قراءة في كتاب "الرواية الشنقيطية(...)" للدكتور أحمد كوري بن يابة السالكي/ بقلم الدكتور محمد بن بوعليبة بن الغراب.( ⃰)

قراءة في كتاب "الرواية الشنقيطية(...)" للدكتور أحمد كوري بن يابة السالكي/ بقلم الدكتور محمد بن بوعليبة بن الغراب.( ⃰)

إن حركة التأليف عبر تاريخ هذا البلد في مجال علوم النحو وحول ألفية ابن مالك علي الخصوص قد بدأت منذ ما يزيد علي خمسة قرون. وآثار وبقايا تلك المؤلفات لا زالت علي شكل مخطوطات في أروقة المكتبات الأهلية في مدن مثل تمبكتو.. وولاتة.. وتشيت.. وودان.. وتجكجة.. وشنقيط... ولدى بعض العائلات التي انتقلت من هذه المدن وبحوزتها بعض تلك المخطوطات.

وقد اعتمدتُ في قراءتي لكتاب الأستاذ الفاضل أحمد كوري ولد يابة علي مقارنة قمت أنا بدوري بها، وقد ألجأتني إليها غريزة كوني مشتغلا بالأساس في مجال المقارنة والأدب المقارن، ولِما للمقارنة في نظري كمنهج من نجاعة في إضاءة ما لا تستطيع بعض المناهج الأخرى إضاءته. فلقد قمت بالمقارنة بين الرواية التي يسميها المؤلف "بالشنقيطية" وأظنه يعني "بالشنقيطية" رواية منطقة جنوب غرب الصحراء أو الݤبلة (بكاف معقودة) والمدينة الاثيرة المعروفة بشنقيط، وبين رواية أهل شرقي صحراء هذه البلاد أي الحوض ومناطق أخرى من أرض البيظان وهي مثلث تنبكتو مرورا بأروان إلي تشيت فولاتة، وقد يصعب إدراجها من الناحية المنهجية والعلمية ضمن شنقيط ودون الخوض كثيرا في مصطلح شنقيط والذي يعني عند علماء شرقي البلاد ولدى أول من ألف في التاريخ في غرب وجنوب الصحراء وهو عبد الرحمن السعدي الذي تحدث عن رجل من البربر كان قد حكم بلادهم قائلا: "هو رئيس تنبكتو، محمد نض وهو صنهاجي من قبيلة أجر أصله شنجيط"، وقد حكم المدينة ما بين 1433 نهاية الإدارة المالية لها وحتي 1465 وهي بداية حكم الصونغاي حسب كتاب: تاريخ السودان. ويضيف النص أن هذا الرجل "كان صنهاجيا من قبيلة أجر أصله شنجيط وهو أصل جميع هذه القبيلة.." ويرى محمد الشنافى أن محمد نض بالبربرية هو محمد الندى يعني الله ويقول إن كلمة أجر بالأجار أو إديجر... من شنقيط.

فهل كل من يعنيهم بالرواية الشنقيطية منحدرون من نفس المنطقة بحيث يشملهم مصطلح شنقيط. وهذه المدن حرسها الله التي ذكرنا آنفا كانت حاضنة هي الأخرى لجانب من الحركة العلمية في جنوب غرب الصحراء، وكانت هذه المنطقة قد سبقت سائر بقاع الصحراء الأخرى بأسباب المعرفة ربما لقربها الجغرافي من بلاد الحجاز والمشرق العربي، وربما لكون الطريق إلى الحج كان أقرب إليها من باقي المناطق الصحراوية الأخرى.

وقد اعتمدت نسخة من شرح الألفية عنوانها 3المواهب السنية شرح ألفية ابن مالك لأحد كبار علماء الشرݤ (بكاف معقودة) الصحراوي وهو المسمى أحمد بن الطالب محمود بن أعمر الإدوعيشي الملقب (أحميتي) وقد نسخها أحد علماء الشرق المشهور بمحمد البشير ولد الصغير ولد أبابك الغلاوي، وهي نسخة موجودة بمكتبة آل محمد البشير)، ولاحميتي كذلك شرح علي الفريدة لجلال الدين السيوطي. وكتاب الألفية معروف في مناطق الشرق مثله كتاب الفريدة للسيوطي لأن الحاج أحمد بن عمر جد أحمد بابه التمبكتي قد التقى بالسيوطي وهو في رحلته إلى الحج وكان الحاج أحمد هذا قد توفي في النصف الأول من القرن العاشر. وكان أحمد بابا من أوائل من درس وشرح الألفية إبان القرن الحادي عشر.

