ثرثرة أدبية: كانت عصافير وكان صنوبر*...

كان لي الشرف أن حضرت مساء أمس[i] في "بيت الشعر" محاضرة رائعة للأستاذ الدكتور محمد الأمين ولد مولاي إبراهيم تحت عنوان:

"القص القصير في موريتانيا، سؤال التجنيس وسردية الخطاب".

 تأتي هذه المحاضرة القيمة ضمن أنشطة "بيت الشعر" المشهودة في مجال المقاربات النقدية الباذخة، والأماسي و القراءات الشعرية الماتعة، التي تستضاف لها كوكبة من المبدعين الشباب و الشبات المنشغلين و المنشغلات بحقل الأدب العربي في موريتانيا، و يحضرها جمهور من المهتمين من مختلف الأجيال يرى فيها المتنفس الفريد عن هموم المدينة و صخبها و لغطها وغبارها الذي تتكدس ذراته شيئا فشيئا على قلوب المتأدبين في عاصمة فتية لم تكتمل بعد فيها معالم المدينة الفاضلة كما يراها أستاذنا الباحث، من وجهة نظره النقدية الحصيفة و نحن على ذلك من الشاهدين.

إلى جانب أستاذي المبجل، ظهرت نجمة مضيئة مفعمة بطموح وهمة لا تضاهى.. إنها الكاتبة القاصة الثرثارة الأستاذة: نزيهة اليدالي حسن.

ولا أخفيكم سرا، كم كانت دهشتي كبيرة، وإعجابي منقطع النظير ببهاء كلمات هذه الناثرة المبدعة، صاحبة القلم السيال الذي كان خجولا مرة ثم خرج من عقاله ليأسر عيون القراء ويروي خواءهم الأدبي، ويضفي مسحة من الفضول ونهم القراءة على نفوس المتذوقين للأدب الرفيع، أمثالي.

تحدث الدكتور المحاضر، وتحدثت الكاتبة، وتحدث الشاعر الشاب المؤطر والمؤطر، محمد ولد إدومو، فكانت في "البيت" سنابل وورود، "وكانت عصافير وكان صنوبر"...

ومن أطرف ما لفت انتباهي في مقاربة الدكتور المحاضر، أن محاضرته كانت مثالا حيا على سلسلة التحديدات المفاهيمية التي أطلقها خلال العرض، فجمع بين الإمتاع والمؤانسة ومأتى الحسن، وتكثيف المتخيل، والتبئير، والزمن، حتى تجلت أدبية الأدب (ما يكون به الأدب أدبا) كامرأة من الرخام عارية أمام جمهور عاطفي مسكون بحب السرد وقراءة التاريخ...

أما الكاتبة "الثرثارة" الأستاذة نزيهة اليدالي حسن، فقد أبهرتنا بحديثها الرائق الماتع عن قصتها مع القلم وخوفها من الرقيب وتوجسها من تهمة الثرثرة، وقدمت من خلال جهازها القرائي الكاشف قراءتها المتفردة لمجموعتها القصصية "ثورة غباء" التي كان لي الشرف أن حضرت تقديمها ذات مساء من مساءات شاي الأربعاء في "مقهى الأدب".

فتحية إجلال وإكبار لأستاذي محمد الأمين بن مولاي إبراهيم؛

وتحية تقدير وإعجاب للكاتبة نزيهة اليدالي حسن؛

وتحية تقدير واحترام للشاعر المبدع محمد ولد إدومو؛

وتحية من أجل التحايا وأقدسها لأستاذنا الجليل صاحب "بيت الشعر" الدكتور عبد الله السيد، شفاه الله وحفظه وآنسه بقربه.

ولي عودة إلى "ثورة غباء" بعد أن يستتب الهدوء ويعم الصفاء وتنقشع الغمة إن شاء الله.

 

 

 

*هيئة تحرير "موريتانيا المعلومة" هي من وضعت هذا العنوان بعد إضافتها تعديلا على العونان الأصلي الذي وضعه المؤلف، وهو: "ثرثرة أدبية"

[i] تم نشر النص يوم 06 سبتمبر 2024 - أي.06 من الشهر الجاري. (انظر المصدر).

2. المصدر: (اضغط: هنا.)

تصنيف: 

دخول المستخدم