لست هنا لأرثي الشاعر فلست مؤهلة لذلك، ولا تفي كلمات الرثاء الموقف حقه، بل يتعلق بخصال جمة لا يمكن التعبير عنها كما قال هو ذات مرة في شأن القائد التاريخي صدام احسين :
لست ارثيك لا يجوز الرثاء. كيف يرثي الجلال والكبرياء
في يوم 8 من نوفمبر، كان لنا موعد مع الموت، مع الحزن!!
مهما استجديت اللغة فان مفرداتهاتفر مني، تتلاشي امامي كخيط دخان لانها تعي عجزها عن الإيفاء بتوصيل الخطاب، سيما اذا تعلق الامربقامة كعبد الواحد عبد الرزاق وفيئه الثقافي الوارف.
بادرت أنشد الفجيعة والحزن الا ان حجم المسؤولية يتطلب وفاء أقوي وأنبل وأصدق
لقد هجرتنا،حكمت بفرقتنا الازمان، هذه التفرقة التراجيدية التي تخبر عن موت جماعي للعرب، حيث لا مكان بينهم لأمثالك، لا مكان هنا لشاعر القضية، لا مكان هنا لشاعريعي هموم وطنه.
حبذا لو تتحفني لغتي الظامئة بكلمات تليق بالمقام، فاللغة تتشح السواد لانها فقدت صديقها الوفي الذي كان يعانقها ويضمها في حضنه الدافئ.
ان هذا الشاعريكتب بمهارة المبدع الخلاق ليس فقط من حيث الرصانة في التعبير وقوة السبك بل من حيث التماهي مع هذه اللغة عن طريق سبر أغوار الوعي العربي والنقش علي جداره.
لقد ربط هذا الرجل الشعر كمعرفة بمفهوم الفضيلة، الشعر كفاعلية ابداعية معبرة عن الحياة العربية وعن الشعر كمصدر لا ينضب لتطور الأساليب التعبيرية واللغوية، وقد كانت هذه الفاعلية خلاقة ترتبط بالشعر كوجود رمزي يكشف رؤى وتجارب حياتية وميتولوجيات لعلاقة الانسان بالعالم.
لقد كان هذاالشاعر يمثل بجدارة ربيع القصيدة العربية الملتزمة في أوج ازدهارها وتفتق أزهارها سواء تعلق الأمر بنقل الأحداث المحزنة اوالسارة والمفرحة وان كانت هذه الاخيرة ما عاد لها وجود......
الا ان أبواب القصيدة أصبحت موحشة وأحست بالغربة، بل عاشت الاغتراب حيث ما عادت تعرف نفسها...وأصبحت تعزف مواويل الفراق، اذ لا معني لقيثار قطعت أوتاره
لقد كان بحق قيثار الشعر...
لانه عربي كبرت معه الجراح، شابت معه المواجع ، هاجرت معه، فقد حرم من الإقامة في وطنه الام العراق ولكن احدا لم يستطع ان يمنعه من ان يظل مواطنا عراقيا من درجة أولي، بل مواطنا عربيا يعيد جدلية الانتماء والالتزام.
زينب الجد
تصنيف: