نعم للتظاهرات والنشاطات الشعبية لو توفرت لدينا ممرات صحية في موريتانيا!

ردَّ عليَ قراءٌ، متسائلين على الواتساب وعلى الفيسبوك، وعبر الهاتف احيانا: لماذا المطالبة بتعليق أو تأجيل الأنشطة أو الاحتفالات أو التظاهرات الشعبية، السياسية، أو الثقافية، أو الرياضية ... بينما يقام بها على نطاق واسع في كثير من أنحاء العالم، بعد فترات الحجر الصحي الأولى؟ ويأخذون كأمثلة الأنشطةَ التي تُجرى في البلدان المتقدمة، لاسيما في أوروبا، وفي الولايات المتحدة، وفي اليابان، إلخ.

وجاءت رد ة فعلهم على أثر مقال نشرته مساء أمس[i]، أقترحتُ فيه تأجيل المهرجان الشعبي الذي دعا حزب الاتحاد من اجل الجمهورية إلى تنظيمه يوم السبت المقبل في نواكشوط.

وكتوضيح لهؤلاء السائلين وغيرهم من مواطنينا، فإنني الفت انتباه الجميع إلى أن البلدان التي يستشهدون بها كدليل، تعتمد انظمة احترازية تفرض شروطا وقائية على المشاركين في التظاهرات واللقاءات ذات الطابع الجماهيري. وتعرف تلك الشروط بالفرنسية تحت اسم (passe sanitaire)، ويطلق عليها بالعربية عبارة " الممر الصحي" أو "التصريح الصحي". ويمنع من لا تتوفر لديهم تلك الوثائق من المشاركة في الأنشطة الشعبية. كما لا يمكنهم دخول الأماكن العامة: دور السينما، المطاعم، المتاحف، الملاعب، الصالات الرياضية، إلخ.

ويتمثل التصريح الصحي في تقديم ضمان يثبت أن الشخص الذي يحمله لا يمثل خطرًا فيما يعني انتقال المرض. وهو عادة في شكل رقمي ومخزن على الهاتف الشخصي. ويتكون على الأقل من أحد المستندات الثلاث التالية:

  1. شهادة تطعيم، أو وثيقة تقوم مقامها، تثبت أن الشخص المعني لديه جدول تطعيمات تلقاها، وسارية المفعول من حيث عدد الجرعات المطلوبة ومن حيث مواعيدها ومدتها الزمنية.
  2. دليل على وجود فحص سلبي، بتقنية ( RT-PCR)   (التفاعل البوليميري المتسلسل في الوقت الحقيقي) يرجع تاريخه إلى أقل من 24 ساعة ؛
  3. نتيجة اختبار موجبة بتقنية (RT-PCR) أو بتقنية أخرى معتمَدة تدل على الشفاء من كوفيد 19، ويرجع تاريخها إلى 11 يومًا على الأقل وأقل من 6 أشهر.

هذه هي أدوات، أو أشكال، التصريح الصحي المطبق في فرنسا. وهي نفسها تقريبا في دول كثيرة، مع بعض الاختلافات البسيطة أحيانا من بلد لآخر.

أما في موريتانيا، فلا يشترط أي من هذه الشروط الصحية ولا غيرها للمشاركة في أي نشاط كان نوعه. وهذا يعني ببساطة أن "الممر" أو "التصريح الصحي" غائب تمامًا عن لغتنا، كما هو غائب في حياتنا الاجتماعية. ونفس الشيء ينطبق على الغالبية العظمى من البلدان الأفريقية.

وفي ظل هذه الظروف، يبقى الامتناع عن المشاركة في الاجتماعات والأنشطة الشعبية وسيلة أساسية للحماية الصحية لسكاننا في وجه كوفيد 19. وبصورة خاصة نوصي بهذا السلوك الاحترازي، ونشدد عليه بقوة، لمواجهة العدوى السريعة لمتحور أوميكرون، سلالة الفيروس الأخيرة التي اكتشفت في جنوب افريقيا. فالسرعة الفائقة التي تنتشر بها هذه السلالة الجديدة في جميع أنحاء العالم منذ عدة أسابيع تجعلها أكبر تحد صحي في مكافحة الجائحة في الوقت الراهن.

ومن أهم الإجراءات الوقائية ضد انتشارها، تعليق، لفترة معينة، الأنشطة التي تستدعي حضور، أو تجذبَ، أعدادًا كبيرة نسبيا من الناس. ولهذا السبب فإننا نقترح على الأحزاب والنقابات، وعلى جميع الناشطين والفاعلين في المجالات السياسية، والاجتماعية، والثقافية ... أن يتجنبوا تنظيم التجمعات والمظاهرات الشعبية في الوقت الحالي، طالما لم تتوفر لدى المشاركين إمكانية الحصول على تصريحات صحية والزامهم بتقديمها عند الحاجة، أو لم يتراجع مستوى الخطر الوبائي المتزايد مع الانتشار السريع لمتحور أوميكرون.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

تصنيف: 

دخول المستخدم