وخلال القرن الحادي عشر شهدت الصحراء وخاصة منطقة تيشيت نهضة في مجال تدريس والتأليف في مجال النحو لدي المدرسة الداودية في تيشيت وغيرها من مناطق الشرق قد رسخت تدريس النحو من الألفية ومغني اللبيب لابن هشام.

وكان من روادها الحاج لحسن بن آغبدي الزيدي الداودي الذي التقى في رحلته إلي الحج إبان القرن الحادي عشر بالخرشي ولعلكم تذكرون أربعين مسألة كان قد أخذها علي الخرشي في شرحه لخليل. وابنه سيدي محمد ولد الحاج لحسن الذي اشتهر بتدريسه للألفية (انظر في هذا الموضوع كتاب فتح الشكور) وابن عمهما موسى بن ايجل الزيدي صاحب نظم أدوات ابن هشام المعروف ب"كشف النقاب عن أدوات الإعراب"، الي يقول في مطلعه:

"أقول وقول الحق أولى تجملا +++ محمد الزيدي بن موسي بن أيجلا".

ومن طلبتها الأفذاذ :

-عثمان بن الطالب ألمين بن احمد بن الطالب مؤمن الفائدي نسبة إلي أولاد بوفايدة 1133، وله شرحه علي الألفية الموجود بمكتبة أهل باريك بولاتة.

- احمد بن عبد الله النفاع بن احمد بن الحاج المشهور بالمرواني.المتوفى 1129-1716. له: شرح الألفية

ومن المتأخرين:

* شرح الألفية للمروان ولد الطالب عبد الله الداودي 1229-1813.

* وشرح عبد الله بن الفقيه الطالب أحمد الحاج احماه الله بن أحمد بن الحاج المصطف الغلاوي. (1209-1794).

- محمد عبد الله ببات بن عبد الله بن أبي ݤفة (بكاف معقودة) 1269-1852، وكتابه: منح المالك على ألفية بن مالك.

- محمد يحيى بن سليمة اليونسي الداودي الذي تجاوزت مؤلفاته مئة وأربعة عشر تأليفا، وقد ألف شرحا علي الألفية.

- وبوكفه أحمد بن محمد المحجوبي الولاتي 1240-1824، وكتابه: منهج السالك علي ألفية ابن مالك، وله جمانة الإعراب في معني الحروف. وله شرح علي الفريدة للسيوطي.

- سيدي انبوي 1260-1844 وله: طرة علي ألفية ابن مالك.

- الطالب أحمد بن محمد رارة (1210 – 1796) شرح ألفية بن مالك.

واحميتي هو الذي ألف كتاب كشف النقاب عما جرى بأرضنا من الأخطاء وهو كتاب نفيس في المقرأ ولا غرابة فهو الذي ظل شرحه لابن بري إرشاد القارئ والسامع لكتاب الدرر اللوامع علي مقدمة الإمام نافع معتمدا في كثير من أمصار ومحاظر الصحراء. وهو صاحب منظومة الأخذ في علوم القرآن، وله احمرار الدرر اللوامع في مقرإ الإمام نافع. وقرة العينين لمبتغ التقاء الساكنين. وله هداية الأمين في شرح المرشد المعين لابن عاشر في الفقه، وهو كتاب نادر وفريد من نوعه وله أجوبة فقهية.

وقد اعتمدت هذه المدرسة حسب ما اطلعنا عليه من مخطوطاتها النفيسة على الرواية المشهورة كرواية ابن عقيل من القرن الثامن. وقد سماها مؤلف الكتاب كذلك.

نأتي إذن بإيجاز إلي المقارنة، تقول الرواية المشهورة عنوان البيت: 783

"واحْذِفْ مِنَ الْمَقْصُورِ فِي جَمْعٍ عَلَى +++ حَدِّ الْمُثَنَّى مَا بِهِ تَكَمَّلَا"

الرواية المشهورة لا عنوان بها وكذلك في رواية الشرݤ (بكاف معقودة).

الرواية الشنقيطية عنونته ب"فصل"، علي خلاف الروايتين السابقتين.

البيت من الألفية رقم: 863

"ونَحْوُ "حَيٍّ" فَتْحُ ثَانِيهِ يَجِـــبْ +++ وَارْدُدْهُ وَاواً إِنْ يَكُنْ عَنْهُ قُلِبْ"

الرواية الشنقيطية حسب المؤلف:

"ونَحْوُ "حَيٍّ" فَتْحُ ثَانِيهِ يَجِـــبْ وَارْدُدْهُ وَاواً إِنْ يَكُنْ عَنْهَا قُلِب"ْ

الرواية الشرقية موافقة للمشهور.

