فنانة تشكيلية موريتانية تتساءل.. وترسم: من أين نبدأ ؟

فنانة تشكيلية موريتانية تتساءل.. وترسم: من أين نبدأ ؟

لكل شيء بداية، أيا كان الميدان: سياسة، اقتصاد، رياضة، مواثيق سلام، إدارة حروب إلخ...
فالحصول على نقطة الانطلاق كثيرا ما شكل العقبة الكبرى. وهذه الإشكالية شغلت دائما بال المخططين والاستراتيجيين والمنفذين.. كل حسب مستواه.
أي منا لم يعش هذا التحدي .. في حياته المهنية أو الخاصة..متسائلا: " من أين أبدأ ؟ ".
وهذا السؤال رغم حضوره الضاغط على الأنفس.. سواء على مستوى الفرد أو المؤسسات .. لم ينل لحد الآن ما يشفي الغليل من لدن الكتاب والفنانين.. بل مازال غائبا لدرجة كبيرة .. خاصة في آدابنا وفنوننا الوطنية. 
غير أن الفنانة التشكيلية خديجة بنت إسماعيل  تفتح بابه هذه الأيام بتعبير رمزي قوي: هذا ما استشفه شخصيا من أعمالها الجديدة لما استهلتها بحرف (أ ). وقد لاحظت الأمر خلال معرضها الأخير ـ الجاري حاليا في المركز الثقافي المغربي ـ لما تبينت أن لوحة "الألف" هي البداية على مسار الزائر.
، وقد ركزت الرسامةعلى على بيان الوزن الريادي للرمز كمدخل.. لما أضافت لمسات جميلة تضفي  صبغة المفتاح على أول الحروف الأبجدية. وقد حرست على أن تكون اللمسة بمثابة القاعدة التي ترتكز عليها نقطة البداية حيث جعلتها هي الجزء السفلي من الألف. 
ورغم الخصوصية الرمزية لهذه اللوحة ـ مقارنة برفيقاتها في المعرض ـ فإن الفنانة وفقت في أن تبقيها ضمن النهج الكلي الذي يميز هذا العمل في مجمله، فهي تدخل تماما في إطار الموضوع العام للمعرض: " الفن في خدمة التراث الثقافي". وهذه "الألف" تعبر عنه رمزيا ، كما يتبين ذلك من البعد المحظري الذي ينبثق من دلالاتها.
ومن الناحية الفنية، فإن الإضاءة والظلال والألوان المستخدمة  كلها  لرسم (أ) ..هي مزيج متناسق التباين بين بُنّي قاتم وبرتقالي بارز وأصفر و أبيض خافتين. وهذا الخليط من الألوان الحارة ـ ألوان الصحراءـ فضلا عن كونه هو السمة  المشتركة لمعظم اللوحات المعروضة، فإنه ـ إضافة إلى ذلك ـ يذكر نا بلون قطع الصفائح الخشبية (الألواح) المستخدمة تقليديا في تعليم القراءة و في " المحظرة" بصورة عامة.
وبهذا تكون خديجة بنت إسماعيل قد طرقت باب إشكالية نقطة البداية من خلال لوحتها "الألف" كفاتحة لحروف الهجاء وبوصفها الخطوة الرمزية الأولى على سبيل المعرفة أو على سبيل الحل. وهي تشكل في نفس الوقت معلما معبرا وضعته الفنانة في التراث التربوي والتعليمي الأصيل لهذا البلد. 
البخاري محمد مؤمل 
يونيو 2014

تصنيف: 

دخول المستخدم