ندوة حول المقاربة الأمنية الموريتانية ومحاربة الإرهاب في الساحل: الصحفي وضيوفه يكتمون الخلافات (فيديو)

ندوة حول المقاربة الأمنية الموريتانية ومحاربة الإرهاب في الساحل: الصحفي وضيوفه يكتمون الخلافات (فيديو)

كان الدكتور بوياتي مصيبا تماما لم شرح أن رفع التحدي الأمني لا يتمثل فقط في التصدي بفعالية لمخاطر وتهديدات ملموسة ذات طابع إجرامي.. بل يشمل أيضا علاج مخاطر أخرى.. العناصر المادية للجريمة أو للخطر ليست ذات قيمة كبيرة فيها. لأن عمادها هو الشعور بعدم الامن بغض النظر عن دوافع هذا النوع من الإحساسات والهواجس التي قد تكون مبررة على ارض الواقع وقد تكون قائمة على أوهام. وقد وفق الدكتور في إقامة علاقة وظيفية بين رفع هذا النوع من التحديات الأمنية "المبهمة" مع سلوك رئيس الجمهورية المتمثل في تجوله في الشارع العام دون حراسة حيث رأى فيه بوياتي رسالة طمأنة قوية من شأنها تعزيز الشعور العام بالأمن. غير أن اطرافا سياسية أخرى قد تكون لها قراءة مغايرة. 

كما قد تنطبق قراءات مماثلة على المعطيات المتعلقة بدول الساحل التي ركز عليها الدكتور عبد الصمد. فرغم أن ما ذكره توافقي، إلا أن تأويل اقواله وتوظيفها السياسي قد لا يخلوان من مفارقات حتى وإن لم يبرز تباين في المواقف حولها خلال الندوة.

ومن جهة أخرى، بينت الاعتقالات الأخيرة التي قامت بها الشرطة الفرنسية منذ أيام قليلة في أوساط اقصى اليمين المتطرف على صحة التنبؤات القائلة بأن الشكل المقبل للإرهاب سيتخذ لبوسا غير إسلامي كما بين أحد المشاركين مع د. بيوتاي في الندوة. ومع ذلك فلا أحد ابدى اهتماما كبيرا بهذا الطرح.

أما حول سياسة "المهادنة" أو "المساكنة" بين الجماعات الإرهابية وموريتانيا، التي ذكرها أبو المعالي، فذلك "فيه قولان" كما هو معروف في لغتنا المحظرية.

ولا يقتصر الخلاف على هذا الجانب فقط.. فما قاله كاتب هذه السطورحول محاولات ترحيل (délocalisation) محاربة الإرهاب من طرف الدول الغربية إلى بلدان الساحل وحول رفض دول الساحل لذلك، فهو أيضا موضوع جدلي يرفضه الخطاب الرسمي  الصادر عن حكومات الدول المعنية وسياسييها. غير أنه من الممكن أن يلقى صدى إيجابيا في أوساط أخرى غير خاضعة للمصالح الدبلوماسية وحساباتها الحذرة واكرهاتها السياسية. 

كما أنه ليس من المؤكد أن التغلب على معضلة تعريف الإرهاب قد تم حسمها عن طريق استحداث مفهوم  "التطرف العنيف". فحسب ما يستشف من استراتيجيات بعض المنظمات الدولية (الأمم المتحدة- الاتحاد الأوروبي- الاتحاد الافريقي...) ومن أدبيات مصالح الامن الوطنية- في كندا على سبيل المثال، فإن هذا المفهوم يشكل مرحلة متوسطة من المسلسل العام للتشكل الإرهابي القائم على ثلاث مفاهيم  متتالية رئيسية  على الأقل،  هي:

التطرف ← التطرف العنيف ← الإرهاب.

ورغم كل الخلافات الكامنة، فإن الصحفي المحاور- احمدنا سيدي احمد- لم يترك فرصة لبيانها .. وهذا دون ان يعلم هو.. ودون ان يشعر المشاركون في النقاش بذلك.  

فهنيئا له على الأريحية التي اتسمت بها إدارته للنقاش، وهنيئا للطاقم الفني ولإدارة قناة الساحل على جودة الإخراج رغم شح الوسائل على ما أتصور.

البخاري محمد مؤمل.

تصنيف: 

دخول المستخدم