في البيت:878

"وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِباً لِلْجَمْعِ +++ إِن لَمْ يُشَابِهْ وَاحِداً بِالْوَضْعِ"

الرواية الشنقسطية:

"وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِباً لِلْجَمْعِ +++  إِن لَمْ يُشَابِهْ وَاحِداً فِي الْوَضْعِ"

رواية الشرق مطابقة للمشهور.

البيت:927

"وَضَاعِفِ اللَّامَ إذَا أَصْلٌ بَقِي +++  كَرَاءِ "جَعْفَرٍ" وَقَافِ "فُسْتُقِ"

الرواية الشنقيطية:

"وَضَعِّفِ اللَّامَ إذَا أَصْلٌ بَقِي +++  كَرَاءِ "جَعْفَرٍ" وَقَافِ "فُسْتُقِ"

الرواية الشرقية مطابقة للمشهور.

وفي البيت 933 من الألفية:

كَذَاكَ هَمْزٌ آَخِرٌ بَعْدَ أَلِفْ +++ أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَيْنِ لَفْظُهَا رَدِفْ"

الرواية الشنقيطية:

كَذَاكَ هَمْزٌ آَخِرٌ بَعْدَ أَلِفْ +++  أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَيْنِ لَفْظُهَا رَدِِفْ"

الرواية الشرقية مطابقة للمشهور.

وفي البيت 934 من الألفية:

"وَالنُّونُ فِي الْلآخِر كَالْهَمْزِ وَفِي +++  نَحْوِ "غَضَنْفَرٍ" أَصَالَةً كُفِي"

الرواية الشنقيطية:

وَالنُّونُ فِي الْلأَخِيرِ كَالْهَمْزِ وَفِي +++  نَحْوِ "غَضََنْفَرٍ" أَصَالَةً كُفِي

وهنا توافق رواية الشرق الرواية الشنقيطية حسب مصطلح المؤلف، وتختلف الروايتان عن المشهور.

وَايْمَنُ هَمْزُ "أَلْ" كَذَا وَيُبْدَلُ +++ مَداً فِي الاِسْتِفْهَامِ أَوْ يُسَهَّلُ

الرواية الشنقيطية :

َايْمَنُ هَمْزُ "أَلْ" كَذَا وَيُبْدَلُ +++ مَداً فِي الاِسْتِفْهَامِ أَوْ يُسَهَّلُ

الرواية الشنقيطية بحذف الواو من مطلع البيت.

وتطابق الرواية الشرقية المشهور وهكذا ...

هذا وقد انتشرت علي ما يبدو هذه الرواية الشنقيطية في مناطق الغرب الموريتاني والجنوب الغربي وبذلك تكون قد اسخدمها الكثير من علماء النحو المتأثرين بهذه المدرسة، وقد خدم أهل مناطق الݤبلة (بكاف معقودة) نص الألفية خدمة كبيرة وتعددت شروحها ومنها علي سبيل المثال لا الحصر:

شرح اشفغ انجبنان الشمشوي، من أولاد اشفغ حيبل له شرح ألفية ابن مالك وهو صاحب تفسير القرآن المشهور، وهو من القرن الثاني عشر الثامن عشر.

وهناك شرح علي ألفية بن مالك لسيدي منير بن حبيب الله الشمشوي 1162-1748.وعنوانه الدلاصة علي الخلاصة وله كذلك حباب الدلاصة في التوضيح علي الخلاصة. ومن تلامذته سيدي منير بن حبيب الله الشمسدي التاشمشاوي الألفغي وسيد الحسن بن الطالب سيدي احمد بن علي بن دكان البرتلي الولاتي مما قد يوحي بنوع من الصلات العلمية بين أهل شرقي البلاد وغربها، وسيدي أحمد بن سيدي عثمان الغلاوي.

وشرح الألفية عنوانه: الدرر البهية في شرح ألفية ابن مالك لعبد القادر بن محمد سالم بن محمد سعيد بن محمد عمار بن أبي السيد أبي بكر المجلسي، المتوفى 1337/1918. وهو شارح الغزوات للبدوي وله 46 مؤلفا منها نزهة الأفكار على قرة الأبصار.

الشخ المختار بن بون الجكني، المتوفى 1220/ 1805 وله أعمال جليلة على الألفية وعلم النحو عموما وله تحفة المحققين فى علم المنطق. وتبصرة الاذهان نكت البيان وهو كتاب في علم البيان.

الجامع بين التسهيل والخلاصة المانع من الحشو والخصاصة،احمرار فى ألفية ابن مالك. الجامع بين التسهيل والخلاصة وشح به الخلاصة وتسمى بالاحمرار لأنها تكتب بالحمرة لتمييزها عن الخلاصة.

