج بنفس التشريف لعام 2023.

هذ ا القرار فرصة وتحد في آن واحد؛ فلنغتنم الفرص ولنكن على مستوى التحديات!

وإذا كانت بلادنا معروفة بماضيها الثقافي الزاخر بالعطاء ؛ أرض المنارة والرباط، وقوافل الحجيج، والعلماء الشناقطة الذين نشروا العلم في المشرق فإن عليها اليوم أن يتواءم عطاؤها مع متطلبات العصر؛ عصر العولمة والإرهاب، عصر الاسلاموفوفبيا ووسائل التواصل الاجتماعي…

نحن اليوم بحاجة إلى تحول نمطي (changement de paradigme) يعيد لبلادنا ألقها وإشعاعها الثقافي ولها من الكنوز المعرفية والكادر البشري المقتدر ما يمكنها أن تؤسس لجسر معرفي بين الماضي والمستقبل، بين أفريقيا والعالم العربي، بين الحضارة العربية الإسلامية ومختلف حضارات العالم…

الثقافة وحدها هي التي ستمكن بلادنا أن تلعب دورا أكبر منها وستنعكس نتائج ذلك على جميع المستويات: الدبلوماسي، الاقتصادي، والاجتماعي.

نحتاج إلى برنامج متكامل وطموح يحرر الإبداع، يكسر قيود الجمود والكسل، يخطط لمهرجانات دولية في الشعر وفي ميادين معرفية أخرى من أدب ومسرح وفكر وفن، يشجع على خلق منتوج ثقافي جيد قابل للتصدير؛ وهي مناسبة لإقامة معرض نواكشوط الدولي للكتاب(حلم يراودنا) الذي يمكن أن يكون نقطة التقاء فريدة بين الكتاب العربي والكتاب الأفريقي، ولمَ لا ونحن الجسر الرابط جغرافيا وتاريخيا وبشريا بين العالمين؟ ولم لا وقد جعل أجدادنا ظهور العيس مدرسة فما لنا نتقاعس وقد كثرت الوسائل؟

من نواكشوط، قادرون -وبجهود بسيطة- على إقامة مشروع ترجمة عملاق ينقل إلى العالم أمهات كتبنا ويختار من التراث العالمي ما تحتاجه اللغة العربية والناطقون بها.

قادرون على تصدير صورة الإسلام الناصعة، الإسلام السمح، دين المحبة والإخاء، دين السلام والحب لا دين العنف والكراهية …

وستكون فرصة للمدن التاريخية الوطنية لتعرف على حضارتها وثقافتها كما ستكون نافذة يعرض من خلالها الصناع والحرفيون فنهم ومهاراتهم.

وعندها ستتعزز السياحة الثقافية التي ستجذبها نواكشوط -والبلد بأسره- لا محالة، ويتعزز الإشعاع ويرتبط ماضي البلاد بحاضرها ومستقبلها …

عندها تكون نواكشوط بحق عاصمة للثقافة الإسلامية وإن شاء الله عاصمة للثقافة العربية (2027) ثم عاصمة للثقافة الأفريقية؛ فعلى قدر أهل العزم تكون المناصب… وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!

كان الشناقطة علماء أفحموا المشرق والمغرب ، وكانوا دعاة فتحوا البلاد من غانة إلى فرغانة ، وكانوا فرسانا وطئت سنابك خيولهم ما وراء المضيق وانتصرت في الزلاقة، ولكن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت .

أما نحن، فما زلنا في السطر الافتتاحي من الصفحة الأولى، غير أن من سار على الدرب وصل!

هذه فرصة فريدة للمتوقع في ركب الأمم وليس الجواب على إشكالية التموقع بالسهل ولكنه معقد تعقيد عالمنا الذي نعيش فيه والذي تحدث فيه أقضية كل يوم، وجبت مواكبتها على النخبة عموما وعلى أولي الأمر بصفة خاصة.

وحسبنا مشاركة في هذا المضمار إثارة بعض الأسئلة تاركين الجواب عليها لأصحاب الاختصاص (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).

ما هي الأدوار التي يمكن لبلادنا أن تلعبها أحسن من غيرها؟

ربما كان دورنا الثقافي أقوى ورقة؟ ولكن هل نحن جاهزون؟ هل قمنا بالتحيين والعصرنة؟ ما هي أدوات الإيصال وقنوات الاتصال؟ هل يقتصر دورنا على إرسال بعثات للوعظ والإرشاد خلال شهر رمضان أم أنا بحاجة إلى إنشاء قطب للبحث في العلوم التي نجيد وتكوين دار للحكمة تكون أكبر مركز للترجمة من وإلى التراث الإنساني؟ هل نصبو لأن نكون جسرا ثقافيا بين إفريقيا والعالم العربي؟ هل سنكتفي بمشاركات شعرائنا في مسابقات شعرية أم سيكون لنا عكاظنا ومربدنا ؟ هل سيقتصر احتفاؤنا السنوي بالمدن الأثرية على احتفاليات بلا مضمون أم سنوظف ذلك من أجل دبلوماسية ثقافية نشطة ذات مضمون حضاري وانفتاح على شبه المنطقة وعلى العالم؟

أسئلة كثيرة؛ ربما حان أوان الإجابة عليها ونواكشوط تتربع على عرش الثقافة الإسلامية !

عاشت نواكشوط عاصمة للثقافة الإسلامية والعربية والأفريقية ؛ متصالحة مع هويتها ومدركة لدورها الحضاري المتجدد مع تحديات الزمان والمكان!

 

* موظف سابق بالأمم المتحدة.

تصنيف: 

دخول المستخدم