لماذا وكيف نلقى على انفسنا "قنابل هيروشيما" صامتة !؟

يخلد اليوم  "الهيباكوشاس"[i]  الذكرى 77 لنجاتهم من القنبلة النووية التي القى الأمريكيون على هيروشيما في 06 يوليو 1945؛ والعالم معهم تستعيد ذاكرته تلك الكارثة. وبنفس المناسبة، يدق كثير من الناس، على رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة، صفارات إنذار محذرين من استخدام الأسلحة النووية.

والخطر فعلا حقيقي، بينما يعيش كوكبنا تهديدا كارثيا من نوع آخر يسري بصمت، ولا يعرف أحد مآله رغم أن اضراره تنتشر يوما بعد يوم في انحاء المعمورة، وكذلك فإن ضحاياه يعدون بالملايين، بل عشرات أو مئات الملايين أو بالمليارات لأنه لا أحد ينجو منه... و يُعرف أكثر ضحاياه بروزا تحت اسم "لاجئو المناخ". وجميع الدلائل والقرائن تشير إلى أن اعدادهم في تصاعد مستمر. وإعلان الصين منذ ساعات تعليق تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال محاربة التغير المناخي لا يبشر بخير في هذا المجال، وكذلك  الجهود الحثيثة الرامية إلى "الإنتعاش الاقتصادي" بعد كوفيد، هذا فضلا عن حرب أوكرانيا وما ينجم عنها من اقبال جديد على الطاقات "الأحفورية" 

التغير المناخي لا يقل ضررا عن قنبلة هيروشيما. بل آنه أشد وأعظم إن نحن أخذنا في الحسبان أن فاعله ليس دولة ولا جهة بعينها ومدته لا تقتصر على لحظة، وهو مستمر دوما بلا انقطاع دون احداث  انفجارات مرعبة تنذر الضحايا بالكارثة التي تلحق بهم, وكلنا فيه ضالعون . إلا أن القوى الصناعية وبعض الدول الصاعدة هي الملوث والسبب الأول للانحباس الحراري. وعلى العكس من ذلك، فإن الدول الأقل تلويثًا هي أول الضحايا. هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للقارة السمراء، التي تبلغ حصتها من انبعاثات غازات الدفيئة حوالي 4 ٪، في حين أن البلدان الأفريقية من بين الدول الأكثر تضررا من العواقب الناجمة عن الاحتباس الحراري. وبصورة خاصة منطقة الساحل.

و تضررت موريتانيا بشدة من هذه الظاهرة حيث تشهد فترات طويلة ومتكررة من الجفاف وموجات الحر، مع تفشي التصحر المستمر ، مع ارتفاع مياه المحيطات ، وزيادة في حموضتها والتأثير المقلق لهذه الظواهر على الثروة السمكية والبيئة البحرية والبرية بشكل عام ...

بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من زيادة المخاطر البيئية فيما يتعلق ببلدنا، مع البداية الوشيكة لاستغلال الغاز في مياهنا الإقليمية. فعلى سبيل المثال، فمن المعقول أن تزيد نسبة مشاركتنا في انبعاث   الغازات الدفيئة. كما لا يستبعد حصول أضرار صوتية وحركية بسبب ضوضاء الآلات وحركة الأجهزة الميكانيكية في الوسط البحري.

الأمر الذي يتطلب منا أن نولي عناية خاصة للجوانب البيئية لهذا المشروع، ولغيره من مشاريع التنمية والأعمال التي يتم تنفيذها في البلد، وإلا فإننا-لا قدر الله-سوف نقوم بوضع وتفجير قنابل مناخية موقوته لا تقل خطورة عن أسلحة الدمار الشامل. وأولادنا وأحفادنا هم من سيدفعون الثمن غاليا.

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

 


[i] هكذا يسمى الناجون من هيروشيما باللغة اليابانية.

تصنيف: 

دخول المستخدم