ولمحنض بابه بن اعبيد طرة علي الألفية ولا غرابة فهو تلميذ المختار بن بونه الجكني.

وهناك طرة علي ألفية بن مالك لمحمد بن مينين الديماني 1280-1863. وكتاب فتح المالك شرح ألفية ابن مالك لبابه ولد محمذ بن حمدي 1253-1837. كما أنه يوجد تعليق علي ألفية ابن مالك لأحمد بن البشير بن حنبل التندغي اليدمسي.

ولمحمد مَولود بن أحمَد الجَواد بن مُحمَّد (ت. 1243هـ/1828م)، كذلك شرح عليها، وهو تلميذ ابن بون الجكني، وتلميذا لمامون اليعقوبي الأعمامي المجيدري كمال الدين محمد بن حبيب الله بن الفاضل بن أشفغ موسى اليعقوبي. ومن تلامذته محمد بن الطالباه الموسوي ، وغيرهم ..

ولعبد الله بن أحمد دام بن محمذين المالكي الآبيري المولود: /1292، 1878/ المتوفى: 1968 1388 شرح على الألفية. وللشيخ محمد سيدينا بن أحمد محمد بن سدينا الأبيري (1346-1927)، شرح كذلك علي الألفية وله أيضا كتاب في النحو وهو شرح لاحمرار ولد بونه.

ولمحمد أمبارك بن حمى الله بن الأمين اللمتوني 1290-1873. شرح على ألفية ابن مالك. ولمرابط: محمد الامين بن أحمد زيدان (1829-1245). شرح عليها كذلك.

وقد شرحها الشيخ بن أحمد محمود الأبيري توفي 1943.

وشرحها محمد عبد الله ولد أحمذي الحسني (1390-1970).

كما شرحها الشيخ الحاج بن السالك بن محمد بن فحف (1340-1921.

وهناك طرة علي ألفية بن مالك للشيخ محمد أحمد بن أحمذي الحسني 1325-1905. ولا غرابة فهو تلميذ لبلا بن مكبد (ابن الفاضل بن أبي)البحسني الشقروي وهذا الأخير تلميذ للشيخ المختار بن بون الجكني. ومن تلاميذ بلا عبد الودود (عبد الله) بن أحمد بن انجبنان الألفغي. وهناك شرح علي ألفية بن مالك أحمد بن أمينُ بن الفراء التندغي 1323-1905.

وهناك طرة علي ألفية ابن مالك للبرا بن بك (بكاف معقودة) بن سيدي بن حرمة 1250-1834. توفي 1917-1336، ولا غرابة فمن أساتذته الحارث بن محنض الحسني بن سيدي عبد الله الشقروي البوحسني. وابن عبدم محمد بن عبد الله بن الامين بن محم الديماني الفاضلي.

حاشية علي ألفية ابن مالك الشيخ حبيب الله بن محمد حرمة، والذي له شرح نظم شهداء المعارك لابن متالي التندغي وهو كتاب في السيرة النبوية.

تعليق علي ألفية بن مالك الشيخ سديا محمد بن الشيخ أحمد بن سليمان الديماني 1339-1920.

تعليق علي ألفية بن مالك للبشير بن عبد الله بن محمد فال 1354-1935.

تعليق علي ألفية بن مالك محمد محمود ولد أحمد الواثق التندغي شرح علي قصيدة الشيخ الخديم التي ضمنها إيجاز ألفية ابن مالك.

طرة علي ألفية بن مالك سيدي محمد بن داداه الأبيري، (1270-1853) 1330-1911).

شرح أول علي ألفية ابن مالك محمد بن آبه بن بات التندغي.

التيسير المبين علي احمرار بن بونا للقاضي محمذن فال بن أحمد فال التندغي.

نظم في النحو يشرح به عبد الرحمن بن الكور ألفية ابن مالك.

مضيء الحوالك في الاحمرار والفية بن مالك لمحمد شيخنا بن أباه بن محمد الأمين اللمتوني. إلي غير ذلك من المؤلفات الكثيرة والنفيسة التي أسهم بها أهل منطقة الكبلة (بكاف معقودة) في حركة التأليف في علوم النحو. 

والسلامعليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ⃰ ) تم القاء هذه المداخلة من طرف مؤلفها بمناسبة ندوة فكرية نظمها صالون المولي محمذن ولد محمودن  حول كتاب ألفه الدكتور احمد كوري ولد محمادي تحت عنوان: الرواية الشنقيطية من الألفية والشواهد النحوية: التحوير والتفسير والتأثير.ح.. كان ذلك  يوم الأحد  09/  01/ 2017

تصنيف: 

دخول المستخدم