حسب معرفتي المتواضعة، لم يستعمل النبي صلى الله عليه وسلم المسبحة (التسبيح كما نسميه في بلادنا)، كما لم يعرف عن أي من الخلفاء الراشدين استخدام المسبحة؛ فهي بدعة، لكنها بدعة مستحسنة عند الغالبية العظمى من المسلمين. ولو أن كثيرا من العلماء يفضلون التسبيح بأصابع اليد.
ويشكل استخدام المسبحة ممارسة مشتركة بين الديانات السماوية كلها وكذلك البوذية. بل اعتقد ان البوذيين هم الأولون في استخدامها. وربما يكون ذلك عاملا مساعدا على فهم قوة انتشارها في المناطق الآسيوية الأهلة بالمسلمين غير العرب.
وعرضها سويا من طرف الشيخ عبد الله ولد بيه ومن طرف البابا فرانسيس، بوصف الأول شخصية إسلامية دولية مرموقة والثاني قائدا للكنيسة الكاتولوكية، يحمل دلالة رمزية عميقة: دعوة مشتركة من الشخصيتين الدينيتين إلى التعايش السلمي بين الديانات وبين الحضارات. وحسب متابعتي لكتابات ونشاطات الشيخ عبد آلله ولد بيه، فهذا هو الغرض من هذه الصورة التي تجمع الرجلين وهما يمسكان نفس المسبحة: بث روح التسامح بين من لا يتبعون نفس الديانة ولا يتبنون نفس الفكر أو المنهج.
وطبعا يشكل حسن نوايا الشيخ ونبل مقاصده وغزارة علمه عوامل فعالة في تبليغ الرسالة، لكنها من جهة أخرى لن تمنع مناوئيه واعداءه من استخدام صورته مع رئيس الفاتكان وغيرها للنيل منه. فالمتتبعون له يعلمون مدى عمق الهوة الفكرية المتزايدة التي تفصل بينه مع تيارات وتنظيمات تنشط تحت "راية الإسلام"، مثل: الإخوان المسلمون، الحركات السلفية، الحركات الجهادية... الخ. وكذلك مع الدول والهيئات الراعية لتلك الحركات.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: