كما هي عادته لم يتغيب محمد جميل منصور عن موضوع الساحة.. رغم أنه يعلم كم قضية إطلاق سراح ولد امخيطير حساسة جدا وكم يجب عليه أن يتحلى فيها بالحذر . وهذا ما بادر إلى التنبيه إليه منذ البداية:
" كثيرا ما ترددت في الكتابة حول هذا الموضوع لأنه في أجواء الشحن والاستقطاب يصعب على المرء التجرد وابتغاء الحقيقة والحقيقة فقط ولكني رأيت أن أسهم بشيء والملف قيد الإغلاق والانتهاء."
ورغم حذره، فقد أدلى بدلوه في الموضوع بطريقة لا تخلو من الجراءة.. إذ قال أنه " ينبغي اعتبار هذا الملف منتهيا ولا لزوم للاستمرار في إثارات في غير محلها". أي : أنه يبارك إطلاق سراح ولد امخيطير والطريقة التي تم بها حل الملف متعبرا أنه " قيد الإغلاق والانتهاء" - كما قال. ورد ضمنيا على من ذهبوا في اتجاه معاكس، منتقدا كونهم أسسوا فتاويهم ورؤيتهم على الفقه المالكي وحده دون مراعاة للمذاهب الأخرى، ودون أن يأخذوا في الحسبان "الثقافة القانونية المعاصرة (...) وخصوصيات المرحلة وإكراهات العصر".
وكما كان متوقعا، صدرت ردود فعل مناوئة بقوة لهذا الموقف.. ذهب بعض أصحابها إلى توجيه اتهامات شديدة وعنيفة لجميل منصور مثلما اتهمته جهات في المعارضة بالخيانة ومحاولة التقرب من السلطات الحاكمة لما أعلن اعترافه بنتائج الانتخابات الرئاسية الماضية وبشرعيتها.
لكنه مما لا ريب فيه أن جميل منصور وضع حسابا لكل ذلك. فهو على بينة بأنه سيفتح جبهة مع السلفيين المتشددين في قضية ولد امخيطير ومن يسيرون في فلكهم من الناس.. ومع غيرهم، مثل خصومه السياسيين الذين سيركبون الموجة بغية النيل والإضرار بخصم متمرس وعنيد.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
------------------------------
النص الكامل لتدوينة جميل منصور
"على هامش قضية ولد امخيطير
كثيرا ما ترددت في الكتابة حول هذا الموضوع لأنه في أجواء الشحن والاستقطاب يصعب على المرء التجرد وابتغاء الحقيقة والحقيقة فقط ولكني رأيت أن أسهم بشيء والملف قيد الإغلاق والانتهاء خصوصا أن قيود وتحفظات الموقع لم تعد قائمة ( كنت رئيس تواصل ولم أعد ) :
1 - أبانت هذه القضية خصوصا في مراحلها الأولى عن رصيد واسع وصادق من حب النبي صلى الله عليه وسلم لدى الشعب الموريتاني مهما كانت تصرفات بعض موظفي هذا الرصيد مثيرة للأسئلة والشبه ، وقد انتهت الأجواء المعبرة عن هذا الرصيد إلى مستوى مقدر من الردع المعنوي ثم القانوني لاشك سيترك آثاره مستقبلا ويجعل الإقدام على الإساءة صعبا مهما كانت إغراءات التآشر والحماية.
2 - صاحب هذه القضية من بدايتها خلل بين وازدواجية مناقضة للمصداقية ، ففي حين أخذت إساءة محمد الشيخ مداها على المستويات كلها الشعبي والاعلامي والرسمي غيبت إساءات آخرين وأخريات بعضها كان أشد وأفظع ولم يجد كثيرون - والمؤشرات تدعمهم - تفسيرا لذلك سوى الانتماءات الفئوية والاجتماعية التي يستعصم بها هؤلاء في مجتمع مازال مختل البناء والميزان.
3 - على هامش التداول في هذه المسألة تكرر على ألسن عديدين فقهاء ومسؤولين مرجعية مشهور المذهب المالكي في قوانين البلاد وكان اعتماده حاضرا في السجال حول هذه المسألة.
أيها الأعزة لا يمكن أن تتأسس دولة حديثة على فقه مذهبي واحد لا مشهوره ولا مغموره ولا شاذه ، القوانين في دولة إسلامية معاصرة خصوصا في المجالات الجنائية والسياسية والدبلوماسية والمالية تتأسس على الثوابت والكليات الشرعية الملزمة ، وتستفيد من التراث الفقهي والقانوني للمسلمين وفي الصدارة منه في محيط كمحيطنا مذهب الإمام مالك لثرائه وسعة قواعده ، وتتفاعل مع الثقافة القانونية المعاصرة وتستحضر خصوصيات المرحلة وإكراهات العصر.
4 - ينبغي اعتبار هذا الملف منتهيا ولا لزوم للاستمرار في إثارات في غير محلها ، فقد بلغ مداه قضائيا وإعلاميا وترتب عليه ما يلزم من ردع معنوي وقانوني.علموا الناس سنة وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وركزوا على جوانب العدل والإنصاف والمساواة والإيثار فيهما وهي كثيرة واسعة ، أوضحوا للناس كيف كان منهج النبي صلى الله عليه عابرا للإنتماءات والعصبيات مؤسسا مجتمعا لا فضل فيه إلا بالتقوى وخدمة"
تصنيف: